عدد المساهمات : 10023 نقاط : 26544 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2015
موضوع: خطبة عن الزواج العرفى , الشيخ محمد حسان الأربعاء يوليو 12, 2017 1:15 am
خطبة عن الزواج العرفى , الشيخ محمد حسان
أحبتي في الله :
نتحدث اليوم عن ظاهرة خطيرة تنتشر في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم فإنه لا ينبغي أن يكون العلماء بموضوعاتهم وأطروحاتهم في جانب وأن تكون الأمة وأن يكون المجتمع بمشاكله وهمومه في جانب أخر .. نحن اليوم على موعد مع هذه الظاهرة التي تسمى بـ (( الزواج العرفي )) وكما تعودت حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الخطير في العناصر التالية :
فأعيروني القلوب والأسماع ، والله أسأل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ
أحبتي الكرام : إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها ، وإنما ينظمها ، ويرفعها عن المستوى الحيواني و البهيمي .. وهذا هو الذي يليق بالإنسان الذي كرمه الله عز وجل .
فالزواج آية من آيات الله ، وسنة من رسول الله ، والإسلام يقيم العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس من المشاعر الطاهرة الرقيقة التي تبنى على السكن النفسي والبدني والمودة والرحمة . قال تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] .
أما بيت الزوجية فمملكة إيمانية . الزوج ملكها ، وربانها ، والمسير لأمورها و شؤونها ، بما جعل الله له من قوامة في قوله تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْوالزوجة هي الأخرى ملكة متوجة في هذه المملكة الإيمانية لأنها شريكة الحياة ورفيقة الدرب وقرة العين ، أما الرعية في هذه المملكة الطيبة بين هذين الملكين الكريمين ، فهم ثمرة الفؤاد .. ولب الكبد .. وزهرة الحياة الدنيا .. هم الأولاد قال تعالى : المالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا .
هذه المملكة إن ظلل سماءها منهج رب البرية .. و سيد البشرية ، وروى نبتها بماء الإخلاص والمودة والرحمة الندية ، أتت ثمارها كل صبح وعشية .. وأينعت في أرضها زهرات الحب ، والوفاء ، والإخلاص ، الأخلاق العلية .
وهذا هو السبيل الشرعي الوحيد الذي يضمن للمرأة حقوقها ، وكرامتها ويضمن للأولاد حقوقهم ، وكرامتهم ، في المجتمع الإسلامي ، لأن الزوج في هذا الزواج الشرعي مسئول مسئولية كاملة عن زوجته وأولاده في الدنيا والآخرة لقوله تعالى :
ولقول الله تعالى : يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]
ولقول النبي كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري و مسلم من حديث ابن عمر ((كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .. وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِىْ أَهْلهِِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))(1) . ولقول النبي كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله (( … اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ)) ثم قال المصطفى ((وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ))(2) .
هذا هو الزواج الشرعي الذي عرفه المسلمون منذ زمن الوحي إلي أن صرنا إلي هذا الزمان الذي يموج بالفتن ، فتن الشهوات والشبهات .. إلى أن صرنا إلى هذا الزمان الذى اختلت فيه المقاييس الصحيحة للحلال والحرام !! وتجرأ فيه كثير من الناس على محارم الله جل وعلا وعلى حدود !! ورأينا ظاهرة جديدة تنتشر الآن في المجتمع انتشار النار في الهشيم ، تلك الظاهرة التي تسمى بالزواج العرفي وهو عنصرنا الثاني من عناصر هذا اللقاء.
الزواج السري الذي يطلقون عليه ((العرفي)) باطل شرعاً وعرفاً فأعيروني القلوب والأسماع جيداً ، لأن هذا العنصر هو لب الموضوع وأساسه ونظراً لأهميته وخطورته فسوف أركز الحديث فيه على ثلاثة محاور .
المحور الأول : صورة الزواج العرفي القائم
المحور الثاني : بطلانه عرفاً .
المحور الثالث : بطلانه شرعاً .
أولاً : صورة الزواج العرفي القائم :
تتلخص في التقاء الرجال بالنساء أو الشباب بالفتيات في العمل أو المدارس والجامعات ، فيترصد الشاب لفتاة مستهترة !! وهذه الفتاة يعرفها الشباب جيداً ، وذلك من خلال شعرها المكشوف ، وثوبها الضيق أو العاري الذي يظهر كل فتنة مخبوءة في جسدها ، يعرفها الشباب من خلال عطرها الأخاذ وبرفانها العاصف وحركاتها المثيرة وكلماتها المؤثرة وإلا فأنا أتحدى أن يترصد شاب مستهتر لفتاة تجلببت بجلباب الحياء والعفة والمروءة والطهر والشرف ، يترصد الشاب بفتاة مستهترة – من هذا النوع الذي ذكرت – ويلهب مشاعرها وأحاسيسها بكلمات الحب ، والعشق ، والغرام التي حفظها من كتب الأدب المكشوف ، أو من المسلسلات والأفلام ، ويقسم لها الشاب بالتوراة والإنجيل والقرآن أنه يحبها حباً قد أحرق فؤاده ، وأنه لا يصير على فراقها في لحظة من ليل أو نهار ، ومن ثَمَّ فهو يريد أن يتزوج بها ولكن – ولكن ماذا ؟!! ولكن الظروف لا تسمح الآن !! من هنا يحاول الشاب أن يقنع الفتاة أن يتزوجها سراً !! يعني بدون علم الولي ، يعني بدون علم والد الفتاة المسكين ، الذي يربي و ينفق ، ثم تتزوج ابنته زواجاً باطلاً من غير أن يدري المسكين عن هذا الزواج شيئاً .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!
يأتي هذا الشاب ليكمل فصول خديعته ، وخيانته الكبرى ، فيأتي بورقة ويُشهد عليها زميلين من زملائه المقربين ، ممن يعرفون علاقته المحرمة والمشبوهة ، يُشهد هذا الشاب زميليه على هذا العقد العرفي الباطل ليكون هو بدوره شاهداً لواحد منهما على عقد عرفي باطل جديد .
