ضخامة البروستات الحميدة
ضخامةُ البروستات الحميدة (تَضخُّم البروستات الحميد)benign prostate enlargement (BPE)، وتُسمَّى فَرط تنسُّج البروستات الحميد benign prostatic hyperplasia (BPH)، هي حالةٌ تُصيبُ كبارَ السن من الرجال.
ومن الشائع أن يُصابَ بها الرجالُ الذين تجاوزت أعمارُهم 50 عاماً، وهي لا تُشكّلُ تهديداً خطيراً على صحتهم عادةً.
غدَّة البروستات
البروستات prostate هي غدَّةٌ صغيرةٌ توجد عندَ الرجال فقط، تتوضَّعُ في منطقة الحوض pelvis، بين القضيب penis والمثانة bladder. وهي تشارك في إنتاج السائل المنوي semen.
تقوم غدَّةُ البروستات بإنتاج سائلٍ أبيض ثخين، يتحوَّل إلى سائلٍ أقلّ كثافةً بواسطة بروتين يُسمَّى المستضدّ النوعي للبروستات prostate-specific antigen (PSA)؛ ثمَّ يمتزج السائلُ مع النطاف sperm التي تُنتِجُها الخصيتان testicles لتشكيل السائل المنوي أو المنيّ semen.
يُعاني الكثيرُ من الرجال المصابين بضخامة البروستات الحميدة من قلقٍ مرتبط بزيادة احتمال تحوُّل هذه الضخامة إلى سرطان البروستات prostate cancer، إلاَّ أنَّ هذه ليست هي القضيَّة، فخطرُ الإصابة بسرطان البروستات عندَ الرجال المصابين بضخامة البروستات الحميدة ليس أكبرَ من خطر حدوثه عندَ الرجال الذين لا يُعانون من هذا التضخُّم.
الأعراض
تنجم أعراضُ تضخُّم البروستات الحميد عن الضغط الذي تُشكِّله غدَّةُ البروستات المتضخِّمة على المثانة bladder والإحليل urethra (الأنبوب الذي يمرُّ عبره البول من المثانة إلى القضيب penis).
يمكن أن يؤثِّرُ هذا في عمليَّة التَّبوُّل بعدَّة طرق؛ فقد يؤدي ذلك إلى حدوث ما يلي:
* صعوبة البدء بالتبوُّل.
* انخفاض قوَّة تدفُّق البول أو حدوث "بول مُتقطِّع stopping and starting".
* حدوث شدٍّ عند التبوُّل.
* التبوُّل المتكرِّر.
* تكرُُّر الاستيقاظ خلال الليل للتبوُّل.
* الشعور بإلحاح مفاجئ للتبوُّل، والذي قد ينجم عنه سلسٌ بولي urinary incontinence عند تعذُّر الوصول السريع إلى المرحاض.
* عدم تفريغ المثانة بشكلٍ كامل.
* بيلة دمويَّة haematuria (ظهور الدم في البول).
تكون هذه الأعراضُ خفيفةً عند بعض الرجال، ولا تحتاج إلى علاج؛ بينما قد تكون شديدةَ الإزعاج عندَ بعضهم الآخر، ويكون لها تأثيرٌ كبيرٌ في نمط حياتهم.
ويمكن أن يحدثَ في المراحل المتقدِّمة من تضخُّم البروستات الحميد حصرٌ أو احتباس للبول urine retention ومضاعفات أخرى، كتشكُّل حصيَّات في المثانة bladder stones وعدوى المثانة bladder infections وتضرُّر كُلويّ kidney damage
متى ينبغي مراجعة الطبيب
يجب مراجعةُ الطبيب عندَ ملاحظة أيّ مشاكل أو تغيُّرات في النمط المعتاد للتبوُّل، حتى إذا كانت هذه الأعراضُ خفيفةً، حيث قد تكون ناجمةً عن حالةٍ تحتاج إلى فحص (واستقصاء).
فوجودُ أيّ آثار للدم في البول يستدعي الاستقصاء عن سببها لاستبعاد الإصابة بحالاتٍ أخرى أكثر خطورة.
الأسباب
ما زال السببُ الدَّقيق لحدوث ضخامة البروستات الحميدة مجهولاً، ولكنَّ الباحثين يعتقدون بأنّ الهرمونات قد تمارس دوراً مهمَّاً في حدوث الحالة.
