همس الحياه
همس الحياه
همس الحياه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همس الحياه

موقع اسلامى و ترفيهى
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول

 

 الطريق إلي فتح مكة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو شنب
المدير العام
المدير العام
ابو شنب


عدد المساهمات : 10023
نقاط : 26544
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/12/2015

الطريق إلي فتح مكة Empty
مُساهمةموضوع: الطريق إلي فتح مكة   الطريق إلي فتح مكة Emptyالسبت فبراير 27, 2016 9:06 am

الطريق إلي فتح مكة
إذا أراد الله شيئًا هيَّأ له كل الظروف حتى يتمَّ هذا الشيء، شريطة أن يبذل الإنسان كل ما في وسعه، ويأخذ بالأسباب، وينصر الله حتى ينصره الله، يقول : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

وسوف نرى تهيئة الظروف والأسباب أمام الرسول ، حتى يقوم المسلمون بفتح مكة المكرمة. وبعقد مقارنة سريعة بين المسلمين وبين قريش، نرى الفارق الكبير بين الدولة الإسلامية وقوتها وبين الدولة المشركة وضعفها، بل احتضارها؛ فقد تهيأت عدة عوامل ساعدت المسلمين في القيام بهذا الفتح العظيم لمكة المكرمة، وهي:

1- الوضع السياسي والعسكري للمسلمين قبل فتح مكة:

كان الوضع السياسي والعسكري للمسلمين قبل فتح مكة قويًّا فعلاً؛ فأعداد المسلمين تتزايد، والجيش الإسلامي مدرب تدريبًا جيدًا، وليس تدريبًا في لقاءات وهمية، ولكن في لقاءات حقيقية مع اليهود والمشركين، بل مع الرومان في مؤتة، كانت معنويات الجيش الإسلامي في السماء كما رأينا؛ فقد ارتفعت معنويات الجيش الإسلامي، وارتفعت سمعة المسلمين على مستوى الجزيرة العربية بكاملها، بل على مستوى العالم بأجمعه.

وأصبحت الدولة الإسلامية لها علاقات قوية جدًّا مع أكثر من مملكة من ممالك الأرض؛ فاليمن أصبح مسلمًا، وعُمان دخلت في الإسلام، وكذلك البحرين، وهناك علاقات مع الحبشة، وعلاقات مع مصر، فالوضع قوي ومستقر للدولة الإسلامية في ذلك الوقت.

2- الوضع العسكري والسياسي لقريش قبل فتح مكة:

على الجانب الآخر كان الوضع العسكري لقريش ضعيفًا، ويزداد ضعفًا مع مرور الوقت، والرسول كان يرى هذا الكلام من عامين وأكثر، ولا ننسى في صلح الحديبية أنه قال في المفاوضات: "وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ"[1].

وبعد رجوع الأحزاب إلى قبائلهم، قال الرسول : "الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ"[2]؛ لأن الرسول يرى الدولة الإسلامية في علوٍّ واضح، وقريش في هبوط واضح.

والوقت الذي مر بعد صلح الحديبية لم يكن في صالح قريش، ورأينا المسلمين يتزايدون، وكل رجل أو امرأة يتحول من الكفر إلى الإيمان هو إضافة إلى الدولة الإسلامية، وفي نفس الوقت نقص في الدولة الكافرة. وأحلاف قريش قليلة جدًّا، والآن تكاد تكون محصورة فقط في بني بكر، وعلاقة قريش بهذا الحليف ليست قوية، وكان بين قريش وبني بكر عداءات كثيرة، ومن أيام بدر وهذا الصراع موجود، وهذه العلاقة بين أهل الباطل -بين قريش وبني بكر أو أي حليف آخر- من الممكن أن تتغير من حال إلى حالٍ أخرى في وقت سريع وعاجل إذا تغيرت المصالح.