وأقول لكم أيها الأحبة : إن أي عقد زواج يباركه الولي – يعني والد الفتاة أو وليها - ويشهد عليه الشهود ويعلن للمجتمع الإسلامي فهو عقد شرعي صحيح وإن لم يوثق في وثيقة زواج رسمية عند مأذون شرعي ، وأي عقد زواج لا يباركه الولي وبدون إعلان وشهود فهو باطل وإن سجل في وثيقة زواج رسمية عند مأذون شرعي ، لأن وثيقة الزواج الرسمية ليست شرطاً في صحة العقد إنما هي من باب المصالح المرسلة التي يضمن من خلالها حقوق النساء في زمن خربت فيه الذمم ، وقل فيه أهل الأمانة !!
أما المحور الثاني : و هو سؤال مهم : هل يُقر عُرف الناس ذلك ؟!
الجواب : لا ورب الكعبة ، بل العرف يبطله ، لأن العرف عند علماء الأصول : هو ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم ، وقد يقر الشرع عرفاً ، وقد لا يقر الشرع عرفاً ، بمعنى أن الشرع المطهر قد يحكم على عرف من أعراف الناس بالجواز ، وقد يحكم على عرف من أعراف الناس بالبطلان ، فالشرع قد يقر عرفاً وقد يبطل عرفاً آخر .
أما العرف المعتبر شرعاً : هو العرف الذي لا يخالف نصاً شرعياً أو قاعدة من قواعد الشريعة ، هذا هو العرف المعتبر في ميزان الشرع .
والسؤال : ائتوني برجل مسلم عاقل على وجه الأرض – لا في مصر بل في بلد أوروبي – يقول بأن المسلمين منذ زمن الوحي إلي هذا الزمان قد تعارفوا في تزويجهم لأبنائهم وبناتهم على هذه الصورة السرية الخبيثة !!
بمعنى أن تزوج البنت نفسها بدون إذن وليها وأن ينطلق الشاب أو الفتى ليتزوج بأي فتاة بدون علم الوالد أو بدون علم الأسرة .. هل تعارف الناس على هذه الزيجة الخبيثة والعلاقة المحرمة ؟!! التي تقوم على أساس من الغش والنفاق والخداع والخيانة ؟! خيانة من شاب وفتاة ، من شاب خان أسرته وأهله ومجتمعه بعد أن خان الله ورسوله ، ومن فتاة خانت أسرتها ومجتمعها بعد أن خانت الله ورسوله وإن توهم أحد من الشباب أنه قد تزوج زواجاً شرعياً صحيحاً ، فأنا أساله – وأرجو أن يصدق في الجواب -: إن كنت تعتقد أنك تزوجت زواجاً شرعياً صحيحاً فلماذا أخفيته عن أهلك ؟! وعن أقرب الناس إليك ؟!! فالحلال لا يعرف السرية ولا يخشى الظهور .
ثم .. لماذا تتلصص و تبحث عن مكان خفي لا يراك فيه أحد من الناس لتخلو بفتاة أو بزميلة في الجامعة في شقة مفروشة أو في غرفة فندق مظلمة لتزني بدعوى الزواج ؟.
ثم .. ألا تشعر بالخيانة والنفاق والخداع وأنت تأخذ المصروف من والدك كل صباح بحجة الذهاب إلي الجامعة و أنت ذاهب إلي شقة مفروشة أو غرفة مظلمة لتمارس الدعارة
والزنى بدعوى الزواج ؟! ثم .. هل تقبل أنت أن يأخذ زميلك في الجامعة أختك إلي نفس الشقة المفروشة ليزنى بها بدعوى أنها زوجته وأنت وأسرتك لا تعلمون عن هذا الزواج شيئاً ؟!!
ثم .. هل تقبل بعد ذلك أن تخرج أبنتك أنت إلي الجامعة لترجع إليك بجنين في أحشائها بدعوى أنها تزوجت بزميلها في الجامعة ؟!! وأنت في البيت لا تعلم عن ذلك شيئاً ؟!
اصـدق في الجواب .. وتذكر قول الله تعالى : بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ [القيامة : 14 – 15] ولا تنس قول الله تعالى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء : 47]. وردد دوماً قول القائل :
يا هاتكاً حرم الرجال و تابعاً من يزني في قوم بألف درهم إن الزنى دين إذا استقرضته
طرق الفساد فأنت غير مكرم في قومه يزنى بربع الدرهم كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
فقال : بل ذاك شرعاً صار متبعاً كم تاه غيري به قبلي و كم باها !!
فقلنا : ألست تخاف الله منتقماً ؟! فقال في كبر : لا أعرف الله !!
ويح الشباب إذا الشيطان نازعهم على العقول فأوهاها وألغاها !!
قد علمتهم أفانين الخنا و سائل غشى بصائرها زيغ وأعماها !!
ومطربة ومطرب في المذياع لقنهم ألحان فحش وزكاها وغناها !!
ووالد غافل لا هي ومدرسة نظامها من نظام الدين أقصاها !!
لو أن لي قوة في أمتي ويداً ألزمت حواء مثواها ومأواها !!
كان لها بيت عزاً .. كان لها بيت ملكاً .. فيه ترى السلطان و الجاه
فقوضت بيدها عرشها وغدت رعية وذئاب الأرض ترعاها !!
هذه الحضارة دين لا أدين به إني كفرت بمعناها ومبناها !!
لا يقر عرف العقلاء ولا عرف المسلمين ذلك ، ولم يعرف المسلمين هذه العلاقة المحرمة الخبيثة من زمن الوحي إلي أن صرنا في زمن الفتن . الشهوات والشبهات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
والسؤال الثالث : هل يقر شرع الله ذلك ؟.
والجواب : لا ورب الكعبة ، بل شرع الله يبطل هذا الزواج الخبيث وهذه العلاقة المشئومة ، فعقد الزواج في الإسلام ميثاق له قدسية كبيرة عند الله تعالى وعند رسول الله . فعلى الزوجين أن يستمتع كل منهما بالآخر - على الوجه الذي شرعه الله – إلا بالقبول ، والإيجاب ، والإعلان ، والولي ، والمهر ، والشهود .
أما القبول و الإيجاب : فهما ركنان لا يصح العقد إلا بهما ، وهي صيغة العقد المعروفة ، ومذهب جمهور العلماء أن العقد يصح بأي لفظ يدل على ذلك . أما الشروط : فأول شرط من شروط صحة العقد : الولي إذ لا يصح أي عقد في أي أرض ، وتحت أي سماء ، ولأي ظرف من الظروف ، إلا بهذا الشرط وهو شرط الولي . والولي هو والد الفتاة أو من يزوجها إذا توفى أبوها أو إن غاب . وليها من أهلها . قال تعالى : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة : 232].
