أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ | فإنك دونَ الطيرِ للسرِّ موضعُ |
وأَنت مُعينُ العاشقين على الهوى | تئِنُّ فنُصْغي، أَو تحنُّ فنَسْمَع |
أَراك يَمانِيّاً، ومصرُ خميلتي | كلانا غريبٌ، نازحُ الدارِ، مُوجَع |
هما اثنان: دانٍ في التغرُّب آمنٌ | وناءٍ على قربِ الديار مروع |
ومن عجب الأشياء أبكي واشتكي | وأَنت تُغَنِّي في الغصونِ وتَسْجَع |
لعلك تُخفي الوجدَ، أَو تكتمُ الجَوى | فقد تمسك العينان والقلبُ يدمع |
شجاكَ صِغارٌ كالجُمانِ ومَوْطِنٌ | نَدٍ مثلُ أَيامِ الحَدَاثَة ِ مُمْرعُ |
إذا كان في الآجال طولٌ وفسحة ٌ | فما البينُ إلا حادثٌ متوقع |
وما الأَهلُ والأَحبابُ إلاَّ لآلِىء ٌ | تفرقها الأيامُ ، والسمطُ يجمع |
أَمُنْكِرَتي، قلبي دليل وشاهدي | فلا تُنكريه، فهْو عندَكِ مُودَع |
أَسيرُكِ، لو يُفْدَى فَدَتْه بجمعها | جوانحُ في شوقٍ إليه وأَضْلُع |
رماه إليك الدهرُ من حاق الهوى | يذال على سفح الهوان ويوضع |
ومن عجبٍ، يأْسَى إذا قلت: مُتْعَبٌ | ويطرَبُ إن قلت: الأَسيرُ المُمنَّع |
لقيتِ عليماً بالغواني، وإنما | هو القلبُ ، كالإنسان يغرى ويخدع |
واعلم أن الغدرَ في الناس شائعٌ | وأن خليلَ الغانيات مضيَّع |
وأَنَّ نِزاعَ الرُّشدِ والغَيِّ حالة ٌ | تجيءُ بأحلامِ الرَّجال وترجع |
وأَن أَمانيَّ النفوسِ قواتلٌ | وكثرتُها من كثرة الزَّهرِ أَصْرَع |
وأن داعة َ الخير والحقِّ حربهم | زمانٌ بهم عهد سُقْراطَ مُولَع |