ولعل قريشًا إذا أخذت موقفًا عسكريًّا معينًا تأتي بنو بكر وتخالف هذا الموقف، وتعتذر لخزاعة وللمسلمين، وتفك الحلف بينها وبين قريش، فهذا كله وارد ومحتمل، ورأت قريش في تاريخها ألف مرة أن هذا الحلف ضعيفٌ، والدليل على ذلك عندما فتحت مكة لم نجد أي مساعدة من أيِّ نوع من بني بكر لقريش ضد المسلمين، مع أن مقتضيات معاهدة الحديبية تلزم بني بكر بالدفاع عن قريش إذا دهمها المسلمون، فما بالك لو كانت بنو بكر هي السبب في المشكلة!! وما بالك لو كانت قريش أعانت بني بكر! فكان ذلك كله من المفروض أن يجعل بني بكر تساعد قريش في أزمة الفتح، ولكن لم نرَ ذلك، وهكذا المعاهدات العلمانية غير القائمة على عقيدة.

أما على الجانب الآخر كان الجيش الإسلامي وحدة مترابطة يجمعها رباط واحد، وهو رباط العقيدة، والرسول يرى هذه العلاقات القوية في جيشه.

كان الموقف العسكري لقريش في أزمة كبيرة؛ لأن قريشًا قد فقدت مجموعة من أعظم قادتها منذ شهور قليلة فقط، وهذا تمهيد رباني للفتح، فهذا خالد بن الوليد الذي كان سببًا في انتصار غزوة أُحد، وقائد الفرسان الفذّ، والذي له سمعة في الجزيرة كلها، نرى هذا الرجل ينضم إلى المعسكر الإسلامي، وكسبه المسلمون، وكان مكسبًا كبيرًا جدًّا، وإضافة هائلة للدولة الإسلامية.

وعمرو بن العاص وهو من أعظم دهاة العرب، فقدت قريش قوته، وأضيفت قوته للمسلمين. وكذلك عثمان بن طلحة، ليس من الفرسان الأشداء فقط، ولكنه من بني عبد الدار، وحامل مفتاح الكعبة، وإضافته للدولة الإسلامية إضافة في غاية القوة، ورأينا عائلة عثمان بن طلحة قد أبيدت كلها من حول راية المشركين في موقعة أُحد تدافع عن راية المشركين. وبنو عبد الدار لهم تاريخ طويل مع قريش في الدفاع عن حرمات قريش، والآن نجد زعيم هذه العائلة عثمان بن طلحة ينضم إلى المسلمين، وليس بعيدًا أن كل بني عبد الدار تنضم إلى المسلمين في اهتزاز واضح جدًّا للصفِّ المشرك.

نرى الرسول وهو يحلل الموقف يرى سمعة كبيرة، ووضعًا كبيرًا للدولة الإسلامية، ويرى على الناحية الأخرى ضعفًا لقريش مع مرور الوقت، وهذا الضعف يزداد، والأحلاف تَقِلّ، والجنود يقلون، والقادة يُفْقدون لصالح المسلمين.

3- تناقص أعداء المسلمين وضعف شوكتهم:

تناقص أعداء المسلمين في ذلك الوقت، وضعفت شوكتهم، ورأينا اليهود قد انتهى خطرهم تقريبًا بعد فتح خيبر، ورأينا غطفان لم ينتهِ خطرهم فحسب، بل جاءت وفودهم تعلن الإسلام، وتعلن أنها ستنضم لقوة المسلمين. سبحان الله! غطفان شاركت منذ عامين فقط في حصار المدينة المنورة المؤمنة، والآن سوف تشارك في حصار مكة المشركة في ذلك الوقت، وستأتي جيوش غطفان لتحاصر مكة مع المسلمين.

4- شرعية وقانونية المسلمين في فتح مكة:

أصبح الوضع القانوني والشرعي للمسلمين إذا أرادوا فتح مكة وضعًا سليمًا، فليس هناك أحد ينكر عليهم ذلك أبدًا، فهذه فرصة سانحة لفتح مكة، قد لا تتكرر بسهولة؛ لذلك لا يجب أبدًا أن تضيع هذه الفرصة، وفتح مكة مطلب مهم للمسلمين، ومعاهدة الحديبية كانت تعوق فتح مكة، أما الآن فقد نُقضت المعاهدة، وديار المسلمين وأموال المسلمين وأراضي المسلمين المنهوبة في داخل مكة ما زالت إلى الآن منهوبة، وهناك فرصة لاستعادة كل هذه الأمور المنهوبة من المسلمين. كما أن هناك فرصة لتعليم عوام الناس في داخل مكة الإسلام، إذا أزيحت الطبقة الحاكمة من كراسيها في مكة، وبذلك نفهم عدم تفاعل الرسول مع محاولات قريش لتجنُّب الحرب، وقرر الرسول أن ينتهز هذه الفرصة الثمينة، ويفتح مكة، وهي حكمة سياسية في منتهى الروعة.