قال الشافعي - رحمة الله – وهذه الآية هي أبين ما في القرآن كله على أنه لا نكاح إلا بولي ، وستعجبون إذا علمتم سبب نزول الآية ، فلقد نزلت في حق معقل بن يسار فلقد زوج معقل أخته لرجل من المسلمين وأحسن إليه معقل وأكرمه ، وبعد فترة طلق هذا الرجل أخت معقل ، فلما انقضت عدتها جاء الرجل مرة أخرى ليرد المرأة ، فقال له معقل بن يسار : زوجتك وأفرشتك ، أكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ، والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فنزل قول الله تعالى علي النبي المصطفى وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أي : فلا تمنعوهن ، فالعضل في اللغة هو : المنع والتضييق والتعسير ، فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ، فلما سمع معقل بن يسار الآية ، قال : الآن أفعل يا رسول الله ، وفي لفظ سمعاً وطاعة الآن أفعل يا رسول الله .. فأعادها إليه بمهر جديد فأنكحها إياه .
استدل جمهور المفسرين بهذه الأية على أنه لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو أن تزوج غيرها ولو كانت ثيباً – لأن أخت معقل بن يسار لم تكن بكراً وإنما كانت ثيباً ، ومع ذلك قال الله لوليها ، فَلا تَعْضُلُوهُنَّ – إذا لو لم يكن لعضل الولي معنى ما أمر الله ولي المرأة أن يردها إلي الرجل مرة أخرى .
قال تعالى : وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور : 32 ]. وانكحوا خطاب من الله لأولياء المرأة واستدل جمهور المفسرين والإمام البخاري بهذه الآية على أنه لا نكاح ألا بولي ، لأن الخطاب من الرب العلي لأولياء المرأة .
وقال تعالى : فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ وكيف تتزوج البنت بدون إذن الولي ؟! بدون إذن الوالد وبدون علم الأسرة ؟! هذا تشريع الله الحكيم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير .
وقال تعالى : وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ وهذه الآية أيضاً خطاب من الله لأولياء المرأة فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو غيرها ، وهذا قول جمهور المفسرين الذين فسروا هذه الآيات الكريمات ، وتأتي السنة – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام – لتأكد تأكيداً لا لبس فيه ، ولا غموض .. بل ولا تأويل ، لتأكد أنه لا زواج إلا بولي قال المصطفى في الحديث الذي رواه أحمد ، و أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، والبيهقي ، والدارقطني ، والبغوي ، والطبراني ، والحاكم من حديث أبو موسى الأشعري أن الحبيب النبي قال : ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ))(1)وفي رواية ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ)) في الحديث الصحيح الصريح الذي رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والبيهقي ، والبغوى ، وابن حبان ، والدارقطني ، والطبراني والحاكم من حديث السيدة عائشة أن النبي قال ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ))(1).
ماذا تريدون بعد ذلك يا من توحدون الله ؟ و يا من تثقون و تقصدون رسول الله ؟. ورسول الله هو المشرع في هذه الأمة .
وفي الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه ، والبيهقي ، والطبراني من حديث أبي هريرة أنه قال ((لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا))(2). قال أبو هريرة : الزانية هي التي تزوج نفسها ، وقال ابن عباس : البغي هي التي تزوج نفسها .
وقد يحتج علينا – من باب الأمانة العلمية في طرح الموضوع – بحديث للنبي قال وبقول لأبى حنيفة ، أما الحديث فصحيح رواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذى من حديث أبى هريرة أن النبى ((الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذَنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا))(3) والحديث لا يعكر على كلامنا ، فالمراد بالحديث – كما قال جمهور أهل العلم -: أنه لا يجوز لولي المرأة الثيب أن يزوجها رغماً عنها ، بل لا يجوز له أن يزوجها ألا بأمرها و رضاها ، فإن زوَّجها رغماً عنها فلها أن تفسخ النكاح عند ولي الأمر أو من ينوب عنه ، واستدل العلماء على ذلك بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري ، وأحمد من حديث خنساء بنت خدام أن أباها زوجها وكانت ثيباً ، فكرهت المرأة ذلك وذهبت للنبي فاشتكت له فرد النبي نكاح والدها . أما قول أبى حنيفة – رحمه الله – فإنه يقول : يجوز للمرأة أن تزوج نفسها بدون إذن وليها وأخذ الإمام من ذلك هذا الحكم من باب القياس على جواز بيع المرأة سلعتها بنفسها ، فقاس الإمام على ذلك أنه يجوز للمرأة أن تزوج نفسها !!
وهذا قياس فاسد الاعتبار بإجماع علماء الأصول لأنه قياس مع نص من القرآن و كلام النبي ، والقاعدة الأصولية باتفاق وإجماع العلماء تقول : ((لا قياس مع النص)) .
وأنا أقول إجلالاً مني لأبي حنيفة - رحمة الله عليه -: أن الدليل الصريح الذي ذكرته الآن لو بلغ أبا حنيفة لقال به أبو حنيفة وأنا أكاد أجزم بذلك وأبو حنيفة – رحمة الله – هو القائل : إذا صح الحديث عن النبي فهو مذهبي وأبو حنيفة هو القائل : لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلنا . والله جـل وعلا هـو القائل : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وقال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينا [الأحزاب : 36] . وقال الله تعالى : فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء : 65] .
بل وستعجبون إذا علمتم أن الأحناف أنفسهم قد خالفوا أبا حنيفة في هذه المسألة ، فأنتم تعلمون – كما ذكر الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار – أن أبا يوسف ومحمد بن الحسن – وهما أتبع الناس لأبي حنيفة وأعرف الناس بمذهب أبي حنيفة ، بل وهما اللذان أصلا وقعدا قواعد المذهب الحنفي – قد خالفا أبا حنيفة في هذه المسألة بل في كثير من المسائل ، وقالا : لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو أن تزوج غيرها ولا يصح الزواج إلا بولي .
