تكفين الميت
1) حكم تكفين الميت :
تكفين الميت فرض كفاية على المسلمين , إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الجميع , وإلا لم يقم به أحد آثم الجميع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتكفين الميت فقال النبي صلى الله عليه وسلم – كما جاء في قصة الأعرابي الذي وَقَصَتْه ناقته فمات – (...وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ...) [أخرجه البخاري ومسلم] .
2) صفة الكفن وما يجب فيه :
أ - يجب أن يكون الكفن ساتراً لجميع بدن الميت ؛ لأن هذه هي حقيقة التكفين , ولحديث أم عطيَّة الأنصارية رضي الله عنها قالت : (...فَلَمَّا فَرَغْنَا- يعني من غسل ابنته - أَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ...) [رواه البخاري ومسلم]. والحِقْوُ : الإزار . وأشعرنها إياه : أي الففنها فيه.
إلا إذا كان الميّت مُحْرِمَاً أو مُحْرِمَةً , فحينئذٍ لا يُغطّي رأس المحرم بل يبقى مكشوفاً ؛ لأنه مٌحْرِم , والمرأة لا يغطى وجهها ؛ لأنها مُحْرِمة, وإحرام المرأة في وجهها , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق من مات محرماً - كما في قصة الأعرابي الذي وقصته ناقته فمات وهو مُحرِم - (... وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) .
ب- ألا يكون الكفن شفّافاً بحيث يصف البشرة ؛ وذلك حتى يستر الميت, فالكفن الذي يصف البشرة غير ساتر فيكون وجوده كعدمه .
ج- أن يكون الثوب الذي يُكفّن به الميت من جنس ما يلبسه مثله , فلا يكون مُكْلفاً بحيث يكون إجحاف في حق الورثة , ولا يكون رديئاً بحيث يكون فيه إجحاف في حق الميت , إلا إذا كان الميت قد أوصى قبل موته أن يكون كفنه أقل من ملبوس مثله , فحينئذٍ تُنفّذ وصيته ؛ لأن هذا حقه وقد أسقطه , كما فعل أبو بكر رضي الله عنه , كما تقول عائشة رضي الله عنها – وأبو بكر في مرض الموت – (... فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا. قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ - أي صار قديماً بالياً – قَالَ: إِنَّ الحَيَّ أَحَقُّ بِالجَدِيدِ مِنْ المَيِّتِ ...) [رواه البخاري] .
3) ما يستحب في التكفين :
أ - أن يكفَّنَ الرَّجلُ في ثلاث لفائف بيض من القطن ، ليس فيها قميص ولا عمامةٌ , ولا يُزاد عليها ولا يُنقص منها , ثم تُوضع هذه اللفائف على الأرض بعضها فوق بعض , ثم يُوضع عليها الميت مستلقياً على ظهره , ثم يُردُّ طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن , وطرفها من الجانب الأيمن على شقه الأيسر , وهكذا اللفافة الثانية والثالثة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ ) [رواه البخاري ومسلم] , وفي رواية : (... أُدْرِجَ فِيهَا إِدْرَاجًا) [رواه أحمد بسند حسن].
ب- أن تكفَّنَ المرأةُ في خمسة أثواب من قطن (إزار - ويقوم مقامه السِّروال - , وخِمَار يُغطى به الوجه والرأس , وقميص - وهو الثوب المعروف - ولفافتين) ؛ لحديث ليلى بنت قانِف الثقفية قالت: ( كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْحِقَاءَ ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ في الثَّوْبِ الآخِرِ. قَالَتْ: وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا ) [رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن] .
والحِقَاء : بكسر الحاء وتخفيف القاف , جمع الحِقْو وهو الإزار . والدرع : هو القميص .
ج- أن يُكفَّنَ الصَّبيُّ في ثوب واحد ؛ لأنه دون الرجل , وإن كُفّن في ثلاثة أثواب فلا بأس؛ لأنه ذكر فأشبه الرجل .
د - أن تُكفَّنَ الطفلةُ الصغيرة في قميص ولفافتين بلا خمار ؛ لأنها دون المرأة , ولأن ابن سيرين رحمه الله كفَّن بنتاً له قد أعصرت - أي قاربت المحيض- في قميص ولفافتين . [رواه ابن أبي شيبة بمعناه , ورجاله ثقات].
4) ما يكره في التكفين :
أ - تكفين الميت بشعر وصوف ؛ لأنه خلاف فعل السلف .
ب- التكفين بمُزَعْفَرٍ ومُعَصْفَرٍ ومَنْقُوشٍ، ولو كان الميّت امرأةً ؛ لأن هذا خلاف فعل السلف , ولأنه أيضاً لا يليق بحال الميت .
5) ما يحرم في التكفين :
أ - تكفين الميت بجلد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنزع الجلود عن الشهداء وأن يدفنوا في ثيابهم كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الحَدِيدُ وَالجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) [رواه أبوداود وسكت عنه] .
ب- التكفين بحرير ومُذَهَّبٍ ولو كان الميّت امرأةً ؛ فيحرم تكفين الرجل بذلك ؛ لأن الحرير والذهب محرَّمان عليه في الدنيا , وأما المرأة فلأن الحرير والذهب إنما أُبيحا لها في حال الحياة لأنها محل الزينة والشهوة وقد زال ذلك بموتها.