فصل في شروط صحة السعي بين الصفا والمروة وسننه
أولاً : شروط صحة السعي بين الصفا والمروة :
يُشْترط لصحة السعي بين الصفا والمروة ثمانية شروط :
- ( الإسلام , العقل , النية ): وهذه الشروط الثلاثة شرط في سائر العبادات, وقد سبق الكلام عليها .
- الشرط الرابع : الموالاة : فيلزمه أن يوالي في سعيه بين الأشواط السبعة ولا يفصل بينها وإلا بطل السعي ؛ قياساً على الطواف . إلا إذا كان الفصل يسيراً عُرْفاً , أو أُقيمت الصَّلاة , أو حضرت جنازة للصلاة عليها ، فله أن يصلي ويكمل سعيه كما مرَّ في الطواف .
- الشرط الخامس : المشي مع القدرة : فلا يجوز له أن يسعى راكباً إلا لعذرٍ وإلا بطل سعيه ؛ قياساً على الطواف .
- الشرط السادس : أن يكون السعي بعد طوافٍ – حتى لو كان هذا الطواف سنَّة كطواف القدوم - ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بعد طوافه وقد قال : ( يَا أَيُّها النَّاسُ خُذُوا مَنَاسِكَكُم فَإِنَّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا) [رواه مسلم والنسائي واللفظ له] .
فلو سعى دون أن يُسْبق هذا السعي بطواف فسعيه غير صحيح . وكذا إذا سعى بعد طوافٍ لكن هذا الطواف لم يكن على طهارةٍ ، فسعيه أيضاً غير صحيح ؛ لبطلان الطواف الذي تقدمه .
- لا يُشْترط أن يكون السعي بعد الطواف مباشرةً بل ذلك سنَّة , فلو أخَّر السعي إلى الليل فلا بأس. قال الإمام أحمد: «لا بأس أن يؤخر السَّعي حتى يستريح أو إلى العَشيّ» [المغني ( 3/411 )] .
الشرط السابع : أن يكون السعي سبعة أشواطٍ : فيجب عليه أن يسعى بين الصفا والمروة سبع مرات ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر (... وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعًا...) [رواه البخاري ومسلم] .
- يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا كما في حديث جابر وفيه: (...فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله ﴾ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ . فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِىَ عَلَيْهِ ...) [رواه البخاري ومسلم] . فلو بدأ بالمروة قبل الصفا لم يُعتد بذلك الشوط ولا يُحتسب .
- ويكون ذهابه من الصفا إلى المروة شوطاً ورجوعه من المروة إلى الصفا شوطاً آخر ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر في وصف حجتة عليه الصلاة والسلام .
الشرط الثامن : استيعاب ما بين الصفا والمروة : فيجب عليه أن يستوعب جميع المكان الذي بين الصفا والمروة بالسعي ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم . وقد قال : (يَا أَيُّها النَّاسُ خُذُوا مَنَاسِكَكُم ...) . فلو ترك خطوة منه لم يصح سعيه .
ثانياً: سنن السعي:
يستحب في السعي بين الصفا والمروة ما يلي:
1- الطهارة من الحَدَثين: فيُستحب له أن يسعى على طهارة، لأنه ذكر لله عزوجل، والذكر يستحب الإتيان به على طهارة. فلو سعى وهو مُحْدث فسعيه صحيح ويُجزئه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: (افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحاجُّ غَيْرَ أَنْ لاََََ تَطُوفيِ بِالبَيَتِ حَتَّى تَطْهُرِي) [رواه البخاري ومسلم]. فمنعها النبي صلى الله عليه وسلم من الطواف فقط وهي حائض فدلَّ ذلك على جواز السعي وغيره من المناسك بغير طهارة.
2- الموالاة بينه وبين الطواف: وذلك بأن يسعى بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام مباشرةً فلا يُفَرِّق بينهما طويلاً ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في وصف حجته.
ثالثاً: سنن وآداب في الحج :
ومن السنَّه في الحج ما يلي:
1- أن يَشْرب من ماء زمزم لما أحبَّ من أمور الدين والدنيا ويرش منه على بدنه وثوبه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ ) [رواه أحمد وابن ماجة]. ولحديث علي رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِسَجْل - الدَّلْوِ المَمْلُوءِ بِالمَاءِ - مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ) [رواه عبدالله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند].
2- يدعو عند الشُّرْب منه ويقول : «بسم الله، اللهم اجعله لنا علماً نافعاً ورزقاً واسعاً ورِيَّاً وشِبِعاً وشفاءً من كل داءٍ، واغسل به قلبي واملأه من خشيتك» ؛ لأن هذا الدعاء لائق بهذا الفعل، وهو شامل لخيري الدنيا والآخرة. ولأثر عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا شَرِبَ مَاءَ زَمْزَم قال: اللَّهُمَّ إِنَّي أَسألَك عِلْماً نَافِعاً، وَرِزْقاً وَاسِعاً، وَشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ) [رواه الحاكم والدارقطني بإسناد ضعيف].
3- الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (صَلاَةٌ فِى مَسْجِدِى هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ ) [رواه مسلم]. ولحديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فَضْلُ الصَّلاَةِ في المَسْجِدِ الحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مائَةُ أَلْف صَلاَةٍ ، وَفي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاَةٍ ، وَفي مَسْجِدِ بَيْتِ المَقْدِسِ خَمْسُمائَةِ صَلاَة ) [رواه البَزَّار والطحاوي والبيهقي في شُعَب الإيمان].
4- زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبريّ صاحبيه (أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) ؛ لحديث ( مَنْ زَارَ قَبْرِي ، أَوْ قَالَ : مَنْ زَارَنِى كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا) [رواه أبو داود الطيالسي والبيهقي بإسناد ضعيف].