الهرموناتُ موادّ كيميائيَّة فعَّالة قد يكون لها طيفٌ واسعٌ من التأثيرات في خلايا الجسم.
وقد توصَّلت إحدى النظريَّات إلى أنَّه، مع تقدُّم بعض الرجال بالعمر، يحدث ارتفاعٌ في مستويات أحد أنواع الهرمونات ويُدعى ثنائي هيدروتِستوستيرون dihydrotestosterone (DHT)، ممَّا قد يُحفِّزُ نموَّ البروستات.
وتُشيرُ نظريَّةٌ أخرى إلى أنَّ هرموني التِّستوستيرون testosterone والإستروجين oestrogen يمارسان دوراً في ذلك، حيث تكون مستوياتُ إنتاج الرجال الأصغر سنَّاً من هرمون التستوستيرون مرتفعةً، بينما تكون مستوياتُ إنتاج الإستروجين شديدة الانخفاض. ولكن، مع تقدُّم الرجال بالعمر، تتناقص مستوياتُ التستوستيرون، ممَّا يعني أنَّ نسبة مستويات الإستروجين في الجسم سوف ترتفع. ويُعتقَد أنَّ الزيادة النسبيَّة في هرمون الإستروجين قد تُنشِّطُ نموَّ البروستات.
عوامل الخطر
توصَّل الباحثون إلى أنَّ معدَّلات تضخُّم البروستات الحميد تكون أكبرَ عند الرجال المصابين بارتفاع ضغط الدم والداء السكَّري، إلاَّ أنَّ الداء السكَّري وارتفاع ضغط الدم مرتبطان بعملية الشيخوخة الطبيعية، لذلك فقد لا يكون هناك ارتباطٌ مباشرٌ بين الحالات الثلاث.
التشخيص
من الضروري إجراءُ بضعة اختباراتٍ لتشخيص الإصابة بتضخُّم البروستات الحميد.
تُجرى بعضُ الاختبارات بتوصيةٍ من الطبيب العام، بينما يُجرى بعضُها الآخر بتوصيةٍ من اختصاصي أمراض الجهاز البولي urologist.
يبدأ الطبيبُ بالاستفسار عن الأعراض أوَّلاً؛ فإذا كانت هذه الأعراضُ تشبه أعراضَ الإصابة بضخامة البروستات الحميدة، تكون المرحلةُ التالية هي حساب المؤشِّر العام لأعراض البروستات International Prostate Symptom Score (IPSS).
المؤشِّر العام لأعراض البروستات
يُطلَبُ استكمالُ استبيان لتقييم الأعراض. وكلُّ سؤالٍ له خمسة أجوبة محتملة مختلفة الدرجات، وتُستَعملُ النتيجةُ الإجماليَّة لتقييم شدَّة الأعراض.
تشتملُ قائمةُ الاستبيان الأسئلة التالية:
خلال الأشهر الماضية:
* كم عدد المرات التي تكرَّر فيها الشعورُ بعدم تفريغ المثانة بشكلٍ كاملٍ بعدَ التبوُّل؟
* كم عدد المرات التي كانت هناك ضرورةٌ للتبوُّل مرَّةً أخرى بعدَ أقلّ من ساعتين من التبوُّل الأول؟
* كم عدد المرات التي حدث فيها تقطُّعٌ خلال التبوُّل؟
* كم عددُ المرَّات التي كان من الصعب فيها تأخير التبوُّل؟
* كم عددُ المرات التي كان فيها تدفُّق البول ضعيفاً؟
* كم عددُ المرات التي توجَّب فيها الضغط أو الشدّ حتى يبدأ التبوَّلُ خلال الليل؟
* كم عدد المرَّات التي استيقظ فيها الشخصُ للتبوُّل خلال الليل؟
بعدَ أن يقومَ الطبيبُ بتقييم شدَّة الأعراض، يقوم باستبعاد الإصابة بحالاتٍ مرضيَّةٍ أخرى لها أعراضٌ مشابهة من خلال إجراء بعض الاختبارات.
استبعاد الإصابة بحالاتٍ مرضيَّةٍ أخرى
تكون أعراضُ الإصابة بضخامة البروستات الحميدة مشابهةً لأعراض الإصابة بحالاتٍ مرضيَّةٍ أخرى، ومن ضمنها سرطانُ البروستات prostate cancer. لذلك، من الضروري أن يتيقَّنَ الطبيبُ من أنَّ هذه الأعراضَ ليست ناجمةً عن السرطان.
• الاختبارات البوليَّة
يمكن إجراءُ اختبار بوليّ urine test للتحقُّق ممَّا إذا كانت الأعراضُ ناجمةً عن عدوى في الجهاز البولي، مثل عدوى الكِلية kidney infection أو عدوى المثانة bladder infection.
• الفحص أو المسّ الشرجي
قد تكون هناك ضرورةٌ لإجراء فحصٍ شرجيٍّ rectal examination للتحرِّي عن احتمال الإصابة بسرطان البروستات؛ فقد يؤدِّي سرطانُ البروستات إلى قساوة الغدَّة وظهور كُتَل عليها.
يستعملُ الطبيبُ قُفَّازاً، ويدهنُ أحد الأصابع بمُزلِّق قبلَ أن يُدخِلَه برفقٍ في فتحة الشرج bottom متَّجهاً نحو الأعلى في المستقيم rectum. وبما أنَّ المستقيمَ قريبٌ من غدَّة البروستات، فسوف يكون بالإمكان التحقُّق من حدوث تغيُّراتٍ على سطح الغدَّة. ويكون هذا الإجراءُ مزعجاً قليلاً، ولكنَّه لا يُسبِّبُ ألماً عادةً.
لا يُسبِّبُ سرطان البروستات تغيُّراتٍ في غدَّة البروستات دائماً، لذلك فقد يكون من الضروري إجراء بعض الاختبارات التخصُّصيَّة الإضافية لاستبعاد الإصابة به. ويُحتملُ أن يُحالَ الشخصُ إلى اختصاصي المسالك البوليَّة لإجراء هذه الاختبارات.
• اختبار المستضدّ النوعي للبروستات
يمكن القيامُ باختبارٍ دموي لقياس كمية بروتين المستضدّ النوعي للبروستات PSA protein الذي تنتجه غدَّةُ البروستات.
يُشير ارتفاعُ مستوى المستضدّ النوعي للبروستات prostate-specific antigen (PSA) إلى وجود ضخامة في البروستات، وقد يدلُّ الارتفاعُ الكبير عن مستواه الطبيعي إلى وجود إصابة بسرطان البروستات. ولكن، وكما هي الحالُ في فحص المستقيم، فإنَّ اختبارَ المستضد النوعي للبروستات لا يمكنه حسمُ التشخيص النهائي للإصابة بسرطان البروستات.
• التصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر المستقيم
يُعدُّ التصويرُ بالأمواج فوق الصوتية عبر المستقيم transrectal ultrasound (TRUS) أحدَ أنواع التصوير بالأمواج فوق الصوتيَّة المُصمَّمة خصيصاً لدراسة غدَّة البروستات والمنطقة المحيطة بها.
يُوضَعُ مسبارُ الأمواج فوق الصوتية ultrasound probe داخل المستقيم، وتُستَعمل موجاتٌ صوتية لتشكيل تفاصيل صور البروستات.
يقيسُ هذا النوعُ من التصوير حجمَ غدَّة البروستات، ويمكن استعمالُه لتأكيد أو استبعاد الإصابة بسرطان البروستات.
• التصوير المقطعي المحوسَب للجهاز البولي
يُستعمل التصويرُ المقطعي المحوسَب للجهاز البولي computer tomographic (CT) urogram لدراسة المسالك البولية (المثانة والأنابيب التي يمرُّ عبرها البول والمعروفة بالحالب ureter والإحليل urethra).
كما يمكن استعمالُ هذا النوع من التصوير للتحقُّق من وجود انسداد في الجهاز البولي قد يؤدِّي إلى ظهور الأعراض التي يُعاني منها الشخص، كالحصاة الكلوية kidney stone أو حصاة المثانة bladder stone. ويمكن استعمالُه أيضاً للتحرِّي عن وجود أية إصابات في المسالك البولية.