فهل ينبغي للمسلم بعد ذلك أن يقدم قول الإمام أبي حنيفة على قول المصطفى محمد ؟! هذا هو الشرط الأول من شروط العقد . الشرط الثاني : الإعلان :
الإسلام أوجب إعلان الزواج و إشهاره ، فالإسلام لا يعرف السرية في الزواج ، بل ولا يعرف بزواج السر . قال ابن تميمة : نكاح السر هو نكاح البغايا ، وهو نكاح ذوات الأخدان .
الحلال لا يخشى الظهور ، الحلال لا يعرف السراديب والسرية ، بل يعلن عن نفسه بغاية الوضوح .. وبغاية العزة والكرامة .
تزوج في الحلال الطيب واحدة ، واثنتين ، وثلاثة ، وأربعة بشرط العدل وارفع رأسك ولا تستحي من المجتمع الذي ينظر إلى شريعة الله جل وعلا على أنها جرم يجب على أصحابه أن يضعوا رؤوسهم في الوحل والطين والتراب !! ارفع رأسك ما دمت تؤدي ما أمر الله به ، وما شرعه لك رسول الله . دعوكم من هذه الهزيمة النفسية التي أصابت الأمة وجعلت المسلم ينظر إلي شرع الله المحكم في القرآن و السنة على أنه رجعية ، وتخلف و تأخر في الوقت الذي ينظر فيه المجتمع إلي هذه العلاقات الخبيثة المحرمة على أن أهلها ممن تحرروا من قيود المجتمع و من ضغط الواقع و من ضغط الدين ! و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ُ [الملك : 14] .
الإسلام لا يعرف السرية في الزواج ، بل يوجب عليك الإسلام أن تعلن زواجك في الحلال الطيب ، وأن ترفع رأسك بذلك في المجتمع .
قال المصطفى كما في الحديث الذي رواه أحمد والحاكم والطبراني وغيرهم من حديث عبد الله بن الزبير بسند حسن قال : ((أعلنوا النكاح)) وفي رواية للطبراني بسند حسن بالشواهد من حديث يزيد بن السائب أن النبي سئل : هل يرخص لنا باللهو عند العرس ؟ قال : ((نعم)) إنه نكاح لا سفاح ، ثم قال المصطفى ((أشيدوا النكاح)) أي : أعلنوه و اظهروه .
أما الشرط الثالث من شروط العقد فهو : المهر .
قال تعالى : وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً.. [النساء : 4]، فالمهر واجب على الرجل وهو حق كامل للمرأة ، ولقد أمر الإسلام بتخفيف المهر وتيسيره كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال : جاءت امرأة إلي رسول الله فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي ، فصعَّد النظر فيها وصوَّبه ثم طأطأ رسول الله رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً فجلست.
وهنا أريد أن أوضح أمراً أنه لا يجوز للمرأة أن تهب نفسها لإحد من الرجال فهذا الأمر خاص بالنبي قال تعالى : خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ هذا أمر كان لابد من التنبيه عليه .
ونعود إلي حديث سهل قال : فقام رجل من أصحابه ، فقال يا رسول الله ! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ، فقال : ((فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟)) فقال : لا والله ! يا رسول الله ، فقال ((اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئاً ؟)) فذهب ثم رجع ، فقال : لا والله ! ما وجدت شيئاً ، فقال رسول الله : ((انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)) فذهب ثم رجع ، فقال : لا والله ! يا رسول الله ولا خاتماً من حديد ، ولكن هذا إزاري (قال سهل : ما له من رداء ) فلها نصفه ، فقال رسول الله : ((مَا تَصْنَع بِإزَارِكَ ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ)) فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله مُولياً ، فأمر به فدعي ، فلما جاء قال : ((مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ؟)) قال : معي سورة كذا وسورة كذا (عدَّدها) فقال : ((تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْر قَلْبِكَ)) قال : نعم . قال : ((اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ)) (1).
فالإسلام أوجب المهر ، لكنه أمر بتخفيفه ، و قد أجمع العلماء على أنه لا حد لكثيره.
الشرط الرابع من شروط صحة العقد : الشهود .
قال النبي كما في الحديث الصحيح الذي رواه البيهقي ، والطبراني ، والدارقطني من حديث عائشة : ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ)) ، وفي حديث عمران بن الحصين الذي صححه الألباني في إرواء الغليل بشواهده أن النبي قال : ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَي عَدْلٍ)) (2) ولقد أتفق علماء الأصول على شروط العدالة وهي : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، وعدم الفسق . هذه شروط مجمع عليها بين علماء الأصول في الشاهد العادل ، ووالله و أنا على منبر النبي لقد أرسلت إليّ فتاة جامعية رسالة كتبتها بدموع الندم - يوم لا ينفع الندم - تخبرني فيها بأنها قد تزوجت زواجاً عرفياً باطلاً بزميل لها في الجامعة ، وفي يوم من الأيام شعرت بالحمل يتحرك في أحشائها ، فأسرعت إليه لتتوسل بين يديه أن يأتي إلي أهلها ليتزوجها زواجاً شرعياً صحيحاً . تقسم لي بالله أن الشاب أخرج ورقة الزواج العرفي الباطل ومزقها أمام عينيها وبين يديها وقال لها : من يدريني أنه ولدي ؟!
يتنكر الشاب للفتاة ويمزق الورقة بين يديها لينطلق يبحث عن فريسة غبية أخرى ، هذا هو الواقع تقول لي الفتاة : أن شاباً من الشابين الذين شهدا على ورقة العقد العرفي الباطل لما علم بلك ذهب إليها وطلب أن يزني بها !! فلما رفضت هددها أن يفضح أمرها في الجامعة وبين أسرتها ، فهي تسألني و تقول هل تمكنه من أن يزني بها حتى لا تفضح نفسها في الجامعة أو بين أهلها ؟! هذا شاهد من أولئك الشهود الذين يشهدون الآن على وثيقة عقد الزواج العرفي الباطل المشئوم المزعوم .
