همس الحياه
همس الحياه
همس الحياه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همس الحياه

موقع اسلامى و ترفيهى
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول

 

 نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو شنب
المدير العام
المدير العام
ابو شنب


عدد المساهمات : 10023
نقاط : 26544
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/12/2015

نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب   Empty
مُساهمةموضوع: نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب    نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب   Emptyالجمعة فبراير 26, 2016 7:36 pm

نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب
أهمية دراسة التاريخ
غزوة الأحزابلا شك أن دراسة التاريخ من أهم الأمور في حياة البشر بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة, لأنه أمر إلهي مباشر في كتاب الله قال I: {فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].

ولا شك أن أروع القصص وأهمها هي قصة الرسول ليس فقط لأحداثها الشائقة أو مواقفها العجيبة، ولكن لأن السيرة النبوية جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي, فقد كان قرآنًا يمشي على الأرض، وكانت حياته تطبيقًا عمليًّا لكل توجيه رباني في الكتاب الكريم, ثم إن اتباع سنته المطهرة وطريقته في الحياة أمر ضروري للوصول إلى دخول الجنة والله قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

ولا يمكن اتباع من لا تعرف سيرته وحياته.

مرحلة الانتشار والفتح والتمكين
تحدثنا عن مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة التي بدأت من الهجرة وانتهت بانتهاء غزوة الأحزاب، وكانت مرحلة التأسيس هذه رحلة شاقة مرهقة تعددت فيها أنواع الصدام مع أعداء الأمة الذين حاولوا بكل طاقتهم منع الدولة الإسلامية من القيام, ولكن بفضل الله نجح المسلمون بقيادة الرسول في تأسيس دولتهم برغم كل هذه المعوقات.

وبانتهاء غزوة الأحزاب انتهت هذه المرحلة المهمة لتبدأ مرحلة أخرى لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة, عبر عنها بقوله الدقيق الذي يعبر عن دراية كاملة بوضع العالم من حوله: "الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا, نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ".

فالدولة بفضل الله أصبحت قوية لدرجة تمنع استئصالها, وبدرجة تمنع الآخرين من التفكير في غزو المدينة.

وهذه المرحلة الجديدة نستطيع أن نسميها مرحلة الانتشار والفتح والتمكين, وسينتشر فيها الإسلام بسرعة مذهلة ليس فقط في الجزيرة العربية، بل حولها, سيتطور الأمر بعد وفاة الرسول ، لينتشر الإسلام في ربوع العالم المختلفة، إنها طبيعة بناء الأمة الإسلامية تبدأ شاقة وعسيرة فيقف كل الأعداء على اختلاف توجهاتهم في حربها، ثم تخرج الأمة من عنق الزجاجة في وقت ما لتبدأ مرحلة الانتشار والفتح والتمكين, وهكذا في ذي القعدة سنة 5هـ رحلت الأحزاب, وفي نفس الشهر بدأ المسلمون مرحلتهم الجديدة, حملات عسكرية متتابعة سريعة بهدف رئيس، وهو تأديب وعقاب أولئك الذين غدروا بالمسلمين في حوادث أخرى سابقة للأحزاب، ليعلم الجميع أن انتهاك حرمات الأمة الإسلامية لا يمر هكذا دون عقاب.

لقد كانت حملات عسكرية مكثفة بمعدل حملة كل عشرين يوم تقريبًا, وكان فيها إرهاق شديد على الدولة الإسلامية الناشئة, ومع ذلك هو إرهاق لا بد منه؛ لأن الأمة التي لا تجاهد تصاب بالذل.

روى أبو داود عن ابن عمر أن رسول الله قال: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعَيْنَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ".

واهتزاز صورة المسلمين, وذلهم لا يؤدي فقط إلى التهديد المستمر للدولة الإسلامية، ولكن يؤدي أيضًا إلى فقدان الثقة في الدين الإسلامي نفسه, فيقول الناس لو كان هذا الدين عظيمًا لكافح من أجله أصحابه, ولو كان هذا الدين عظيمًا لفرض نفسه على الأفكار الأخرى المعارضة له، ولسكن في الأرض وساد الآخرين؛ ولذلك جعل الله من دعاء المؤمنين أن يقولوا: {فَقَالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: 85].

وذلك لأن هذه الفتنة قد تكون نتيجة الوضع المتردي للمسلمين في فترة من فترات حياتهم، فيفر الناس من الإسلام ويهجروه لعدم ثقتهم في المسلمين.

قتل سلام بن أبي الحقيق
بدأ الرسول الجهاد في سبيل الله مباشرة بعد رحيل الأحزاب, وأول ما بدأ بدأ بأولئك الذين حركوا جموع العرب لغزو المدينة وبالتحديد اليهود، وبخاصة زعماؤهم، وأهم هؤلاء الزعماء كان حيي بن أخطب, وسلام بن أبي الحقيق, وقد تم قتل حيي بن أخطب مع يهود بني قريظة في أعقاب غزوة الأحزاب مباشرة. وبعد قتل حيي بن أخطب تحتم على المسلمين أن يذيقوا سلام بن أبي الحقيق من نفس الكأس التي كان يريد أن يذيقه للشعب المسلم بكامله.

ومن ثم أرسل رسول الله سرية لاغتيال سلام بن أبي الحُقيق في خيبر وهي تبعد عن المدينة مائة وخمسين كيلو مترا شمال المدينة وكان على رأس هذه السرية عبد الله بن عتيك , وكانت هذه السرية بكاملها من الخزرج، وكانت هذه السرية في شهر ذي الحجة سنة 5هـ، أي بعد رحيل الأحزاب بأقل من شهر ويتضح فيها الفكر السياسي والفكر العسكري الدقيق لرسول الله ؛ لأنه بهذه السرية يقضي على رءوس الفتنة ومجرمي الحرب ومحركي الجموع، وبالتالي يستطيع بعد ذلك أن يسيطر على الأمور بصورة أيسر وبطريقة أسرع.

ونجحت سرية عبد الله بن عتيك في قتل سلام بن أبي الحُقيق، وتخلص المسلمون من رأس كبير من رءوس الفتنة, وكانت خسارة فادحة لليهود، وبالذات أنها جاءت بعد التخلص من بني قريظة بأيام قليلة وبات واضحا أن الدولة الإسلامية في طريقها للنمو والقوة وأن نجمها سيعلو في الجزيرة العربية بكاملها، وكان لا بد للرسول أن يستغل هذه النجاحات المتتالية في الأحزاب وبني قريظة، وفي اغتيال الزعيم اليهودي سلام بن أبي الحقيق، فقام الرسول بنشر القوات الإسلامية في الجزيرة العربية كلها لتأديب وعقاب القبائل الذين اشتركوا في إيذاء المسلمين قبل ذلك، ورصد التجمعات التي تجمع من جديد لحرب المسلمين.

سرية محمد بن مَسلمة
وبدأت هذه الحملات مبكرًا بمجرد عودة سرية عبد الله بن عتيك من خيبر، وكانت أولى هذه الحملات هي سرية محمد بن مسلمة إلى منطقة تعرف بالقرطاء على بُعد من المدينة المنورة أكثر من ثلاثمائة كيلومتر، وكانت هذه السرية موجهة إلى بطن بني بكر بن كلاب وكانت من قبائل نجد التي اشتركت في حصار المدينة في غزوة الأحزاب.