وفي أثناء التصوير المقطعي المحوسَب للجهاز البولي، تُحقَنُ صبغةٌ مُشعَّة غير مؤذية، يمكن مشاهدتها في صور الأشعة السينية X-rays. وينبغي أن تصلَ هذه الصبغةُ إلى المسالك البولية
خلال 30-60 دقيقة من حقنها، حيث يمكن حينها أخذُ مجموعةٍ من صور الأشعَّة السينية. وقد يُطلَبُ من الشخص في بعض الحالات أن يتبوَّلَ قبلَ أخذ الصورة الأخيرة بالأشعَّة السينية.
• مخطَّطات إفراغ المثانة
مخطَّطُ إفراغ المثانة voiding chart هو مفكَّرة زمنية للتبوُّل، والتي قد يُطلَب تسجيلُها لمدة 24 ساعة، حيث يُطلَبُ تسجيلُ عدد مرَّات التبوُّل، بالإضافة إلى تفاصيل حول عملية التبوُّل، مثل تقطُّع البول أو المعاناة من صعوبة عندَ بدء التبوُّل.
يُعَدُّ مخططُ إفراغ المثانة من الطرق الجيِّدة لكشف المزيد من المعلومات المتعلِّقة بالأعراض، ويمكن استعمالُه لتحديد نوع العلاج الأكثر فعَّالية للسيطرة على الأعراض.
• مقياس جريان البول
يقوم مقياسُ جريان البول uroflowmetry بقياس ضغط المثانة، وطريقة عملها خلال التبوُّل.
يُستَعملُ مخدِّرٌ موضعيٌّ، ويُدخَلُ أنبوبٌ مرنٌ صغير في الإحليل يُدفَعُ نحو إلى المثانة.
ثمَّ يُحقنُ ماءٌ من خلال قثطار في المثانة. ويقيس جهازُ كمبيوتر موصول بالقثطار الضغطَ داخل المثانة، ويمكن عندها تقييمُ كفاءة عمل المثانة.
وكما هي الحالُ عندَ استعمال مخطَّطات إفراغ البول، فإنَّ قياسَ جريان البول uroflowmetry هو من الوسائل الجيِّدة لتحديد نوع العلاج الذي يُفيدُ في السيطرة على الأعراض.
المعالجة
يعتمد تحديدُ نوع المعالجة في ضخامة البروستات الحميدة على شدَّة الأعراض.
ويمكن تصنيفُ العلاجات الرئيسية الثلاثة كما يلي:
* إحداث تغييرات في نمط الحياة.
* الأدوية.
* الجراحة.
قد لا تكون هناك ضرورةٌ للعلاج الطبيّ الفوري عندما تكون الأعراضُ خفيفةً أو متوسِّطة، ولكن ينبغي إجراء فحوصات منتظمة ومراقبة دقيقة لغدة البروستات.
كما قد يُوصَى بإجراء تغييراتٍ على نمط الحياة لمعرفة مدى تأثيرها في تحسُّن الأعراض.
• تغييرات نمط الحياة
يُنصحُ الرجلُ الذي يُعاني من ضخامة البروستات الحميدة بما يلي:
* تفادي شرب أيَّة سوائل خلال ساعة إلى ساعتين قبل الذهاب إلى الفراش، حيث يُقلل هذا من فرص الاستيقاظ خلال الليل للتبوُّل (البوال الليلي nocturia).
* اكتساب الخبرة بالنسبة للوقت المناسب لاستعمال الدواء الموصوف، مثلاً، استعمال الدواء عند السابعة مساءً قد يُساعد على تجنُّب البوال الليلي.
* الامتناع عن تناول الكحول والكافيين أو التقليل من تناولهما، حيث يمكن لهذه المشروبات أن تُهيِّجَ المثانة، ممَّا يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
* ممارسة الرياضة بانتظام exercise regularly، حيث توصَّلت الدراساتُ إلى أنَّ الممارسةَ المعتدلة للتمارين الرياضية، كالمشي لمدة تتراوح بين 30-60 دقيقة، قد تُحسِّنُ الأعراض، رغم أنَّ سببَ حدوث ذلك ما زال مجهولاً.
* الانضمام إلى مجموعة دعم المرضى، حيث ينبغي أن ينصحَ الطبيبُ المريضَ بالانضمام إلى إحدى مجموعات الدعم، ممَّا قد يساعد على تدبير الأعراض الخفيفة دون الحاجة إلى استعمال الدواء.
• تدريب المثانة
تدريبُ المثانة bladder training هو برنامجٌ للتمارين يهدف إلى زيادة الفترة الفاصلة بين مرَّات التبوُّل، وزيادة كمية البول التي تستطيع المثانة الاحتواءَ عليها.
ينبغي إعطاءُ الشخص هدفاً عليه تحقيقه، كأن يكون الفاصلُ الزمني بين حالتي تبوُّل ساعتين على الأقلّ.
ومن المفيد استعمالُ مخططٍ لتدريب المثانة، حيث يسمح بتسجيل وقت حدوث كلِّ عملية تبوُّل وكمِّية البول.
كما ينبغي التدرُّب على ممارسة عددٍ من التمارين، كتمارين التنفُّس breathing والاسترخاء relaxation والتمارين العضلية، للمساعدة على تحسين الانتباه عندَ الحاجة إلى التبوُّل.
يُزاد الفاصلُ الزمني المطلوب بين حالات التبوُّل بمرور الوقت، حيث ينبغي أن يجدَ الرجل عندَ نهاية تطبيق البرنامج أنَّه قادرٌ على البقاء لفترة زمنية طويلة دون الحاجة إلى التبوُّل.
ولكن، ينبغي إجراءُ تدريب المثانة تحت الإشراف الطبي.
الأدوية
يُنصَح باستعمال الأدوية بالتزامن مع إحداث التغيرات في نمط الحياة عادةً، وذلك عند علاج الأعراض المتوسِّطة إلى الشديدة لضخامة البروستات الحميدة.
• فيناستيريد أو دوتاستيريد
يُستَعملُ فيناستيرويد finasteride ودوتاستيرويد dutasteride على نطاقٍ واسع لعلاج ضخامة البروستات الحميدة، حيث يعملان على لجم تأثير هرمون ثنائي هيدروتيستوستيرون dihydrotestosterone (DHT) في غدَّة البروستات، ممَّا قد يُقلِّصُ من حجم الغدَّة، ويُحسِّن الأعراضَ المرتبطة بذلك.
قد يحدث تحسُّنٌ فوريٌّ في الأعراض عند استعمال أحد هذه الأدوية، إلاَّ أنَّه من الضروري استعماله لمدَّة 6 أشهر على الأقل للحصول على الفائدة العظمى، وسوف يكون من الضروري إجراء فحصٍ سنوي لمراقبة الحالة.
قد يكون لهذين الدواءين تأثيرٌ سلبيّ في المني؛ ولذلك، فحدوث حملٍ يجعل الطفلَ معرَّضاً لخطر إصابته بعيوبٍ خلقيَّة.
وقد تشتمل الآثارُ الجانبية المحتملة الأخرى أيضاً على الضعف الجنسي (العنانة impotence) وغياب أو وجود كمِّية قليلة من المني عند القذف.
وفي كثيرٍ من الحالات، تتحسَّن هذه التأثيراتُ الجانبية مع اعتياد الجسم على استعمال الدواء. ويمكن مراجعةُ الطبيب عندما تتسبَّب هذه الآثار الجانبية بحدوث انزعاج لدى المريض.
• حاصرات ألفا
تساعد حاصراتُ ألفا alpha blockers على إرخاء عضلات المثانة، ممَّا يُسهِّلُ عملية التبوُّل. وقد يُوصَفُ استعمالُ حاصرات ألفا كمعالجة رئيسية أو بالتزامن مع فيناستيريد finasteride.
يُعدُّ تامسولوسين tamsulosin وألفوزوسين alfuzosin من حاصرات ألفا التي من الشائع استعمالُهما لعلاج ضخامة البروستات الحميدة. والآثارُ الجانبية الناجمة عن استعمال هذين الدواءين غيرُ شائعة، وهي خفيفةٌ عادةً مثل:
* الدوخة.
* الصداع.
* الضَّعف.
* قلَّة المني أو انعدامه عند القذف.
ينبغي البدءُ باستعمال حاصرات ألفا خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما لا تكون هناك ضرورةٌ لقيادة مركبة، حيث يوجد خطر لحدوث انخفاض في ضغط الدم وإغماء.
وبشكلٍ عام، ينبغي على الشخص الذي يعاني من دوخةٍ، عندَ استعماله هذا الدواء، أن يتجنَّبَ قيادة المركبات أو تشغيل الآلات الثقيلة حتى زوال تأثير هذا الدواء.
الجراحة
يمكن اللجوءُ إلى العلاج الجراحي عندما تكون أعراضُ ضخامة البروستات الحميدة متوسطةً إلى شديدة عادةً، ولم تكن هناك استجابةٌ للعلاج الدوائي.
• استئصال البروستات عن طريق الإحليل
يُعدُّ استئصالُ البروستات عن طريق الإحليل transurethral resection of the prostate (TURP) من الإجراءات الجراحية التي يجري خلالها استئصالُ الأنسجة الزائدة من البروستات لتخفيف الضغط عن المثانة.
يقوم الطبيبُ الجرَّاح بإدخال أداةٍ صغيرة تسمى منظار القطع resectoscope إلى الإحليل urethra، حيث يُسخَّنُ سلك على شكل حلقة بواسطة التيار الكهربائي لاستئصال النسيج الزائد من البروستات.
يمكن القيامُ بهذا الإجراء إمَّا تحت التخدير العام general anaesthetic (حيث يكون الشخص نائماً) أو التخدير النخاعي spinal anaesthetic (حيث يبقى الشخصُ مستيقظاً، مع تخدير النصف السفلي من الجسم).
قد تصل مدةُ العملية الجراحية إلى ساعة، ويعتمد هذا على حجم الأنسجة التي ينبغي استئصالها. وتكون حالةُ معظم الرجال جيِّدةً بحيث يمكنهم مغادرة المستشفى بعدَ مرور 2-3 أيام من الجراحة.
وبعدَ العملية الجراحية، لن يكون بالإمكان التبوُّل بشكلٍ طبيعيٍّ في البداية لوجود تورُّم في الإحليل. لذلك، يُدخَلُ أنبوبٌ رفيع يُسمَّى القثطار catheter عبر الإحليل نحو المثانة يمكن من خلاله تفريغُ المثانة من البول. ويمكن سحبُ هذا القثطار بعدَ مرور 24-48 ساعة على إجراء العملية الجراحية عادةً.
ومن المضاعفات الشائعة لاستئصال البروستات عن طريق الإحليل عدمُ إنتاج السائل المنوي عند القذف. ويُعرف هذا بالقذف أو الدفق الرجوعي retrograde ejaculation، حيث
يذهب السائل المنوي باتجاه المثانة بدلاً من القذف خارجاً عبر القضيب، إلاَّ أنَّ الشعورَ بالمتعة الجسدية المرتبطة بالقذف يبقى موجوداً (الذروة الجنسية أو هِزَّة الجِماع climax).
• شق البروستات عن طريق الإحليل
يُعدُّ شقُّ البروستات عن طريق الإحليل transurethral incision of the prostate (TUIP) من الإجراءات الجراحية التي يُوسَّعُ خلالها مجرى البول، ممَّا يُسهِّل عملية التبوُّل.
ومثلما هي الحالُ في استئصال البروستات عن طريق الإحليل، يقوم الجرَّاحُ بإدخال منظار القطع في الإحليل. ويحمل هذا المنظارُ في نهايته سلكاً ساخناً على شكل حلقة يُستَعملُ لإجراء شقوق صغيرةٍ في العضلة الواقعة مكان التقاء غدة البروستات بالمثانة.
يؤدِّي هذا النوعُ من الجراحة إلى إرخاء فتحة المثانة، ممَّا يساعد على جريان البول إلى خارجها. وكما هي الحالُ في استئصال البروستات عن طريق الإحليل، فإنَّ شقَّ البروستات عن طريق الإحليل يُجرى تحت التخدير العام أو النخاعي أو الشوكي.
وبعدَ إجراء الجراحة، قد لا تكون هناك إمكانيَّة للتبوُّل بشكلٍ طبيعي، وقد يكون من الضروري استعمالُ قثطار لإفراغ البول من المثانة، وذلك لفترةٍ زمنيَّة قصيرة حتى يتمكَّن الرجل من العودة إلى التبوُّل بشكلٍ طبيعي.
يكون احتمالُ حدوث القذف أو الدفق الرجوعي عندَ شقِّ البروستات عن طريق الإحليل قليلاً، مقارنةً باحتمال حدوثه عند إجراء استئصال البروستات عن طريق الإحليل، رغم أنَّه ما زال يحدث في بعض الأحيان.
• إدخال طعوم رافعة للإحليل البروستاتي
يُعدُّ إدخالُ طعوم رافعة للإحليل البروستاتي insertion of prostatic urethral lift implants من الإجراءات الجراحية الجديدة التي يمكن أن تساعدَ على تخفيف الأعراض البولية، مثل:
* صعوبة بدء التبوُّل.
* تقطُّع البول.
* انقطاع أو نقص تدفُّق البول.
* البوال الليلي.
* العجز عن إفراغ المثانة بشكلٍ كامل.
يمكن القيامُ بهذا الإجراء تحت التخدير الموضعي أو العام؛ وهو ينطوي على إدخال غرساتٍ implants صغيرة من خلال الإحليل؛ ثمَّ تُثبَّت هذه الغرساتُ بحيث تدفع البروستات المتضخِّمة بعيداً عن مجرى الإحليل تجنُّباً لإغلاقه.
وإحدى الميزات الكبيرة لاستعمال هذه الطريقة العلاجيَّة، مقارنةً مع طريقة شق البروستات عن طريق الإحليل وطريقة استئصال البروستات عن طريق الإحليل، هي الجدّ من خطر تأثُّر الوظيفة الجنسية. وكذلك فإنَّ نسبةَ الأنسجة المتضرِّرة تكون أقلَ، ممَّا يعني أنَّ التعافي يكون أسرعَ، ولا تكون هناك ضرورة للبقاء في المستشفى لفترةٍ طويلة.
ومن سلبيَّات استعمال هذه الطريقة أنَّها من المستبعَد أن تخفِّفَ الأعراضُ الدائمة لجميع مشاكل البروستات. ومثلما هي الحالُ في جميع الإجراءات الجديدة، فإنَّ العواقبَ على المدى البعيد غير معروفةٍ بعد، وقد يكون استعمالُها محدوداً.
• الطرق البديلة
يمكن اللجوءُ إلى طرقٍ جراحية أحدث، والتي قد ينجم عن استعمالها عددٌ أقلّ من الآثار الجانبية أو تقليل فترة التعافي، مقارنةً بطريقة شقِّ البروستات عن طريق الإحليل وطريقة استئصال البروستات عن طريق الإحليل.
إلاَّ أنَّ هذه الطرقَ العلاجية ما زالت جديدة نسبيَّاً، وقد لا يكون استعمالُها متاحاً، كما أنَّ جدوى استعمالها على المدى الطويل ليست واضحة تماماً.
ويمكن شرحُ هذه الطرق العلاجية كما يلي:
* القطع ثنائي القطب للبروستات بطريق الإحليل bipolar transurethral resection of the prostate ، حيث تُستَعملُ أدواتٌ مختلفة لإجراء العملية، وهي تسمح بضخِّ الماء المالح في الإحليل، بدلاً من سائلٍ الغليسين glycine. ويُعتقدُ أنَّ هذه الطريقةَ تُقلِّل من مخاطر متلازمة استئصال البروستات عن طريق الإحليل TURP syndrome.
* الاستئصال الكامل للبروستات بليزر الهولميُوم holmium laser enucleation of the prostate. يُستَعمل الليزر لاستئصال أنسجة البروستات الزائدة باتباع طريقة مشابهة لطريقة استئصال البروستات عن طريق الإحليل. وقد ظهرت نتائجُ جيِّدة لهذه الطريقة خلال السنوات 5-7 التالية لاستعماله، بحيث بدا وكأنَّه بديلٌ واعد، حيث لا يُستَعملُ فيه الغليسين glycine، لذلك فليس هناك خطرٌ من حدوث متلازمة استئصال البروستات عن طريق الإحليل.
* التبخير بليزر فوسفات تيتانيل البوتاسيوم potassium titanyl phosphate (KTP) laser vaporisation . يُدخَلُ أنبوبٌ رفيعٌ يُعرَفُ بمنظار المثانة cystoscope في الإحليل، حيث يُطلقُ نبضاتٍ من الطاقة الليزرية تحرق نسيجَ البروستات.
• الاستئصال المفتوح للبروستات
قد يكون الاستئصالُ المفتوح للبروستات مفيداً أكثر من استئصالها عن طريق الإحليل عندَ الرجال الذين يُعانون من ضخامةٍ حميدة وشديدة في البروستات.
لكن من النادر إجراء ذلك الآن، حتى عند وجود ضخامة كبيرة في البروستات، بسبب ظهور الطرق الجراحية الأخرى، مثل الاستئصال الكامل للبروستات (اجتثاث) بليزر الهولميوم holmium laser enucleation of the prostate.
يُجرَى شقٌّ في البطن في أثناء عملية استئصال البروستات المفتوح، وتُستأصلُ من خلاله الطبقةُ الخارجية من غدَّة البروستات.
ينطوي الإجراءُ على مخاطر كبيرة من المضاعفات المحتملة، كاضطراب القدرة على الانتصاب erectile dysfunction وسلس البول urinary incontinence. كما أنَّ احتمالَ بقاء هذه المضاعفات يكون أكبرَ ممَّا هو بعدَ استئصال البروستات عن طريق الإحليل.
الوقاية من ضخامة البروستات الحميدة
تُشيرُ الأدلَّةُ إلى أنَّ اتباعَ نظامٍ غذائيٍّ غني بالبروتين والخضروات وفقير باللحم الأحمر والدهون قد يُقلِّلُ من خطر الإصابة بتضخُّم البروستات.
تحتوي الأطعمةُ التالية على نسبةٍ جيدة من البروتين:
* البيض.
* الحليب.
* فول الصويا.
* التُّوفو (طعام مصنوع من حليب الصويا).
* السمك.
* الجبنة.
* الدجاج.
مضاعفات ضخامة البروستات
قد تؤدِّي ضخامةُ البروستات إلى مضاعفات، مثل عدوى المسالك البولية urinary tract infection أو الاحتباس البولي الحاد acute urinary retention.
• عدوى المسالك البولية
عندَ العجز عن تفريغ المثانة بشكلٍ كامل، يظهر خطر بقاء الجراثيم في الجهاز البولي دون طرحها وشطفها، فتنتشر من خلال البول لتُسبِّبَ عدوى المسالك البوليَّة urinary tract infection (UTI).
تشتمل أعراضُ عدوى المسالك البولية على ما يلي:
* يكون البول عكراً cloudy أو مُدمَّى bloody أو ذا رائحة كريهة bad-smelling.
* ألم في أسفل البطن.
* غثيان.
* قيء.
* ارتجاف وارتعاش.
* ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 38 درجة مئوية أو أكثر.
يمكن علاجُ عدوى المسالك البولية باستعمال المضادَّات الحيوية. والإصابةُ بهذه العدوى لمرة واحدة لا يكون خطيراً عادةً، ولكنَّ تكرارَ الإصابة بها قد يُلحِق الضررَ بالكِلى والمثانة. وقد يكون من الضروري إجراءُ عملية جراحية للأشخاص الذين تتكرَّر عدوى المسالك البولية لديهم.
• الاحتباس البولي الحاد
الاحتباس البولي الحاد Acute urinary retention (AUR) هو العجز المفاجئ عن التبوُّل. وينبغي أن تُعامَلَ هذه الحالةُ كحالةٍ طبيَّةٍ إسعافية، وذلك لأنَّ عدمَ التصريف الفوري للبول قد يؤدِّي إلى عودته إلى الكلى، ممّا قد يتسبّّبَ في إيذائها.
تنطوي أعراضُ الإصابة بالاحتباس البولي الحاد على ما يلي:
* العجز المفاجئ عن التبوُّل.
* ألم شديد في أسفل البطن.
* حدوث تورُّم في المثانة يمكن لمسه باليد.
ينبغي طلبُ المساعدة الطبية الإسعافية عند ظهور أعراض الاحتباس البولي الحاد.
يمكن علاجُ الاحتباس البولي الحاد باستعمال أنبوبٍ رفيع (قثطار catheter) لتصريف البول من المثانة. وقد يتطلَّبُ الأمرُ إجراءَ عملية جراحية لإفراغ المثانة في الحالات شديدة الخطورة.
معدَّل انتشار ضخامة البروستات
ترتبط الإصابةُ بضخامة البروستات بتقدُّم الرجل بالعمر، وهي شائعةٌ عندَ من تجاوز عمره 50 عاماً.
تظهر الأعراضُ البوليَّة الناجمة عن ضخامة البروستات عند حوالي 40% من الرجال الذين تجاوزت أعمارهم 50 عاماً، وعند 75% ممن تجاوزت أعمارهم 70 عاماً.
************************************