هل يقول مسلم بعد ذلك أيها الأحبة بأن هذا الزواج السري الباطل يمت إلي لفظ الزواج أو إلي لفظ العرف بصلة من قريب أو من بعيد ؟! لا .. و رب الكعبة . العبرة بالمسميات والحقائق لا بالأسماء ، فلو سميت الخمر بالشمبانيا ، و الوسكي والبارندي ، والمشروبات الروحية ، فالمسمى واحد وهو الخمر الحرام ، ولو سمي الربا بالفائدة والعائد أو غير ذلك فهذا لن يخرج الربا عن كونه ربا حرمه الله ، وأنا أقسم بالله أن أى مسلم على وجه الأرض لا يرضى ولا يقبل هذه العلاقة ولا يقبل هذا الزواج العرفي الباطل لأمه، أو لأخته ، أو لعمته ، أو لخالته ، أو لأبنته ، أو حتى لأبنه لأنه خروج عن الدين والأخلاق والفطرة السليمة السوية النقية ، والواقع الآن يؤكد أن المأساة مروعة ، وهذا هو عنصرنا الثالث بإيجاز .
ثالثاً: الضحايا يعترفون .. والمأساة مروعة !!
فأكتفي بثلاث حالات فقط و إلا و الله عندي الكثير .
الأولى لفتاة تقول : شكلت أنا و زميلي ثنائي عاطفي كان محل أنظار الجميع - وكأن الجامعة في بلدنا الآن تحولت إلي واحات فيحاء للحب والعشق و الغرام - تقول : قررنا الزواج عرفياً حتى نضع الأسرتين أمام الأمر الواقع !! ولو صدقت الفتاة الجريئة هذه لقالت وقررنا أن نضع رؤوس الأسرتين في الوحل والطين والتراب ، وإلا فإن الفتاة تتوهم وتعتقد أنها متزوجة في الحلال الطيب ، فأنا أسألها أيضاً ، وأرجو أن تصدق فى الجواب لماذا أخفت هذا الزواج عن والدها وأمها ؟! هذه الأم المسكينة التي لازالت تتضرع إلي الله أن يرزقها بالزوج الصالح ، وفهي لا تدري أن أبنتها متزوجة ، أمر عجيب ، ثم هل يعقل أن فتاة طاهرة ، شريفة ، تربت في بيت طهر وشرف وعفة ، دون أن يعلم هذا البيت الشرف الطاهر عن زيجتها شيئاً ؟!
تقول : قررنا الزواج عرفياً حتى نضع الأسرتين أمام الأمر الواقع ، فلما علمنا بخبر نجاحنا اتصلت أنا وهو على الأسرتين لنبلغ الأسرتين معاً بخبر النجاح ثم بخبر الزواج ، تقول : و أعطيت الهاتف - أي سماعة التليفون - لهذا الشاب الذي تزوجها بالعقد العرفي ليخبر أمها بخبر زواجهما ، والأم لا تعلم ولا يعلم الوالد عن ذلك شيئاً . تقول الفتاة : فلما أخبرها الخبر صرخت الأم صرخة أنا سمعتها و أنا أقف بجواره في سماعة التليفون ، ووقعت الأم المسكينة على الأرض ، ثم أسرع الوالد إلي امرأته التي سقطت ما الخبر ؟ هل ماتت أبنته ؟ فقالت : ليتها ماتت ، لقد تزوجت ابنتك ، فلما علم الوالد المسكين ذلك سقط هو الآخر على الأرض ونقل إلي المستشفى ، وفي غرفة العناية المركزة خرج الطبيب ليخبرهم بأن الوالد أصيب بجلطة في المخ أدت إلي شلل نصفي .
حالة ثانية : نُشرت تحت عنوان (الطيار قاتل زوجته المضيفة يعترف) تزوج طيار بزميلة له مضيفة في الطيران ، وهو متزوج وخاف أن يعلن عن زواجه ، تزوج بها في السر بعقد عرفي باطل دون علم والدها وأهلها ، فلما حملت هذه البنت أرادت أن تعلن زواجها وأن تفرح به في المجتمع ، فأنكر ورفض هذا الطيار ذلك ، فلما أصرت قتلها بالسكين في شقتها ثم أحرق جثتها حتى تضيع علامات و أدلة الجريمة .
حالة ثالثة مروعة : والد تزوج ورزقه الله بالأولاد ، وأراد أن يتزوج مرة ثانية ، ولكنه خاف من امرأته ، وخاف من المجتمع الذي أصبح ينظر إلي تعدد الزوجات على أنه فضيحة و جريمة - فتزوج في السر ، وتمضي السنوات والأيام ، ويقدر الله أن يدخل ولده من امرأته الأولى الجامعة وأن تدخل ابنته من امرأته الثانية الجامعة ويقدر الله أن يحب كل منهما الآخر ويقررا الزواج العرفي ، والعجيب أنهما وهما يوقعان العقد وجدا تطابقاً كاملاً في الأسمين فقال الفتى للفتاة : أنظري إلي هذا الذوبان وهذا الحب حتى وصل التطابق في الأسمين إلي هذا حد التكامل ، ولما أحست البنت بالحمل في أحشائها أسرعت إليه بالتوسل أن يأتي إلي بيتها ليطلبها رسمياً ، وليتزوجها زواجاً شرعياً صحيحاً وحددت له موعداً ليكون الوالد في البيت وذهب إلي هنالك وكانت المفاجأة من يفتح له الباب ؟ إنه أبوه .. ما الذي جاء به إلي هنا ؟ هل رتبت الفتاة مع الفتى ذلك ؟ لا ، ولكن لما عرف الفتى الحقيقة ألقى بنفسه من الطابق العلوي منتحراً ، وسقط الوالد على الأرض وقد أصيب بأزمة قلبية ، فلما علمت الفتاة أصيبت بحالة فقدت فيها الوعي والنطق .
وأخيراً : ما هي الأسباب لهذه الظاهرة وما هو العلاج ؟!!.
وهذا هو عنصرنا الرابع .. هذه هي الأسباب .. و هذا هو العلاج :
السبب الأول : البعد عن الله عز وجل ، هو أخطر الأسباب ، فالبعيد عن الله ضعيف الإيمان ، يصبح فريسة سهلة للهوى وللشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء ، تتحكم فيه صحبة السوء ، ونفسه ، وهواه وشيطانه .