وسبحان الله! مع أن هذه السرية كانت مكونة من ثلاثين فارسًا فقط إلا أنها حققت نتائج عظيمة لا تتناسب مطلقًا مع عددها الصغير, فقد ألقى الله الرعب في قلوب بني بكر، وفر معظمهم من أمام السرية وتفرقوا في الصحراء، وقتل منهم عشرة واستاق محمد بن مسلمة وسريته عددًا كبيرًا من الإبل والشياه بلغ مائة وخمسين من الإبل وثلاثة آلاف من الشياه، وكان من آثار هذه السرية أن ارتفعت هيبة المسلمين في قلوب الأحزاب هنا وهناك، وتحسن الوضع الاقتصادي في المدينة المنورة، وبالذات أن المسلمين خرجوا من أزمة الأحزاب في حالة شديدة الفقر والجوع، وارتفعت معنويات المسلمين وشعروا بشعور المهاجم لا شعور المدافع، كل هذه كانت آثار إيجابية لهذه السرية البسيطة, غير أن هناك أثرًا عظيمًا آخر من أعظم الآثار مع أنه لم يكن مقصودًا كما يقولون: رمية بغير رام.

أسر ثمامة بن أثال ودخوله في الإسلام
المسلمون عند عودتهم من أرض نجد أسروا رجلا كان بالمنطقة، ولم يكونوا يعرفونه، وأتوا به إلى المدينة وفوجئوا أن هذا الرجل هو ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة، وهو من أعظم وأكبر زعماء العرب في ذلك الوقت، وكانت هذه نقطة إيجابية في هذه السرية ليس فقط للصيد الثمين الذي وقع في يد المسلمين؛ ولكن للآثار الحميدة مع هذا السرية التي ترتبت على الإمساك بهذا السيد الكبير.

ولننظر ماذا حدث مع هذا الأسير؛ لقد ربطه المسلمون في سارية من سواري المسجد النبوي، وخرج له رسول الله وسأله: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةَ؟".

ولنتخيل حلم الرسول وهو يخاطب رجلا يعلم أنه جاء من أقصى البلاد ليقتله.

ما عندك يا ثمامة؟ ماذا تتوقع مني يا ثمامة؟

فقال ثمامة: "عندي خير يا محمد". ثم عرض عليه ثلاثة أمور فقال: "إن تقتل تقتل ذا دم". يعني إن قتلتني فورائي قبيلة كبيرة وهي قبيلة بني حنيفة ستأخذ بثأري، ولن يضيع دمي هدرًا.

"وإن تنعم تنعم على شاكر". يعني لو أطلقت سراحي فسأحفظ لك هذا الجميل وأشكره لك.

"وإن كنت تريد المال فسَلْ تُعطَ ما شئت". يعني إن طلبت المال كفدية سنعطيك منه ما تشاء.

وكان ثمامة من أغنى أغنياء العرب، تخيل هذا العرض، والمدينة في حالة من أشد حالات الفقر، فهذه اختيارات ثلاثة عرضها ثمامة على رسول الله وآثر رسول الله ألا يرد عليه سريعًا في هذه الاختيارات، وتركه مربوطًا في سارية المسجد يشاهد حركة المسلمين وتعاملهم وصلاتهم ودروسهم، يرى واقع المسلمين وحياة المسلمين وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكومين وبين الأخ وأخيه، تركه يرى الإسلام بصورة واقعية ثم عاد إليه في اليوم التالي فسأله نفس السؤال: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةَ؟".

فرد عليه بنفس الرد وعرض عليه الأمور الثلاثة، فتركه مرة أخرى، ثم جاء له في اليوم الثالث، وقال له: "مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةَ؟" فرد ثمامة بنفس الرد.

هنا اختار الرسول أحد الاختيارات الثلاثة فما هو؟ لقد وجد الرسول ثمامة رجلاً عاقلاً سيدًا شريفًا زعيمًا، ووراءه رجال وأقوام هو سيدهم، ثم إن الرسول لاحظ انبهار ثمامة بحياة المسلمين وبطبيعة دينهم.

وكان الرسول يدرك أن إسلام هذا الرجل محتمل لذلك قدم المعروف، لعل هذا يؤثر فيه فيسلم، وقد يسلم من وراءه أيضا بنو حنيفة، وكان إسلام هذا الرجل أحب إلى الرسول من أموال الدنيا؛ لذلك اختار رسول الله أن يطلق سراح ثمامة، هكذا بغير فداء، لقد أنعم عليه أملاً في أن يكون كلام ثمامة كلام صدق عندما قال: "إن تنعم تنعم على شاكر".

إن هذا التصرف في حسابات أهل الدنيا من السياسيين يعتبر غير مفهوم فالرسول يحكم دولة فقيرة وتخرج من أزمة اقتصادية طاحنة، ولو كان الرسول يريد الأموال الطائلة لطلب الأموال لفك أسر ثمامة، ولكن الرسول لم يكن يفكر في الدنيا بكاملها، إنما كان يفكر في الأساس في استنقاذ ثمامة من براثن الكفر إلى جنة الإيمان، ولا يفقه ذلك إلا سياسي مؤمن بالله I.

وقد كان ثمامة عند حسن ظن رسول الله ، فقد خرج مسرعًا من المسجد النبوي بعد فك قيوده، وانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل عنده, وواضح أنه كان قد سأل عن كيفية الإسلام، لكنه لم يرد أن يسلم وهو في قيده، لكي لا يتهم بالنفاق وأنه ما أسلم إلا خوفًا من الأسر، فانتظر حتى أطلق الرسول سراحه، ثم اغتسل وجاء بنفسه مختارًا إلى رسول الله حيث أعلن إسلامه بين يديه. إنها إرادة الله وفراسة النبي بإسلام هذا الصحابي الجليل.

إنه موقف رائع لثمامة بن أثال فهو لم يفكر في الرجوع إلى بلده للاستشارة وأخذ الرأي، وإنما هو قد رأى الحق ورغب فيه مهما كانت العواقب والنتائج.

لقد تحول ثمامة بن أثال من زعيم يتبعه الناس إلى تابع مطيع لدينه الحق، إنه إيمان عميق ومن أول يوم في إسلامه يقف ثمامة في خشوع أمام رسول الله يقول له: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلـيَّ من وجهك, فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليَّ, والله ما كان دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليَّ، والله ما كان بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ".

وهكذا في لحظات تبدلت المشاعر والأحاسيس والأمنيات والأهداف لثمامة بن أثال ، هذا هو الإسلام وهذا هو أثر المعاملة بالحسنى، والعفو، والتسامح، والرفق، والحلم.

أثر إسلام ثمامة على قريش
وكان ثمامة يريد العمرة، فقال ثمامة: يا رسول الله، إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ وكان ثمامة يريد أن يعتمر بعد قتل النبي ؟ فأمره الرسول أن يعتمر، فلما ذهب إلى مكة وعرف المشركون بإسلامه قال له أحد المشركين: صبأت؟ أي تركت العبادة الصحيحة مثل قولك لمؤمن: كفرت؟ فقال: لا والله، ولكني أسلمت مع محمد رسول الله .

إن ما كنت عليه من عبادة الأصنام كان هو الباطل، أما الآن فقد آمنت حقيقة لا صبوت.

لقد أخذ القرار في منتهى الجرأة والأهمية والتضحية لقد قال مخاطبا زعماء قريش: لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي .

إنه قرار عجيب، إنه قرار مقاطعة اقتصادية كاملة لأقوى قبيلة عربية في المنطقة, وفعل ذلك لأنها معادية للإسلام والمسلمين. إنها شجاعة من الصحابي الجليل فقراره فيه جرأة؛ لأنه سيواجه قريشًا بكل قوتها ورجالها وسلطتها وعلاقاتها وتاريخها.

والقرار من ثمامة فيه أهمية لأنه سيمنع الطعام عن مكة، وقد كانت اليمامة هي المصدر الرئيس لشعير وخبز مكة، حتى كان يطلق عليها ريف مكة، فهذا القرار فيه إيذاء كبير لمصالح مكة، وحصار اقتصادي لها مروع.

