تَشوُّهُ خِياري
يُشِير تَشوُّهُ خِياري Chiari malformation
(يُدعى تَشَوُّه أَرنولد-خِياري Arnold-Chiari deformity أحياناً) إلى أنَّ الأجزاءَ السُّفليَّة من الدِّماغ قد اندفعت نحوَ النُّخاع الشوكي، لذلك تصبح تحتَ مستوى مدخل الجمجمة.
ومعظمُ المرضى يكون لديهم النوعُ الأوَّل من تَشوُّه خِياري، وهو الشكلُ الأقلّ خطورةً للمرض. وفي هذه الحالة، يهبط أو يتدلَّى الجزءُ السفلي من القسم الخلفي للدماغ (اللَّوزتان المُخَيخيَّتان cerebellar tonsils) نحوَ أعلى النُّخاع الشوكي.
أمَّا النوعان الثاني والثالث فهما أقلّ شيوعاً وأكثر خطورةً؛ ويترافقان مع انشقاق العمود الفِقري (السِّنسِنَة المَشقُوقة) spina bifida (عيب ولادي يشتمل على مشاكل في تخلُّق النُّخاع الشوكي)، ويحدث لدى البالغين استسقاءُ الرَّأس (مَوَهُ الرَّأس) hydrocephalus (تراكم السوائل في الدِّماغ).
كيف يحدث النوع الأوَّل من تَشوُّه خِياري
تكون الأجزاءُ السُّفليَّة للدماغ موجودةً في حيِّز ضمنَ الجمجمة عادةً، فوقَ مستوى الثُّقبة العُظمى foramen magnum (فُتحَة عندَ قاعدة الجمجمة)؛ فإذا كان الشخصُ مصاباً بالنوع الأوَّل من تَشوُّه خِياري، تُدفَع هذه الأجزاءُ الدماغية إلى الأسفل، لأنَّها كبيرةٌ جداً بالنسبة للجمجمة.
عندما تُدفَع هذه الأجزاءُ الدماغية خارجَ الجمجمة نحوَ النُّخاع، قد يؤدِّي ذلك إلى:
* الضغط على قاعدة الدماغ.
* إعاقة جريان السَّائل النُّخاعي (الدِّماغي الشوكي) cerebrospinal fluid (CSF) من وإلى الدماغ.
السَّائلُ النُّخاعي (الدِّماغي الشوكي) سائلٌ رائِق يحيط بالدماغ والنُّخاع ويحميهما، كما يحمل العناصرَ المغذِّية إلى الدِّماغ ويأخذ منه الفضلات.
هل للوراثة دورٌ في المرض؟
يمكن أن يَسرِي تَشوُّهُ خِياري في العائلات أحياناً، ومن المحتمَل أن يَرِثَ بعضُ الأطفال الذين يُولدَون مصابين بهذا الاضطراب جيناً خاطِئاً يسبِّب مشاكلَ في تَخلُّق الجمحمة خلال وجود الجنين في الرحم. ويحاول الباحثون اليومَ إيجادَ الجين أو الجينات المسؤولة.
ولكن، لا داعيَ للقلق، فخَطرُ انتقال التشوُّه إلى الطفل صغيرٌ جداً. وحتى عندما يَرِثه الطفل، لا تظهر أعراضٌ في معظم الحالات.
الأعراض
الكثيرُ من المصابين بتَشوُّه خياري من النوع الأوَّل لا تظهر لديهم أيُّ أعراض.
عندما تظهر الأعراضُ، يمكن أن تشتملَ على:
* الصُّداع، في مؤخَّرة الرأس عادةً، وهو يُحرَّض أو يتفاقم بالجهد أو الكبس أو الضَّحك أو الانحناء للأمام.
* ألم الرقبة.
* الدوخة واضطرابات التوازن.
* الخَدَر أو النَّخز في الذِّراعين أو الساقين.
* تشوُّش الرؤية والحركات غير الإراديَّة للعينين (الرَّأرأة nystagmus).
* مشاكل البلع (عُسر البَلع dysphagia).
* نقص السَّمع والطنين tinnitus.
* الشعور بالإعياء أو الغثيان والقيء.
* الأرَق.
* الاكتئاب.
تَكَهُّفُ النُّخاع
يحدث لدى الكثير من المصابين بتَشوُّه خياري من النوع الأوَّل حالةٌ تُدعى تَكَهُّف النُّخاع syringomyelia، حيث يتشكَّل جوفٌ شبيه بالأنبوب ضمن النُّخاع الشوكي، ويمتلئ بالسَّائل.