وإن أردتم الدليل العملي على صدق قولي : انظروا نظرة سريعة إلي هؤلاء وهؤلاء .. إلي شباب ضائع ، وإلي شباب طائع يعيشون في بيئة واحدة في كلية واحدة .. في جامعة واحدة ، يتعرضون لنفس الفتن ونفس المؤثرات ، انظروا إلي هذا الفتى وذاك الفتى ، شتان .. شتان بين شاب يقيم الليل يتضرع إلي الله جل وعلا ، ويحضر مجالس العلم والعلماء ، ويحافظ على الصلوات في جماعة ، ويقرأ القرآن ، ويصلي الفجر ، ويقرأ ورده اليومي ويقول أذكار الصباح يأخذ كتاب الله بين كتبه الدراسيه وينطلق إلي الجامعة ويحمل هموم أسرته ودعوته ، وأمته شتان .. شتان بين هذا الشاب المبارك وبين شاب لم يسمع القرآن ، ولم يعرف قلبه حلاوة الإيمان ، ولم يعرف مجالس العلم ولم يذهب إلي المسجد قط ، ولا يفارق سمعه الغناء الماجن ، والموسيقى الصاخبة ، ولا يتورع أن يخلو هنا وهناك في زوايا وثنايا الجامعة بفتاة متبرجة عارية شتان شتان بين هذا وذاك .
والعلاج يكمن في العودة إلي الله تبارك و تعالى ، فبالعودة إلي الله الذي وعد من جاهد نفسه فيه أعانه الله قال تعالى : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت :69] .
وقال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا ً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب [الطلاق : 2-3].
وقال تعالى : وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ُ.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وأبو نعيم وغيرهما بسند صحيح بالشواهد من حديث ابن مسعود أن النبي قال : ((إِنَّ رُوحَ القُدْسِ نَفَثَ فِى روعِى أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَرِزْقَهَا فَاتّقُوا الله وَأجْمِلُوا فِى الطَّلَبِ ، وَلاَ يَحْملَنَّ أَحَدَكُمْ أسْتِبْطَاءَ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ يَطْلُبَهُ بِمعْصِيَةِ الله فَإِنَّ مَا عِنْدَ الله لاَ ينَالُ إِلاِّ بِطَاعَتِهِ))(1).
السبب الثاني : غياب الأسرة .
غابت الأسرة .. و أنعدمت الرقابة !! بدعوى مشؤمة مزعومة ألا وهي دعوى الحرية التي يقلد فيها كثير من المسلمين الغرب الكفار التي تصطدم عقيدته بعقيدتنا اصطداماً مباشراً و تصطدم أخلاقياتنا و أخلاق المجتمع الإسلامي اصطداماً مباشراً ، يقلد الكثير من الآباء الغرب فيقول : أنا رجل ديمقراطي أود أن أؤصل ، وأسس الديمقراطية في بيتي !! أنا رجل أحب الحرية فلتخرج الفتاة في أي وقت تشاء ، وبأي لبس ، وبأي مظهر ، وتتكلم في التليفون في أي وقت وفي أي ساعة !! أنا لا أشك في أخلاقها ، أنا أثق فيها ثقة عمياء !! هذا كلام باطل ليس في دين الله عز وجل- هذا إن كنت غربياً لا تعرف قرآن ولا سنة- ولا يحل لأبنتك أن تتكلم مع أي أحد في أي وقت ، ولايجوز إلي أبنتك أن تخرج إلي الجامعة ((بالاسترتش)) أو بالثوب العاري أو الضيق ، لا يجوز لها أن تتكلم بالساعات الطويلة مع زميل لها في الجامعة ، أين الإيمان و أين الإسلام ؟ بل وأين الرجال يا مسلمون ؟! ألم يفكر الوالد وألم يسأل نفسه في ساعة من الساعات مع من تتكلم البنت في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟!! مع من تهمس ؟!!
ألم يسأل الوالد نفسه كيف خرجت البنت إلي الجامعة بهذا الثوب ؟! بالاسترتش أو الثوب الضيق العاري ، بالرائحة الأخاذة التي تعصف بالأنوف ؟!! ألم يسأل الوالد نفسه ؟ ألم تسأل الأم كيف خرجت البنت بهذا الزي ؟ ألم تفكر في السؤال عن صواحبها مع من تخرج ؟ مع من تتكلم ؟ أين الرقابة ؟! أين الوالد ؟! أين الأم ؟! والله عز وجل يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً .
فالعلاج يكمن في إيجاز في العودة إلي شرع الله ، في العودة إلي قرآن الله وإلي سنة رسول الله ، يا مسلمون نحن لا نتلقى تشريعنا عن الشرق الملحد ولا عن الغرب الكافر ، بل عن الله جل وعلا وعن رسول الله .
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن : فحدد الآن جواباً على هذا السؤال . لمن تسمع ؟ لمن تذعن ؟ ومن تطيع ؟ هل تسمع لله ورسوله أم لشرق ملحد وغرب كافر ؟ أم لأولئك الذين يعزفون على وتر الغرب ؟! وعلى وتر التمجيد والتقديس للغرب ؟!!
ووالله ما أصيبت الأمة بالذل ، والذلة ، والهوان إلا يوم أن تركت كتاب ربها وسنة نبيها وراحت لتذوب في بوتقة الغرب .. تلك البوتقة التي تصطدم اصطداماً مباشراً مع عقيدتنا وأخلاقنا وديننا .
أيها المسلمون : إن العلاج يكمن في العودة إلي الشرع المطهر إلي القرآن وإلي السنة الصحيحة وتَذَكَّر أيها الوالد ، وتذكري أيتها الأم كلام النبي كما في الصحيحين ، من حديث ابن عمر : ((كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِىْ أَهْلهِِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالَمرْأَةُ رَاعيَةٌ وَمَسْئُولٌةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا)) (1) ورب الكعبه ستسأل عن أبنتك هذه بين يدي الله ، وستسألين أيتها الأم عن أبنتك بين يدي الله ، وأذكر بحديث للنبي في الصحيحين من حديث معقل بن يسار أنه قال : (( مًا مِنْ عَبْد أسْتَرْعَاهُ اللُه رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ وَهُوَ غَاشٌ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللُّه عَلَيْهِ الَجَّنةَ))(2). و أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم .
:
ابو شنب المدير العام
عدد المساهمات : 10023 نقاط : 26544 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2015
موضوع: رد: خطبة عن الزواج العرفى , الشيخ محمد حسان الأربعاء يوليو 12, 2017 1:21 am
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واقتفى أثره إلي يوم الدين.
أما بعد : فيا أيها الأحبة الكرام :
السبب الثالث من أسباب هذه الظاهرة و هو أخطر الأسباب :
المغالاة في المهر و تكاليف الزواج و نفقاته .
أمام تعنت كثير من الآباء والأمهات في نفقات الزواج تأخر كثير من شبابنا عن الزواج ، وتأخر كثير من بناتنا عن الزواج ، ولولا حياء في صدورهن لصرخن في وجوه الأباء و الأمهات : أن ارحموا ضعفنا ، خلوا بيننا وبين شاب مسلم ولو كان فقيراً ، ليساعد كل واحد منا الآخر على طاعة الله عز وجل والعلاج يكمن أيها الأباء و الأمهات في العودة إلي الإسلام العظيم قال النبي : ((يَسِّروَا وَلَا تُعَسِّروَا وَبَشِّرَوا وَلَا تُنَفِّرَوا))(1) والحديثين الصحيحين وفي سنن الترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة أنه قال : ((إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وًدِينَهُ فَزَوّجُوهُ ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَة فى الأَرضِ وَفَسَادٌ))(2).
السبب الرابع : التبرج و الاختلاط و الخلوة :
فالجسم العاري والنظرة المؤثرة .. والعطر الأخاذ .. والحركات المثيرة كل هذا يثير الشهوات الكامنة ويحرك الغرائز الهاجعة في صدور الشباب مع اختلاط وخلوة ، تكون الكارثة أعظم .
ولقد استوقفني كلمات لكاتبة انجليزية تسمى (الليدي كوك) تقوم على قدر كثرة الاختلاط تكثر أولاد الزنا . ولاشك أن جعبة الباحثين لظاهرة الاختلاط والخلوة حافلة بالأحداث المزرية التي تسطع في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين ، محال يا أصحاب العقول الراشدة أن نسكب البنْزين على نار مشتعلة أصلاً ونقول : يا نار إياك إياك والاشتعال !! وأن نكتف شاب بالقيود والحبال ، وأن نلقيه في البحر ثم نقول : إياك والغرق وإياك إن تبتل بالماء !!
ألقاه فى اليم مكتوفاً وقال
إياك إياك أن تبتل بالماء
إن الجذب بين الرجل و المرأة أمر مركوز في الفِطَرِ ، لأن الله قد أناط بهذا الجذب امتداد النسل البشري على ظهر الأرض ، فحيثما وجد الرجل والمرأة فإن الجذب بينهما أمر فطري .. جبلي .. لا يستيطع مخلوق أن ينفك عنه مهما ادعى لنفسه من مقومات الأنفكاك .
والعلاج لهذا السبب يكمن في العودة إلي شرع الله إلي قول الله تعالى : فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً[ النساء: 65] فما حرم الإسلام الخلوة ، والاختلاط ، والتبرج إلا لأنه يهدف إلي إقامة مجتمع إسلامي طاهر نظيف لا تثار فيه الشهوات ، ولا تثتثار فيه الغرائز الهاجعة .
السبب الخامس من أسباب هذه الظاهرة هو الإعلام :
وما أدراك ما الإعلام ؟! فإن الإعلام الآن يشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. بالأدب المكشوف والأفلام والمسلسلات الهابطة .. والمسرحيات الساقطة .. والعزف والتمجيد للفنانين والفنانات ، والمطربين والمطربات ، الأحياء منهم والأموات !! والتشويه المستمر لصور الدعاة والعلماء ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
والعلاج يكمن في أن يتقي الله القائمون بالإعلام الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمة ، وأن يعودوا إلي الأصل الذي من أجله أنشئ هذا الإعلام لنشر الفضيلة ، والقضاء على الشر والرذيلة .
فإن النظر إلي الخريطة الإعلامية المقدمة إلي أبنائنا ، وبناتنا ، وأطفالنا فى البيوت ، سينقلب إليه بصره خاسئاً وهو حسير لأن هذه الخريطة تعزف على وتر الحس ، الجنس ، والدعارة ، والعنف ، والجريمة ، والكلمات الساقطة والهابطة ، فماذا تنتظرون بعد ذلك؟!
سادساً : غياب المؤسسات التربوية الدينية :
والضعف الشديد في الطرح الدعوي الذي لا يتفق مع مشاكل الشباب بصفة خاصة ، ولا مع مشاكل الأمة والمجتمع بصفة عامة ، والعلاج يكمن في أن ترجع الآن وزارة الأوقاف والأزهر وكل القائمين على أمر الدعوة في مصر إلي الدعوة إلى الله بجد وصدق وإخلاص .
ولا ينبغي على الإطلاق - في ظل هذا الظرف الحرج - أن يحال وأن يفرق بين الدعاة الرسمين من الأوقاف والأزهر وبين الدعاة غير الرسمين من غيرهما ، ممن آتاهم الله العلم ، وجعل لهم قبولاً بين المسلمين هنا وهنالك . فإن الخطر يهدد الجميع وكلنا يركب سفينة واحدة إن نجت نجونا وإن غرقت غرقنا كما قال النبي .
واختم بهذا السبب الخطير ألا وهو : المدارس والجامعات ومناهج التعليم :
فإن مناهج التعليم في بلادنا تحسن إن تعلم أبنائنا العلوم والمعارف ولكنها لا تحسن أن تعلم عيونهم الدموع ولا قلوبهم الخشوع !! كيف ذلك في هذا الاختلاط المروع المدمر ؟ كيف يتربى الولد على الإيمان في هذه البيئة التى تثير الشهوات وتحرك فيه الغرائز ؟ والعلاج أقدمه في نقاط محددة أسأل الله أن يفتح لها القلوب والآذان عند أساتذتنا الأفاضل الكرام من القائمين على أمر التربية والتعليم في بلادنا :
أولاً : جعل مادة الدين مادة أساسية : فتصبح من مواد الرسوب والنجاح ، ليهتم بها أبنائنا وبناتنا ، بشرط أن يضع المادة العلمية الدينية والإسلامية نخبة من العلماء الأفاضل والدعاة الأجلاء ، ليضعوا المادة الهادفة الهادئة التي تربي أبنائنا وبناتنا على الإيمان بالله وعلى حب رسول الله .
وليختار هؤلاء الأفاضل المادة أو المعلومة الدينية التي تتناسب مع كل مرحلة تعليمية من مراحل التعليم .
