تحالف الأحزاب وأثره على المدينة
اليهود وتكوين هذا التحالف
غزوة الاحزابتحرك الغل والحقد والحسد في قلوب اليهود، وبالذات أولئك الذين أجلاهم الرسول مؤخرًا من بني النضير، وكانوا كما وصفهم الله تمامًا في سورة المائدة: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82].
فهم الأشد مطلقًا في عداوتهم للمؤمنين، وقدم الله عداوتهم على عداوة المشركين (على فظاعة عداوة المشركين)؛ لأن اليهود لا يكتفون بكرههم وحقدهم، بل يؤلبون الفتنة في كل مكان، ويحركون غيرهم لحرب المسلمين، وغزوة الأحزاب خير مثال على ذلك.
قام فريق من يهود بني النضير والذين كانوا يستقرون في خيبر، وعلى رأسهم حيي بن أخطب النضري، وسلام بن أبي الحقيق النضري، وكنانة بن الربيع النضري، وغيرهم من زعماء اليهود، وكان الوفد يزيد على عشرين يهوديًا، واتجه هذا الوفد إلى قبائل العرب يجمعها ويحزبها ويشجعها على الائتلاف والتحالف لحرب المسلمين.
وكان هدفهم استئصال المسلمين تمامًا, وإنهاء الوجود الإسلامي من الأرض بالكلِّيَّة، لا مجرَّد الانتصار في غزوة عابرة، ذهب هذا الوفد الشيطاني إلى قريش، ودارت بينه وبينها مفاوضات خطيرة، فالوفد اليهودي طلب صراحة من قريش أن يتجمعوا لحرب المسلمين في المدينة المنورة، وأن على قريش أن تجمع حلفاءها وأنصارها من القبائل المختلفة، وسيتولى اليهود جمع القبائل الأخرى البعيدة عن قريش في المكان والبعيدة عن قريش في النسب، وسيقوم اليهود أيضًا بالمساعدة والنصرة للجموع المشركة في حربها ضد المسلمين.
هنا استغلت قريش الفرصة لتسمع من اليهود إجابة عن سؤال حيّر قريش قبل ذلك كثيرًا وما زال يحيرها، وهو أي الفريقين خير مقامًا وأحسن منهجًا؟ أهم أم المسلمون؟
والمشركون في قرارة أنفسهم يعلمون أن محمدًا جاء بالحق، وأن دينه هو الدين الذي يجب أن يتبع، لكنهم اتبعوا أهوائهم، وأفسدوا فطرتهم، وخافوا على مصالحهم، فقرروا أن يحاربوا الإسلام إلى النهاية ويصدوا عن سبيل الله إلى آخر مدى.
وهم مع ذلك لا يقتنعون بما في أيديهم من مناهج، وأين الثرى من الثريا؟ وأين السماء من الأرض؟ وأين عبادة الله I ملك السموات والأرض وما بينهما من عبادة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى؟
ولذلك فهم أحوج ما يكونون إلى من يقول لهم: مناهجكم صحيحة، ومعتقداتكم سليمة، فانتهزوا الفرصة وقالوا لليهود: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟
سؤال مباشر يعبر عن مدى الاضطرابات الداخلية في نفوس الكافرين.
واليهود هم اليهود، يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله، واليهود أهل بهت وكذب وضلال، لقد قالوا في وقاحة وجحود: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه.
ووالله إن المرء ليعجب من هؤلاء وهؤلاء، فالعجب كل العجب من اليهود الذين حالفوا المشركين على وثنيتهم، وتركوا المسلمين وهم أقرب إليهم، وأيدوا باطل الأصنام وخذلوا حق الإسلام، وصدوا عن سبيل الله وهم يعلمونه، وكذبوا رسول الله وهم يرون دلائل نبوته وآيات صدقه كما جاءت بذلك كتبهم.
والعجب أيضًا كل العجب من هؤلاء المشركين الذين عايشوا رسول الله عن قرب، وامتحنوا بأنفسهم أخلاقه وصدقه وأمانته وعفافه، وعلموا علمًا يقينيًا أنه لم ولن يكذب أبدًا، وشهدوا جميعًا بذلك في أكثر من موقف، ثم هم الآن يكذبونه، ويصدقون اليهود مع علمهم التام بأنهم قوم بهت وخيانة.
وفي هذا الموقف المزري الذي وقفته قريش مع اليهود أنزل الله آيات بينات تكشف لنا خبايا نفوسهم.. قال I: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء:51، 52].
وقفات مهمة
واتفق اليهود مع مشركي قريش، واجتهد كل فريق في إتمام مهمته على الوجه الأكمل، لكن قبل أن نترك هذه النقطة لنا فيها ثلاث وقفات مهمة:
أولاً: وضح لنا في هذا الموقف أحد أساليب اليهود الرئيسية في الكيد والمؤامرة، وهو الكذب وتزييف الحقائق وتزيين المنكر، وإن كان هذا قد حدث بهذه الصورة البسيطة في هذا الموقف، فهو يحدث بصورة أكثر تعقيدًا في زماننا الآن، وذلك عن طريق امتلاك وسائل الإعلام المختلفة في العالم، ومحاولة تزييف الحقائق عن طريقها، والذي يراجع تاريخ اليهود وواقعهم يجد اهتمامهم بجمع الوسائل الإعلامية من صحافة ومجلات وفضائيات ووكالات أنباء ومواقع إنترنت وجهات إعلامية بحثية وغير ذلك، يجد هذا الاهتمام مكثفًا وهائلا، وعن طريق هذا الزخم الإعلامي الضخم يغيرون أفكار الناس حسبما يريدون، ولا بد كما كشف القرآن ضلالهم بهذه الآيات أن يركز المسلمون الآن جهودهم لكشف هذه الادعاءات اليهودية، والرد عليها.
ثانيًا: أن اليهود وضعوا أيديهم في يد المشركين على اختلاف أيدلوجياتهم وسياساتهم ومناهجهم الفكرية وعقائدهم الدينية، وقبل المشركون بهذا التحالف مع كونهم لا يؤمنون باليهودية ولا بالرسالات السماوية بصفة عامة، ولكن كما يقولون: الكفر ملة واحدة. واجتماع الأحزاب المختلفة على اتساع مشاربها، واختلاف هويتها سنة من سنن مقاومة الحق، والأمثلة في التاريخ أكثر من أن تحصى، وكذلك في واقعنا الآن، وعلى المسلمين أن يفقهوا ذلك جيدًا، وليس أدل على ذلك من اتحاد اليهود والنصارى في حرب المسلمين مع شدة كراهية اليهود للنصارى، وشدة كراهية النصارى لليهود.. قال I: {وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكِتَابَ} [البقرة:113].
ومع ذلك فعند حرب الإسلام تذوب هذه الفوارق والعداوات، وتبقى الرغبة المشتركة في هدم الإسلام والكيد لأهله.
ثالثًا: أن اليهود حركوا قريشًا وسيحركون غطفان، وسيجمعون عشرة آلاف مقاتل، ومع ذلك فهم لن يشاركوا في الحرب بصورة مباشرة إلا عند الاضطرار في النهاية.
وهذا أسلوب يهودي قديم، وما زال يستخدم إلى الآن، فهم يحركون جيوش الغير، وطاقات الدول الأخرى، ولا يظهرون هم في الصورة، وهذا يحفظ لهم البقاء، ويحمي أرواحهم وأموالهم.. {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة:96].
فها هم المشركون يضحون بأرواحهم وأموالهم لحرب المسلمين، واليهود الأشد عداوة يراقبون عن بعد، ويحركون الأحداث بأصابع خفية.
وهكذا بدأت قريش تنشط في جمع حلفائها ومعاونيها من كنانة ومن أهل تهامة ومن بني سليم، فيتجمع لديها أربعة آلاف مقاتل.
ثم انطلق اليهود إلى مجموعة ضخمة من القبائل تعرف بقبائل بني غطفان في شرق المدينة، وعلى مسافة بعيدة من مكة، فالتقوا بزعمائها، وطلبوا منهم تجميع الجيوش والتحالف مع قريش لحرب المسلمين.
لكن قبائل غطفان لم يكن عندها من الحماسة ما كان عند قريش، وليس لها تاريخ طويل من العداء مثل الذي عند أهل مكة، فلم يتحركوا التحرك الذي أراده اليهود، ولم ينفع كذب اليهود وتحريفهم للحقائق في إقناع بني غطفان في الخروج، فماذا يفعل اليهود؟
لقد استخدموا سلاحهم التقليدي الثاني بعد الكذب وهو المال، فالذي لا يتغير فكره واعتقاده نتيجة التزوير الإعلامي من الممكن أن يُشترى بالمال، فتعامل اليهود مع بني غطفان كما يتعاملون مع أي مرتزقة مأجورين، لقد عرضوا عليهم ثمار خيبر لمدة سنة كاملة نظير تجميع ستة آلاف غطفاني، للتحالف مع قريش ضد المسلمين.
وقبلت غطفان العرض المغري وسال لعابهم للمال اليهودي، وبدءوا في تجميع الجيوش من قبائلهم وبطونهم المختلفة.
وخرج زعماء غطفان يطلبون دنيا اليهود، فخرج عيينة بن حصن في بني فزارة، وخرج الحارث بن عوف في بني مرة، وخرج مسعر بن رخيلة في أشجع، وغيرهم وغيرهم، وجمعوا بالفعل ستة آلاف مقاتل.
والشاهد في هذا الموقف أن اليهود مع حبهم الشديد للمال وحرصهم عليه واتصافهم على العموم بالبخل، إلا أنهم ينفقون هذا المال بغزارة إن كانوا سيستخدمونه في حرب الدين وتزييفه، ومقاومة العقيدة السليمة، ونشر الإباحية والمجون، فهذه مجالات لا يبخل فيها اليهود بأموالهم، بل ينفقوها بسخاء، ويتنازلون عنها بشكل قد يستغربه من لا يعرف حقيقة اليهود من الداخل.
وبهذا الإعداد والتنسيق جمع اليهود من مشركي العرب عشرة آلاف مقاتل لحرب المسلمين، وهو رقم لم تسمع به الجزيرة العربية قبل ذلك، وكان العرب إذا أرادوا التفاخر بكثرة العدد قالوا: إنا لنزيد على الألف، ولن تغلب ألف من قلة. فكيف بعشرة آلاف؟!
لا شك أن هذا اختبار لأهل المدينة يفوق كل ما سبقه من اختبارات.
أثر هذا التحالف على المسلمين
والحقيقة التي يجب أن يفقهها المسلمون، هو أنه إذا كان الله يريد نصرًا وتمكينًا للمسلمين فإنه يسبق هذا النصر بفترة امتحان وابتلاء للتفرقة بين المؤمنين والمنافقين، وكلما اقترب النصر ازداد البلاء، حتى إذا وصل المسلمون إلى مرحلة الذروة في الابتلاء جاء نصر الله في وقت لا يتوقعه مسلم ولا كافر. يقول الله I: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214].
متى يكون النصر قريبًا؟
يكون قريبًا إذا وصل المسلمون إلى مرحلة الزلزال.
يكون قريبًا عندما تصل الفتنة إلى ذروتها.
يكون قريبًا عندما يعلو نجم الباطل، وتنتعش قوته، وتتعاظم إمكانياته.
يكون قريبًا عند تجمع الأحزاب وعند تحالف شياطين الإنس والجن لاستئصال المؤمنين.
عند هذه الأحداث يكون النصر قريبًا فعلاً.
لذلك إذا ادلهمت الخطوب وأظلمت الدنيا، وتكالبت قوى الشر والبغي على المسلمين، فإن كل هذه الأحداث لا يجب أن تحبط المسلمين، أو تشعرهم أنه لا فائدة، بل على العكس من ذلك تمامًا، فإن هذه الأحداث توحي بقرب النصر والتمكين، ومن ثم فهي تؤيد المؤمن وتثبته، والأمر في النهاية مربوط بيقين الإنسان وقوة إيمانه، فالذي يعتقد تمام الاعتقاد في قدرة رب العالمين وجبروته وعزته وصدقه يعلم أن الله وعد بتجمع الأحزاب حول المسلمين، كما وعد بتحقق النصر للمؤمنين بعد تجمع الأحزاب، فالمؤمن حقًا عندما يرى تجمع الأحزاب يعلم أن هذه أمارة لقرب النصر، ومن ثَمَّ يطمئن ويسكن ويعلم أن الخير قادم.
وهذا ما فعله المؤمنون في المدينة المنورة عندما وصلتهم أنباء تجمع الجيوش الكافرة، فقد علموا أن هذه أمارة النصر، وتبين لهم صدق موعود الله في الجزئية الأولى وهي تجمع الأحزاب، وحتمًا سيتحقق وعد الله في الجزئية الثانية وهي نصر المؤمنين، لذلك استقبلوا الأمر بثبات، وازداد يقينهم وإيمانهم بالله.
وفي هذا يقول الله I في كتابه الكريم: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22].
أثر هذا التحالف على المنافقين
أما المنافقون فمساكين، هم لا يعرفون إلا حسابات الورقة والقلم، ولا يقدرون لله قدره، ولا يؤمنون بوعده، بل يحكمون عقولهم في كل صغيرة وكبيرة، فينظر هؤلاء المنافقون إلى أعداد المشركين الهائلة فيقولون: هذه أعداد لا تغلب!! وقوة لا تهزم!! فالفجوة بيننا وبينهم هائلة، ولا طاقة لنا بهم، ومهما وعدنا بالنصر فهذا وعد مكذوب، وأوهام لا وجود لها على أرض الواقع.
يقول ربنا في وصف هؤلاء المنافقين: {وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب:12].
فتنطق ألسنتهم بما في قلوبهم من أن هذا الوعد بالنصر مستحيل، ويجاهرون بذلك، وقد يسارعون إلى الانضمام إلى أعداء الأمة، والتبرؤ من الأمة الإسلامية.
ظهر على المنافقين نفاق معظمهم، وقالوا لا طاقة لنا أبدًا بحربهم، وظهر على بعضهم علامات الهلع والخوف، لم يكتفوا بإظهار ذلك على أنفسهم بل حاولوا أن يثبطوا همم الآخرين، بأنها حرب لا طائل من ورائها، قال الله : {قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ البَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ} [الأحزاب: 18، 19]. هذا رد فعل المنافقين.
وهذا الوضوح في الأمر ما كان ليحدث لولا أن الخطب جلل، والحدث عظيم، والفتنة كبيرة، وإلا فلو كانت صغيرة أو عابرة لكتم المنافقون نفاقهم في قلوبهم، وظهرت على ألسنتهم كلمات الشجاعة والإقدام، وهذا من أهم فوائد الابتلاءات الكبرى، والامتحانات العظمى، أنها تفرق بين المؤمن والمنافق.. {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].
فإذا تميز الصف، وخلص الفريق المؤمن من الخبث المنافق حدث الصدام المروع مع أهل الباطل، وهذا الصدام إذا تم بفريق مؤمن خالص الإيمان خال من النفاق فإنه يتبع بنصر بين، ومجد عظيم للإسلام والمسلمين.
فهذه مراحل حتمية تمر بها الأمة قبل النصر؛ ارتفاع مطرد في معدل الابتلاء والاختبار، ثم الوصول إلى مرحلة الزلزال، وهي أعلى درجات الابتلاء والفتنة، ثم تمايز الصف إلى مؤمن ومنافق، ثم إقدام المؤمنين ثابتين وقد خلص صفهم من المنافقين، ثم نصر من الله وفتح مبين.
وليس معنى هذا أن المسلمين يتلقون أنباء الحصار وتجمع الأحزاب بفرح وسعادة لقرب النصر، فإن قوة إيمان المؤمنين لا تخرجهم عن كونهم من البشر.