إنه قرار يحمل تضحية كبيرة من ثمامة ؛ لأنه ليس فقط سيواجه زعماء مكة أو يفقد علاقات مهمة، ولكن سيفقد كذلك ثروات ضخمة لأنه تاجر يعتمد على البيع والشراء، أما الآن فقد قرر أن يخسر هذه الأموال ويخسر هذه العلاقات وذلك كله في سبيل الله، فقد آثر ثمامة التجارة مع الله ، ويا لها من تجارة رابحة بإذن الله آثر ما عند الله علي أموال الحياة الدنيا.

ونجد كثيرًا من الناس يتعللون في أيامنا هذه أننا لا نستطيع أن نقاطع أعداءنا؛ لأننا سنفقد ثروات اقتصادية وسنخسر ماديًّا، ولكن هذه طبيعة الحروب، والانتصار لا يأتي إلا ببذل وتضحية وبخاصة لو كان في سبيل الله؛ لأن الذي نشتريه بجهادنا شيء ثمين نفيس وهو الجنة، فلا بد أن يكون المدفوع كثيرًا عظيمًا.

روى الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ".

وتمت المقاطعة بالفعل، ومنع ثمامة الغذاء عن مكة، وتأثرت مكة بشدة من المقاطعة وكادت أن تهلك, وفشلت محاولاتها في إقناع ثمامة بالعدول عن المقاطعة، ولكنه أصر على المقاطعة، وربط بين فك المقاطعة وموافقة النبي ، فلم تجد قريش حلا إلا أصعب الحلول في تخيلها وهو الذهاب إلى المدينة المنورة، واستعطاف الرسول ؛ ليأذن لثمامة بمعاودة التجارة مع قريش، وكان موقفًا عظيمًا يوم ذهبت قريش، وقد تنازلت عن كبريائها وغطرستها لتسأل الرسول وتطلب منه وترجوه وتستحلفه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة بن أثال ؛ ليسمح له بمعاودة التجارة مع مكة.

وهو موقف إيجابي من ثمامة بن أثال ، فهو لم يرض أن تعادي قريش المسلمين وتكيد لهم، وتعقد التحالفات للقضاء عليهم، ثم بعد ذلك يرسل البضائع والحبوب إليها، ولم ينكر عليه الرسول هذه المقاطعة، وفي ذلك رد على الذين ينكرون المقاطعة في وقتنا هذا مع أعداء الأمة.

وبالرغم من كل الأذى الذي أحدثته قريش بالمسلمين عامة وبالرسول خاصة سواء في مكة أو في المدينة، إلا أن الرسول الرءوف الرحيم رقَّ قلبه لقريش، ووافق على أمنية قريش وأرسل الرسول إلي ثمامة يأمره أن يتخلى عن المقاطعة الاقتصادية مع قريش، ففعل ثمامة .

أثر إسلام ثمامة على الدولة الإسلامية
لقد رفع هذا الموقف أسهم المسلمين إلى السماء فلم تعد دولة الإسلام ضعيفة مهيضة الجناح، مهددة من هنا وهناك، بل أصبحت دولة منتصرة تبسط سيطرتها على بقاع متعددة يرهبها الصغير والكبير، لها قوة اقتصادية، ولها علاقات دبلوماسية، في يدها مفاتيح لتغير الأوضاع في الجزيرة، وللتأثير على الجميع بما فيهم قريش ذاتها.

نعم، لقد كانت سرية محمد بن مسلمة بسيطة مكونة من ثلاثين فارسًا فقط، ولكن إذا أراد الله بالأمة خيرًا فلا رادَّ لفضله, ويأتي الخير بأخذهم الأسباب التي يتوقعها المسلم، بل يأتي من حيث لا يتوقع أصلاً، ألم يقل الله : {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://help.forumcanada.org
 
نشاط المسلمين عقب غزوة الأحزاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غزوة الخندق (غزوة الأحزاب)
» مواقف في غزوة الأحزاب
» أهمية غزوة الأحزاب
» غزوة الأحزاب .. قراءة معاصرة
» غزوة أحد بداية القتال ونصر المسلمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
همس الحياه :: المنتدى : الإسلامى العام :: قسم : السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: