قصة إسلام لويس جارديه
يعتبر لويس جارديه Louis Gardi من أبرز فلاسفة أوربا الذين درسوا الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية دراسة واعية ومتعمقة، وكان لويس جارديه منذ حداثته شغوفًا بمعرفة مبادئ الديانات السماوية. ومع أنه نشأ في أسرة كاثوليكية محافظة، إلا أن هاجسًا نفسيًّا كان يؤرِّقه، هو تلك الألغاز والأسرار التي يراها في ديانته؛ مما دفعه للبحث عن أصول الأديان الشرقية من بوذية وهندوكية وغيرها؛ لعله يصل إلى الحقيقة.
قصة إسلام لويس جارديه
شاء الله أن يقرأ لويس جارديه ترجمه لمعاني القرآن، فوجد فيها أمورًا كثيرة اطمأنَّ لها قلبه، فانجذب نحو الإسلام، وأخذ يتعمق رويدًا رويدًا في الإسلام، وتعلَّم العربية، وقرأ القرآن بالعربية، ثم اتجه إلى دراسة الحضارة الإسلامية، ووجد أن الإسلام هو ضالته المنشودة، فآمن به كعقيدة سماوية صحيحة (بقلبه)؛ لأنه كان على يقين من أن أولئك الذين اعتنقوا الإسلام وأشهروه في أوربا عانوا كثيرًا من العقبات التي واجهتهم، فكتم جارديه إيمانه بين جوانحه، وقَصَرَ جهده وعمله وماله وفكره على نصرة هذا الدين.
لاحظ لويس جارديه أن الصهيونية تقوم بشن حرب عدوانية ضد كل ما هو إسلامي في أوروبا، واستُخدمت فيها كل الوسائل العدوانية بدايةً من محاولات تحريف بعض آيات القرآن الكريم، وتصدير المصحف الشريف إلى مناطق إفريقية كثيرة بعد تحريفه، والقيام بتصميم ملابس داخلية وأحذية بنقوش ورموز إسلامية لها قدسيتها واحترامها في وجدان كل مسلم، والمساهمة في تشجيع الباحثين المتعصبين لنشر مؤلفاتهم ودراساتهم التي تقوم على تشويه صورة الإسلام، وإلصاق المثالب والرذائل بالمسلمين ورسولهم.
إسهامات لويس جارديه
قام لويس جارديه بالدفاع عن الإسلام وأصدر كتاب (المسلمون ومواجهة الهجمات الصهيونية)، كما أنه تفرَّغ لدراسة الفلسفة الإسلامية مدةَ خمسة عشر عامًا كاملة من (1957- 1972م) بمعهد الفلسفة الدولي بمدينة تولوز.
ووضع -أيضًا- عددًا من المؤلفات الإسلامية المهمة، مثل: كتاب المجتمع الإسلامي، وكتاب الإسلام لكل العصور، وكتاب الدين والمجتمع. ويُشرف على إصدار سلسلة من الدراسات الإسلامية، ويشارك في وضع الموسوعة الإسلامية باللغة الفرنسية.
ومن أشهر أعماله كتاب (الإسلام دين لكل العصور)، وفي هذا الكتاب يشرح كيف استطاعت القيم والمبادئ الإسلامية أن تستمر على مدى العصور والأجيال، وأن تظلَّ جديدة ومتجددة ومطلوبة ومؤثرة في كل عصر!!
وفي هذا الكتاب -أيضًا- يرفض جارديه ما زعمه بعض أصحاب النظريات الفلسفية من أن الإسلام (دين الصحراء)، ولا يصلح مع سواها من المجتمعات؛ فيردّ على هؤلاء الماديين بقوله: "إن الصحراء كانت مجرد المكان والمنطلق فقط لهذا الدين الجديد عندما جاء، فيها اكتملت أسسه، وفيها اتضحت معالمه ليصبح دينًا عالميًّا، ولم تكن الصحراء بأي حال من الأحوال مستقرًّا للشعوب الإسلامية، بدليل أن العالم الإسلامي يضمُّ اليوم ما يزيد على مليار مسلم، ويمتد من داكار في السنغال ليصل جزر الفلبين في المحيط الهندي".
لويس جارديه والدفاع عن الإسلام
يرد جارديه على الافتراءات التي يوجِّهها الغربيون ويروِّجونها ويرددونها عن الإسلام والمسلمين، والتي من بينها اتهام المسلم بأنه إنسان (قدريّ متواكل)، فيرد جارديه على ذلك بعشرات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض المسلم على العمل وإتقانه، وأنه يتحمل كامل المسئولية. ثم يرد الاتهام القائل بأنَّ الإسلام دين شعائر مظهرية وطقوس تؤدَّى بصرف النظر عن السلوك الحياتي، فيرد على ذلك بقوله:
"إن مثل هذه الأمور قد ظهرت في عصور الانحطاط، والحقيقة أن العبادات لا يمكن قَبولها إلا إذا كانت صادقة ومقترنة بالنوايا الخالصة".
وأيضًا يرد على ما يشيعه الغربيون عن الإسلام من أنه دين الخوف، فيرد على ذلك بأن الله في الإسلام هو (الرحمن الرحيم)، وأن بين الأسماء التسعة والتسعين -الأسماء الإلهية الحسنى- التي يرددها المسلمون لا يوجد سوى اسمين فقط يصفان الذات الإلهية بالجبروت والهول والعقاب، وهاتان الصفتان لا يستعمل معناهما إلا مع العصاة والكافرين.
إذن نلاحظ هنا مدى التحول الذي حدث في حياة لويس جارديه بعد دخوله الإسلام، إذ أصبح هذا الرجل يدافع عن الإسلام بكل ما يملك من قوَّة، بعد أن كان بالأمس القريب على غير ملَّة الإسلام. فسبحان الله الذي هداه إلى الإسلام!!