5- واجب المسلمين الأخلاقي والديني والسياسي في القيام بفتح مكة:

كان هناك واجب أخلاقي وقانوني وسياسي على المسلمين في أن يقوموا بفتح مكة؛ هناك واجب أخلاقي برفع الظلم عن المظلومين، فخزاعة ظُلمت، ولا يجب أن تترك هكذا. ثم إن هذا الواجب ليس أخلاقيًّا فقط، بل هو واجب شرعي وقانوني؛ أي فُرض على المسلمين أن يساعدوا خزاعة؛ لأنه التزام إسلامي مؤكد في صلح الحديبية، فكيف يتخلى عنهم المسلمون؟

والمسلمون ليس لهم اختيار في ذلك الأمر طالما قد عاهدوا بشيء، فعليهم الوفاء بعهودهم، والمعاهدة مع خزاعة تقضي بأن ينصروهم إذا انتهكت حرماتهم، وقد انتهكت وفي داخل الحرم.

فلماذا لا يتحرك المسلمون؟

لا بد أن يتحركوا، خاصةً أن معاهدة الحديبية تقول: إن الاعتداء على خزاعة هو اعتداء على المسلمين. حتى وإن كانت خزاعة مشركة، إنه واجب شرعي وقانوني، يجب على المسلمين أن يجتهدوا في ردِّ الحق لأصحابه، ونُصرت خزاعة، ورفع الظلم عنها.

وفي الوقت نفسه واجب سياسي مهم؛ لأن كرامة الدولة الإسلامية قد انتهكت أيضًا؛ لأن هؤلاء الذين قُتلوا هم حلفاء المسلمين وإن كانوا مشركين، ومن ثَمَّ لا بد من وقفة مناسبة لحفظ كرامة الدولة الإسلامية، والرسول يرى أن هذه الوقفة يجب أن تكون فتح مكة.

تضافرت أمور كثيرة حتى أصبح الوضع مناسبًا وقويًّا لفتح مكة. وتعالَوْا نرجع لنعيد جمع هذه الأوراق، وتحليل الموقف، نجد أن الوضع العسكري والسياسي للدولة الإسلامية قوي متقدم، والوضع العسكري والسياسي للدولة الكافرة في مكة ضعيف متأخر، وأن الأعداء الآخرين للدولة الإسلامية قد استكانوا مثل اليهود وغطفان وغيرهم، وأصبح الوضع القانوني إذا أراد المسلمون فتح مكة سليمًا تمامًا، وهناك واجب أخلاقي وشرعي وسياسي على المسلمين لصالح خزاعة لا بد من القيام به. فهذا هو الواقع الذي حلله الرسول في لحظة واحدة، فقال : "نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ"[3].

وبدأ التجهيز لفتح مكة المكرمة.

إذن، إذا أخذ الرسول قرار فتح مكة المكرمة في هذه الظروف، فسيكون قرارًا حكيمًا يحقق عدة مصالح دعوية وسياسية وأخلاقية وعسكرية وغيرها، ولكن هذا ليس قرارًا سهلاً، هذا من أصعب القرارات؛ لأن مكة ليست أي بلد، فمكة هي عقر دار قريش، ولها تاريخ طويل، وقريش ليست بالقبيلة السهلة، فهي أعز قبيلة في العرب، والعرب جميعًا يوقِّرونها، وقد يغيِّر الكثير من الناس مواقفهم إذا هُدِّدت قريش في عُقْر دارها، وخاصةً أن عقر دار قريش هو البلد الحرام (مكة)؛ إذ لهذا البلد مكانة هائلة في قلوب جميع العرب؛ فالقرار جريء جدًّا، وقد تكون له تبعات هائلة جدًّا. وفي الوقت نفسه كثرة التفكير والتروِّي أكثر من اللازم قد تضيع الفرصة، فلا بد أن نأخذ قرارًا حازمًا، وأخذ الرسول القرار بحسم وقوة، وقرر فتح مكة.

الرسول يقرر فتح مكة
هذا القرار السريع ليس قرارًا متهورًا، بل إن القرار مدروس بحكمة، وذكرنا الواقع الذي كان فيه المسلمون والمشركون، ولكن نريد أن نلفت الأنظار إلى شيء على جانب كبير من الأهمية، ساعد الرسول على اتخاذ القرار، هذا الشيء هو الاستعداد الدائم.

فعلى الإنسان أن يكون مستعدًّا، فهناك فرص كثيرة جدًّا تأتي للإنسان، ولكن لا يمكنه أن يستغل هذه الفرص؛ لأنه غير مستعد، والرسول وصحابته الكرام كانوا مستعدين بصفة مستمرة؛ فالجيش مدرب ومنظم وعلى أُهْبَة الاستعداد، والشعب مهيَّأ لقضايا القتال والبذل والتضحية، والزوجات يدفعن أزواجهن للتضحية والجهاد، حتى الأولاد الصغار يعيشون هذا الجو باستمرار، ويتشوقون إلى الجهاد كما يتشوق إليه الكبار.

فلو فرضت على الناس حرب وهم على غير استعداد لها، وقضايا الجهاد غير مطروحة في حياتهم فستكون الطامَّة الكبرى؛ لأن الشعب المترف الغارق في الملذات والغِنَاء واللعب، من الصعب أن يقف موقفًا مشرفًا في أي أزمة من الأزمات، ولكن الرسول كان يربي صحابته الكرام، وهم مُجَهّزون دائمًا؛ لذلك استغل الرسول هذا الظرف الطارق، والفرصة الثمينة.

وكان الوضع الاقتصادي للدولة الإسلامية في تحسن مستمر، والتنمية في كل المجالات على أحسن ما يكون، والمسلمون ينتجون ما يحتاجونه، ولا يخافون من قطع العلاقات الدبلوماسية، وكانت المخابرات الإسلامية هنا وهناك، تقوم بدورها على أفضل ما يكون؛ فالحاكم والمحكوم، والوزير والخفير، والكبير والصغير، والرجل والمرأة، الكل يشعر بانتماء حقيقي غير مفتعل للبلد وللدين، إنه ليس مجرد شعار أجوف يقوله هذا أو ذاك، وليس مجرد خطاب سطحي مخادع للمحكومين، ليس الانتماء أن تذهب لمشاهدة مباراة كرة قدم، وترفع العلم، وتحزن لو حلت الهزيمة بفريقك، ولكن الانتماء أنك تكون مستعدًّا، وأن تدفع روحك فداءً لبلدك، والانتماء أنك لا تفقد دقيقة من عملك، وتقول: يكون إتقاني لعملي بحسب ما يعطونني من مال.

الانتماء أن تحب الجيش، ولا تهرب منه، وأن تحافظ على أموال البلد ولا تختلسها، أو تعتبرها مالاً عامًّا وتستحلها لنفسك، وتقول: يجوز الأخذ منه.

الانتماء يقاس في ميدان الجهاد، وفي المصنع، وفي الجامعة، وفي الحقول، وفي المعامل.

وشعب المدينة قد زرع فيه الرسول الانتماء؛ لذلك استطاع أن يقف ويجاهد مع الرسول في أي وقت يريده الرسول .

هذا الانتماء الحقيقي، وهذا الاستعداد الدائم، من أهم مفاتيح استغلال الفرص السانحة؛ لذلك استطاع الرسول أن يأخذ القرار بدون تردد، فقد عرف أن شعبه وجيشه معه، والعلاقات الدبلوماسية معه، وهكذا نرى السيرة النبوية منهجًا عمليًّا واقعيًّا للتغيير.

إذن كان قرار الحرب، وقرار فتح مكة من أخطر القرارات في تاريخ الجزيرة، بل في تاريخ العالم، وسوف نرى آثار هذا الفتح تشمل -تقريبًا- مساحة الأرض كلها.


[1] البخاري: كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (2581).

[2] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (3884).

[3] ابن قيم الجوزية: زاد المعاد 3/396.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://help.forumcanada.org
 
الطريق إلي فتح مكة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
همس الحياه :: المنتدى : الإسلامى العام :: قسم : السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: