ضُمّي قِناعَكِ يا سُعادُ أَو اِرفَعي | هَذي المَحاسِنُ ما خُلِقنَ لِبُرقُعِ |
الضاحياتُ، الباكياتُ، ودونَها | ستر الجلالِ ، بعدُ شأو الملطع |
يا دُمْيَة ً لا يُستزاد جمالُها | زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع |
ماذا على سلطانِه من وقفة | للضَّارعين، وعَطْفة ٍ للخُشَّع؟ |
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟ | إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع |
ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه | إن الحجاب لهين لم يمنع |
أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه | من مظهر ، ولسره من موضع |
وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة | وأَدقّ منكِ بَنانُه لم تَصْنَع |
لمستك راحته ، ومسك روحه | فأَتى البديعُ على مِثال المُبْدِعِ |
* * * |
الله في الأحبار : من متهالكٍ | نضوٍ ، ومهتوكِ المسوحِ مصرع |
من كل غاوٍ في طوية ِ راشدٍ | عاصي الظواهرِ في سريرة ِ طَيِّع |
يَتَوَهَّجون ويَطفأَون، كأَنهم | سرجٌ بمعتركِ الرياحِ الأربع |
علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم | والجاهلون على الطريق المَهْيَع |
ذهب ابن سينا ، لم يفز بكِ ساعة ً | وتَوَلَّت الحكماءُ لم تَتَمَتّع |
هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه | شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع |
فمحمدٌ لك والمسيح ترجلا | وترجلتْ شمسُ النهار ليوشع |
ما بالُ أَحمدَ عَيَّ عنكِ بيانُه؟ | بل ما لعيسى لم يقلْ أو يدع |
وَلِسانُ موسى اِنحَلَّ إِلّا عُقدَةً | مِن جانِبَيكَ عِلاجُها لَم يَنجَع |
* * * |
لَمّا حَلَلتِ بِآدَمٍ حَلَّ الحِبا | وَمَشى عَلى المَلَأ السُجودِ الرُكَّعِ |
وَأَرى النُبُوَّةَ في ذَراكِ تَكَرَّمَت | في يوسُفٍ وَتَكَلَّمَت في المُرضَعِ |
وَسَقَت قُريشَ عَلى لِسانِ مُحَمَّدٍ | بِالبابِلِيِّ مِنَ البَيانِ المُمتِعِ |
وَمَشَت بِموسى في الظَلامِ مُشَرَّداً | وَحَدَتهُ في قُلَلِ الجِبالِ اللُمَّعِ |
حَتّى إِذا طُوِيَت وَرِثتِ خِلالَها | رُفِعَ الرَحيقُ وَسِرُّهُ لَم يُرفَعِ |
قَسَمَت مَنازِلَكِ الحُظوظُ فَمَنزِلاً | أُترَعنَ مِنكِ وَمَنزِلاً لَم تُترَعِ |
وَخَلِيَّةً بِالنَحلِ مِنكِ عَميرَةً | وَخَلِيَّةً مَعمورَةٍ بِالتُبَّعِ |
وَحَظيرَةً قَد أودِعَت غُرَرَ الدُمى | وَحَظيرَةً مَحرومَةً لَم تودَعِ |
نَظَرَ الرَئيسُ إِلى كَمالِكِ نَظرَةً | لَم تَخلُ مِن بَصَرِ اللَبيبِ الأَروَعِ |
* * * |
فَرآهُ مَنزِلَةً تَعَرَّضَ دونَها | قِصَرُ الحَياةِ وَحالَ وَشكُ المَصرَعِ |
لَولا كَمالُكِ في الرَئيسِ وَمِثلِهِ | لَم تَحسُنِ الدُنيا وَلَم تَتَرَعرَعِ |
اللَهُ ثَبَّتَ أَرضَهُ بِدَعائِمٍ | هُم حائِطُ الدُنيا وَرُكنُ المَجمَعِ |
لَو أَنَّ كُلَّ أَخي يَراعٍ بالِغٌ | شَأوَ الرَئيسِ وَكُلَّ صاحِبِ مِبضَعِ |
* * * |
ذَهَبَ الكَمالُ سُدىً وَضاعَ مَحَلُّهُ | في العالَمِ المُتَفاوِتِ المُتَنَوِّعِ |
يا نَفسُ مِثلُ الشَمسِ أَنتِ أَشِعَّةٌ | في عامِرٍ وَأَشِعَّةٌ في بَلقَعِ |
فَإِذا طَوى اللَهُ النَهارَ تَراجَعَت | شَتّى الأَشِعَّةِ فَاِلتَقَت في المَرجِعِ |
لَما نُعيتِ إِلى المَنازِلِ غودِرَت | دَكّاً وَمِثلُكِ في المَنازِلِ ما نُعي |
ضَجَّت عَلَيكِ مَعالِماً وَمَعاهِداً | وَبَكَت فُراقُكِ بِالدُموعِ الهُمَّعِ |
آذَنتِها بِنَوىً فَقالَت لَيتَ لَم | تَصِلِ الحِبالَ وَلَيتَها لَم تَقطَعِ |
وَرِداءُ جُثمانٍ لَبِستِ مُرَقَّمٍ | بِيَدِ الشَبابِ عَلى المَشيبِ مُرَقَّعِ |
* * * |
كَم بِنتِ فيهِ وَكَم خَفيتِ كَأَنَّهُ | ثَوبُ المُمَثِّلِ أَو لِباسُ المَرفَعِ |
أَسَئِمتِ مِن ديباجِهِ فَنَزَعتِهِ | وَالخَزُّ أَكفانٌ إِذا لَم يُنزَعِ |
فَزِعَت وَما خَفِيَت عَلَيها غايَةٌ | لَكِنَّ مَن يَرِدِ القِيامَةَ يَفزَعِ |
ضَرَعَت بِأَدمُعِها إِلَيكِ وَما دَرَت | أَنَّ السَفينَةَ أَقلَعَت في الأَدمُعِ |
أَنتِ الوَفِيَّةُ لا الذِمامُ لَدَيكِ مَذ | مومٌ وَلا عَهدُ الهَوى بِمُضَيَّعِ |
أَزمَعتِ فَاِنهَلَّت دُموعُكِ رِقَّةً | وَلَوِ اِستَطَعتِ إِقامَةً لَم تُزمِعي |
بانَ الأَحِبَّةُ يَومَ بَينِكِ كُلُّهُم | وَذَهَبتِ بِالماضي وَبِالمُتَوَقَّعِ |
* * * |