يمكن أن يتمدَّدَ هذا الجوفُ الممتلِئ بالسَّائل، والذي يُدعى القِيلة syrinx، ويتطاول بمرور الوقت، فيضغط النخاعَ ويضرّ به. كما قد يسبِّب الألمَ والخَدَر والضعف والتيبُّس، فضلاً عن المشاكل في وظائف المثانة أو الأمعاء، ويؤدِّي إلى الشلل أحياناً.
تقوم المعالجاتُ الجراحيَّة على تدبير السبب الكامن أو الخفيّ (أيّ إجراء جراحة لتَشوُّه خياري أو معالجة استسقاء الرأس)، أو تصريف السائل باستعمال مجموعةٍ من أنابيب وصِمامات النَّزح (التصريف) drainage tubes.
يمكن أن يؤدِّي الحدُّ من كمِّية السائل في القيلة إلى تراجع شدَّة الأعراض، ويمكن أن تتحسَّنَ أحياناً.
انتشار المرض
في الماضي، كان يُقدَّر بأنَّ تشوُّه خياري يحدث بنسبة 1/1000 مولود تقريباً. ولكنَّ الاستعمالَ الزائد للتصوير التشخيصي أظهر أنَّه قد يكون أكثرَ شيوعاً بكثير.
التشخيص
يُكتَشَف تشوُّهُ خياري بالصُّدفة أحياناً، بعدَ إجراء تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي لاستقصاء حالةٍ أخرى.
عندَ اشتباه الطبيب بتشوُّه خياري، يطلب إجراء تصوير للدماغ بالرنين المغناطيسي لإثبات التشخيص؛ حيث تبدي الصورةُ أيَّ شذوذات في بنية الدماغ والنخاع.
المعالجة
الأعراضُ التي تنجم عن تشوُّه خياري من النوع الأوَّل يمكن معالجتُها بالدواء؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعدَ المسكِّناتُ على تخفيف الصُّداع وألم الرقبة.
قد يحتاج المريضُ إلى جراحة لتخفيف الضغط decompression surgery بهدف التقليل من الضغط عندَ قاعدة الدِّماغ؛ حيث يُجرِي الجرَّاحُ شقّاً عندَ القسم الخلفي من الرأس، وينزع قطعةً صغيرة من العظم من قاعدة الجمجمة؛ وهذا ما يوسِّع الحيَّزَ في الثقبة العظمى (الفتحة السفلية للجمجمة).
كما قد ينزع قطعةً صغيرة من العظم من أعلى العمود الفِقري، لتخفيف الضغط عن الدماغ والسَّماح للسائل النخاعي بالجريان بشكلٍ طبيعي. ويُدعى هذا الإجراءُ اسِتئصالَ الصَّفيحَةِ الفِقرِيَّة spinal laminectomy.
وتشتمل الخياراتُ العلاجيَّة الأخرى على:
* فَغر البُطَين الثالث التنظيري Endoscopic third ventriculostomy (ETV). يُحدَث ثقبٌ صغير في جدار أحد أجواف الدِّماغ، الأمر الذي يحرِّر السائلَ المتراكم.
* التحويلة البطينيَّة الصِّفاقية Ventriculoperitoneal shunting. يُحدَث ثقبٌ صغير في الجمجمة، ويُمرَّر أُنبُوبٌ رفيع يُدعى قِثطاراً نحوَ جوف الدِّماغ لتصريف السائل المتراكم وتخفيف الضغط.
* فكّ الالتصاق Untethering. يكون لدى بعض الأطفال المصابين بالنوع الأوّل من تشوُّه خياري تَثبُّتٌ في النُّخاع الشوكي، ممَّا يعني أنَّه ملتحمٌ أو ملتصق بشكلٍ غير طبيعي ضمنَ القناة الفِقريَّة. ولذلك، يقوم فكُّ الالتصاق على فصل النُّخاع الشوكي وتخفيف التوتُّر في القناة الفِقريَّة.
يلاحظ معظمُ المرضى الذين خضعوا للجراحة تحسُّنَ الأعراض لديهم بعدَها. كما ينبغي أن تمنعَ الأعراضَ الموجودة من التفاقم.
ولكن، كما في جميع أنواع الجراحة، هناك خطرٌ بسيط للمضاعفات، وينبغي مناقشةُ ذلك مع جرَّاح الأعصاب.
تشتمل الأخطارُ المحتملة لجراحة تخفيف الضغط على:
* السكتة أو النزف.
* شلل الذراعين والساقين.
* التهاب السَّحايا أو غيره من حالات العدوى.
* اضطراب الكلام.
* فقدان الذاكرة أو مشاكل التفكير.
* مشاكل في البلع.
* مشاكل في التوازن.
* استسقاء الرأس.
* نوب صرعيَّة (رغم ندرتها).
* خطر على الحياة.
قد لا تؤدِّي الجراحةُ إلى تحسُّنٍ أحياناً، أو قد تزيد الأعراضَ سوءاً.
*************