ثانياً : إلغاء الاختلاط إلغاءً تاماً بين الطلاب والطالبات : وإن قال المسئولون بأننا لا نقدر على هذا أقول : حتى ولو كان هذا في الفصول الدراسية على الأقل ، وهذا أضعف الإيمان .
ثالثاً : إلغاء الرحلات المختلطة بين الطلاب والطالبات في أي مرحلة من مراحل التعليم ، فإن هذه الرحلات المختلطة كانت السببب الرئيسي الخطير لهذه الظاهرة ، وما تسمعونه عن جماعة ((حورس)) ليس منكم ببعيد .
رابعاً : إلغاء الفترة المسائية الدراسية للطالبات في الكليات العملية والنظرية حتى لاتتأخر الطالبة عن وقت معين عن بيتها وأسرتها .
خامساً : مؤاخذة أي فتاة متبرجة مؤاخذة شديدة ومنعها منعاً باتاً إن دخلت الجامعة بثياب لا تليق مع قيم ورسالة الجامعة .
سادساً : القضاء على هذه الثنائيات المشبوهة التي تنتشر هنا وهناك في زوايا الجامعة، فإنها دار علم وليست دار حب وغرام !!
سابعاً : فتح باب الكليات والجامعات للعلماء العاملين والدعاة الصادقين لإلقاء المحاضرات العلمية الهادئة الهادفة على أن يتولى هذا الأمر بصورة رسمية رئيس الجامعة ، أو عميد كل كلية على حده ، بشرط أن يشرف هذه الجلسات أخواننا المدرسيين والمدرسات مع الطلاب والطالبات.
ثامناً : مراعاة أوقات الصلاة في وضع المنهج الدراسي حتى لا يحرم الطلبة والطالبات من أداء صلاة الظهر في وقت الدراسة مع المدرسين والمدرسات .
هذه هي بعض البنود العملية التي أسال الله أن يفتح لها القلوب والآذان ووالله إنه لأمر يسير على من يسير الله عليه .
احبتي في الله :
إن المشكلة تهدد الجميع ، ولا ينبغي أن نقول بأن الصالحين بمنأى عن هذه الظاهرة .. كلا .. إن النبي أخبرنا أننا نركب جميعاً سفينة واحدة إن نجت السفينة أى ((سفينة المجتمع)) نجا الصالحون مع الطالحين ، وإن هلكت السفينة هلك الصالحون مه الطالحين : و أخيراً - حتى لا أشق عليكم -أنادي على هولاء الشباب والفتيات من أبنائنا وبناتنا ممن وقعوا في هذا المستنقع جهلاً بالدين أو جرأة على الدين .
أنادي على الجميع وأقول : هل من توبة ؟.
عد إلي الله .. ارجع إلي الله .. ارجع إلي الله أيها الفتى و أيتها الفتاة ، فأن وقع الشاب في ذلك فليذهب إلي أهل الفتاة وليعقد عليها عقداً شرعياً صحيحاً هذا هو ما قاله الشافعي وغيره .
اذهب وجدد التوبة واندم على ما مضى .. وعد إلي الله .. واعلم أن الله تواب رحيم .. يفرح بتوبتك .. وهو الغني عنك .. مهما كثرت ذنوبك ومعاصيك فاعلم أن عفو الله أعظم قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم [ الزمر:53 ]
وأختم بهذا الحديث الذى رواه الإمام البخارى من حديث عمر بن الخطاب أن النبى رأى أمرأة فى السبى تبحث عن ولدها فلما وجدته ألصقته ببطنها فأرضعته فال النبى لأصحابه ((أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ )) قالوا : لا يا رسول الله ، قال : ((لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا)) (2) فعد إلى الله أيها الفتى وأيتها الفتاة .
(1) متفق عليه : البخاري رقم (2751) في الوصايا ، و مسلم رقم (1829) في الإمارة باب فضيلة الأمام العادل . (2) صحيح : مسلم رقم (1218) في الحج ، باب حجة النبي .
(1) صحيح : أبو داود رقم (2085) في النكاح ، والترمذي رقم (1101) في النكاح ، وابن ماجه رقم (1907، 1908) في النكاح ، وصححه الألباني في الأرواء رقم (1839) .
(1) صحيح : أبو داود (2083) ، والترمذي رقم (1102) في النكاح ، وابن ماجة رقم (1906) ورواه في المسند (6/47 ، 162) ، وصححه الألباني في الإرواء (1840) .
(2) صحيح : ابن ماجة رقم (1909) في النكاح ، وصححه الألباني في الأرواء (1840) .
(3) صحيح : رواه مسلم رقم (2083) فى النكاح ، باب استئذان الثيب
(1) متفق عليه : البخاري (5149) في النكاح باب التزويج على القرآن وبغير صداق ، ومسلم رقم (1425) في النكاح ، باب الصداق ، وجواز كونه تعليم قرآن .
(2) صحيح : أخرجه ابن حبان في صحيحه (1247 موارد) والدارقطني (383 – 384 ) ، والبيهقي (7/125) ، وصححه الألباني في الإرواء رقم (1858) .
(1) صحيح : أبو النعيم في الحلية (10/27) من حديث أبي أمامة ، والحاكم من حديث ابن مسعود ، وابن حبان والبزار والطبرني من حديث أبي الدرداء وأبو يعلى من حديث أبي هريرة ، وابن ماجه من حديث أبي حميد الساعدي .
(1) صحيح : سبق تخريجه .
(2) متفق عليه : البخاري رقم (7150) في الأحكام ، باب من استرعى رعية فلم ينصح ، ومسلم (142) في الإيمان ، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار .
(1) متفق عليه : البخاري رقم (4341 ، 4342) في المغازي ، باب بعث أبي موسى ومعاذ اليمن ، ومسلم رقم (1733) في الإمارة ، باب النهي عن طلب الإمارة .
(2) حسن : البيهقني في السنن (7/82) ، وإسناده حسن لأجل ابن هرفر وابني عبيد
(1) متفق عليه : البخاري رقم (1145) في أبواب التهجد و مسلم رقم (758) في صلاة المسافرين ، باب الترغيب في الدعاء والذكر ، ومالك في الموطأ (1/214) في القرآن ، والترمذي (3493) في الدعوات ، وأبو داود رقم (1315) في الصلاة .
(2) صحيح : رواه البخارى رقم (5999) فى الادب ، باب رحمة الولد .