المغالاة في المهور جمعية التنمية الأسرية الخطبة الثانية
كاتب الموضوع
رسالة
ابو شنب المدير العام
عدد المساهمات : 10023 نقاط : 26544 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2015
موضوع: المغالاة في المهور جمعية التنمية الأسرية الخطبة الثانية الثلاثاء فبراير 28, 2017 8:42 pm
المغالاة في المهور جمعية التنمية الأسرية الخطبة الثانية
الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض، ومن فيهما وما بينهما، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، خلق كلَّ شيء بحكمة ولحكمة، وخلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودَّةً ورحمة. وأصلِّي وأسلِّم على خير خلقه محمَّد الرسول النبي الأمِّي، الذي عبدالله حقَّ عبادته، ونفذ أحكام شريعته، صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومَن اقتفى أثره من بعده إلى يوم الدين. وبعد: أيها المسلمون: إنَّ ظاهرة غلاء المهور لها أسباب كثيرة، ولعلَّ أبرزها وأهمها: • رَغبة الزَّوج في الظهور بمظهر الغَني القادر على تكاليف الزواج، وحرصه على إرضاء أولياء الزوجة، وقد حذَّر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الشبابَ من هذه الظاهرة، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي تزوجتُ امرأة من الأنصار، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((هل نظرتَ إليها؟ فإنَّ في عيون الأنصار شيئًا))، قال: قد نظرتُ إليها، قال: ((على كم تزوَّجتَها؟))، قال: على أربع أواقٍ، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((على أربع أواقٍ؟! كأنَّما تنحتون الفضَّةَ من عُرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك))[13]. إخوة الدين والعقيدة: إنَّ عدم إدراك بعض الأولياء لقيمة الزَّواج وأهدافه الرئيسية؛ كالسكن والرَّحمة والمودَّة، وكالاستمتاع والإنجاب، وتربية الأولاد الصالحين، والتقارب الاجتماعي، وغض البصر وحفظ الفرج، وإشاعة الفضيلة والحد من الرَّذيلة في المجتمع، وغيرها من الأهداف - يقحِم كثيرًا من الأولياء إلى المغالاة في المهور، والجدير بهم كمسلمين أن يَستشعروا ويستحضروا هذه الأهداف النَّبيلة، لتكون لهم دافعًا لتحصين الشباب وتزويجهم. عباد الله: • من الأسباب التي تجرُّ إلى المغالاة في المهور: تغيُّر النظرة إلى الزوج الكفء، فربَّما نظر البعض إلى أنَّ الكفاءة هي المال، فتصبح عمليَّة الزواج عمليَّةَ بيع وشراء، الرَّابح فيها من يكسب المالَ الكثير. والشارع اعتبَر في الزَّوج خصلتين عظيمتين؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب إليكم مَن ترضَون دِينَه وخُلقَه، فزوِّجوه؛ إلَّا تَفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)). والعجب كل العجب ممَّن يزوِّج ابنته مَن لا يصلي ولا يخاف ربَّه من أجل غناه وكثرة ماله، في الوقت الذي يرفض الرجلَ الصالح لعدم غناه. • أيها المسلمون: من أسباب المغالاة في المهور: التقليد الذي سلَب الناسَ تفكيرهم، فما عمله فلان، لا بد أن يعمله هو وزيادة. أفلا يَقتدي هؤلاء بما عمله الرَّحمةُ المهداة صلى الله عليه وسلم؟ أفلا يتأسَّى هؤلاء بما فعله الصَّحابةُ الكرام رضوان الله عليهم أجمعين؟ إخوة الإسلام: إنَّ مشكلة غلاء المهور تَحتاج إلى نيَّة صادقة، وهمَّة عالية، ونبذ العادات والتقاليد، والانقياد إلى كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بالصَّحابة الكرام والسَّلف الصلح رضوان الله عليهم أجمعين. ولقد ضرَب النَّبي صلى الله عليه وسلم لأمَّتِه المثلَ الأعلى في ذلك، حتى ترسخ في المجتمع النَّظرةُ الصَّادقة لحقائق الأمور، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر. روى أبو داود والنَّسائي - واللَّفظ له - عن ابن عباس أن عليًّا قال: تزوَّجتُ فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله، ابنِ بي - وهو الدخول بالزوجة - قال: ((أعطِها شيئًا))، قلت: ما عندي من شيءٍ، قال: ((فأين دِرعُك الحُطَميَّة؟))، قلت: هي عندي، قال: ((فأعطِها إياه))[14]. فهذا كان مَهر فاطِمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدة نساء أهل الجنة، وهذا يؤكِّد أن الصَّداق في الإسلام ليس مقصودًا لذاته.
هي بنت مَن؟ هي زوجُ مَن؟ هي أمُّ مَن؟
من ذا يساوي في الأنام عُلاها؟
أمَّا أبوها فهْو أشرَفُ مرسَلٍ
جبريلُ بالتَّوحيد قد ربَّاها
وعليُّ زوجٌ لا تسَل عنه سوى
سيف غدا بيمينه تيَّاها
فيا عباد الله: اتَّقوا الله، وساهموا في بناء مجتمعكم بناء صحيحًا، عبر تشجيع الزَّواج فيه ودعمه، وتخفيف عبئه وتكاليفه. وصلوا وسلِّموا على أشرف نبيٍّ وأكرم هادٍ، واذكروا الله العليَّ العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون. والحمد لله رب العالمين.
[1] أخرجه أبو داود (2050)، والنسائي (3227)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (6/ 192). [2] أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 198)، رقم (2742)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (6/ 345). [3] أخرجه الترمذي (1084)، وابن ماجه (1967)، واللفظ للترمذي، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (2/ 200). [4] أخرجه البخاري (5149)، ومسلم (1425). [5] أخرجه البخاري (5176)، ومسلم (1427). [6] أخرجه مسلم (1426). [7] أخرجه أبو داود (2106)، والترمذي (1114)، وصححه الألباني، إرواء الغليل (6/ 347). [8] أخرجه النسائي (3341)، وصححه الألباني. [9] زاد المعاد (5/ 160). [10] سير أعلام النبلاء (4/ 233، 234).
[11] أخرجه البخاري (5122). [12] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (8/ 2581)، بسند مرسل. [13] أخرجه مسلم (1424). [14] أخرجه أبو داود (2125)، والنسائي، (3375)، وصححه الألباني.
المغالاة في المهور جمعية التنمية الأسرية الخطبة الثانية