لماذا حذر النبي من الغضب؟
طالما اعتبر العرب أن الغضب شيء محمود، فالغضب من علامات القوة والعنفوان، ولذلك فإنه من غير الممكن تغيير هذه العادة التي اعتُبرت حقاً مشروعاً وبخاصة لكبراء القوم. والمنطق يفرض – بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن محمداً يدعي أنه رسول الله – أن يوافقهم على ما هم فيه، وأن يشجعهم على مزيد من الغضب... ولكن هل فعل ذلك حقاً؟
الذي كشفه العلم الحديث أن الغضب هو أسوأ تصرف يمكن للإنسان أن يقوم به، فقد حذر عدد من الأطباء البريطانيين من تفشي ظاهرة انعدام السيطرة علي المزاج مؤكدين أنها تعد مشكلة كبيرة علي الرغم من أن أحداً لا يعتبر أنها تحتاج علاجاً. وقال الأطباء إن عدم التمكن من السيطرة على الغضب أصبح ظاهرة تتزايد وتتسبب بارتفاع أعداد الأعمال الإجرامية وتفكك عائلات بالإضافة إلي المشاكل الصحية الجسدية والعقلية.
وجد الأطباء علاقة قوية بين الغضب المزمن والحاد وأمراض القلب والسرطان والجلطات والإحباط واضطرابات الأكل وحتى الإصابة بالزكام بشكل متكرر، وكذلك بأمراض مثل السكري والوزن الزائد وصولاً إلى الجلطة الدماغية القاتلة. وتقول دراسة أمريكية جديدة إن ما يقارب 10 مليون أمريكي يعانون من "مرض الغضب" وهو مرض يتصف بانفعالات فجائية عنيفة وغير مبررة.
وتقول الدكتورة "آنا مارشلاند" من جامعة بيتسبره الأمريكية إن الغضب يؤدي لضعف جهاز المناعة وقد أكدت دراسة أخرى أن الغضب أصبح مشكلة كبرى تشمل ربع المجتمع الأمركي وتسبب الكثير من الإحباط، ولذلك أطلقوا نداء موحداً يؤكدون من خلاله على ضرورة ألا يغضب الإنسان كوسيلة لعلاج معظم مشاكل المجتمع وبخاصة الشباب.
وسبحان الله ! لقد سبق النبي الكريم هؤلاء العلماء للتحذير من خطر الغضب بل وكرر ذلك مراراً!! ونتذكر عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أوصني، قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب) [رواه البخاري]. والآن: ما الذي يدعو هذا النبي إلى التحذير من الغضب ومن أخبره بمخاطر الغضب المدمرة؟ والجواب ببساطة هو أن الله تعالى أمره بذلك وأن النبي لم يأتِ بشيء من تلقاء نفسه.