همس الحياه
همس الحياه
همس الحياه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همس الحياه

موقع اسلامى و ترفيهى
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول

 

 في ظلال السيرة النبوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو شنب
المدير العام
المدير العام
ابو شنب


عدد المساهمات : 10023
نقاط : 26544
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/12/2015

في ظلال السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: في ظلال السيرة النبوية   في ظلال السيرة النبوية Emptyالجمعة فبراير 26, 2016 11:47 am

في ظلال السيرة النبوية
إنها من أمتع اللحظات حقًّا تلك التي يقضيها المرء في قراءة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو البحث فيها؛ فهي الحياة الكاملة التي لا يعتريها قصور ولا نقص. وهي الحياة التي حفلت -في كل جزئية من جزئياتها مهما دقَّت- بالفائدة والنفع؛ إنها الحياة الممتعة حقًّا، مع كل ما فيها من آلام وأحزان؛ ولكنها كانت ممتعة لأننا كنا نعرف منها الصواب المطلق في التعامل مع كل موقف؛ سواء كان مُفْرِحًا أو مُحزِنًا، وكنا نُدرك الحكمة الحقيقية مهما كان الموقف مفاجئًا أو مؤثِّرًا.. إنها حياة عجيبة حقًّا!

إننا ندرس سيرة أعظم إنسان خلقه الله عز وجل من لدن آدم عليه السلام وإلى يوم القيامة، وليس هذا على سبيل المبالغة؛ ولكنها عين الحقيقة فعلاً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَنَا سَيِّدُ القَوْمِ يَوْمَ القِيَامَةِ"[1]. وفي رواية: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[2]. وعنه -أيضًا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ"[3]. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلاَّ تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلاَ فَخْرَ"[4].

إن تدبُّرًا في هذه الأوصاف السابقة لحريٌّ أن يُلقي الرهبة في القلب، والخشوع في الجوارح كلها، ونحن نقرأ عن رجل بهذه القيمة وهذا السموِّ! إن الأنبياء جميعًا -وهم قادة الدنيا وسادتها- سيجتمعون تحت اللواء الذي يحمله يوم القيامة، ومن وسط المليارات التي عاشت على الأرض، ودُفنت فيها، سيكون محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مَنْ تنشق عنه الأرض.

إننا نتكلم عن الرسول الماحي الذي محا الله به الكفر، وأعاد الناس -بعد أن ضَلُّوا وفُتِنُوا- إلى جادَّة الطريق، ونتكلم عن الرسول الحاشر الذي لن يُحشَر الناس إلا بعد بعثه يوم القيامة، ونتكلَّم عن الرسول العاقب الذي جاء عقب كل الأنبياء، ولن يأتي نبي أبدًا بعده؛ روى جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي، الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ"[5].

لقد كانت العلاقة بين محمد صلى الله عليه وسلم وربِّه عز وجل علاقة عجيبة حقًّا؛ لم يخاطبه ربُّه عز وجل في القرآن الكريم باسمه قط، وإنما كان يناديه بـ{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وبـ{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، وكان يمدحه وهو يعلم أن هذا المدح لن يبطره، فقال له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وأقسم بحياته فقال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]، وصرَّح له بأنه سبحانه قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر؛ فقال: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وطمأنه أنه سيعطيه حتى الرضا؛ فقال: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، وحَصْرُ مثل هذا في القرآن صعب لكثرة تكراره.

وكان سبحانه إذا رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حزينًا أرسل له جبريل عليه السلام بسرعة ليطمئن عليه، ويُسَكِّن حزنه؛ روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فرفع يديه وقال: "اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي". وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عز وجل: "يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟" فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: "يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلاَ نَسُوءُكَ"[6].

وعندما زادت معاناته صلى الله عليه وسلم في العام العاشر من البعثة -وذلك بعد موت خديجة زوجته رضي الله عنها، وعمِّه أبي طالب، وتكذيب الناس له- دعاه الله عز وجل إلى زيارته في السماوات العلا! فكانت رحلة الإسراء والمعراج، وكان التكريم الذي ما بعده تكريم.

إنها أعجب العلاقات فعلاً، وقد صارت هذه العلاقة قريبة حتى كان أفضل توصيف لها أنها علاقة خليل بخليله! روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً، لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلاً، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللهِ"[7]. وفي رواية: "وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ عز وجل صَاحِبَكُمْ خَلِيلاً"[8]. وقال أيضًا: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً"[9]!

إن هذا هو الشرف حقًّا! ولقد رفع الله ذكر حبيبه صلى الله عليه وسلم في الدنيا كلها حتى صار أعلى الناس ذِكْرًا، وأعظم الناس قدرًا؛ قال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:1-4]، فكان رفع ذِكْرِه صلى الله عليه وسلم من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم؛ حيث لا يتأتى ذلك لبشر عاديٍّ أبدًا!

هل يعلم الناس اسمًا ذاع انتشاره بين الناس على مدار القرون مثل اسم "محمد"؟ ولو أضفت إلى ذلك أسماءه الأخرى -كأحمد ومحمود ومصطفى- لكان البون شاسعًا بين أي اسم في الدنيا واسم هذا النبي الكريم.

هل هناك من البشر من يرتفع اسمه في الأرض مثلما يتردَّد اسم محمد صلى الله عليه وسلم؟ إن الأذان الذي يرتفع قائلاً: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. يتردَّد في كل دقيقة -بل في كل لحظة- في كل أوقات الليل والنهار، فما من لحظة في الدنيا إلا ويرتفع فيها أذان في مكان ما.. في مكة أو المدينة أو القدس .. في القاهرة أو بغداد أو الرباط .. في لندن أو باريس أو نيويورك .. في المشارق في اليابان، وفي المغارب في البرازيل! أليس هذا رفعًا عجيبًا لذكره صلى الله عليه وسلم؟

مَنْ من البشر له أتباع كمحمد صلى الله عليه وسلم؟ هل هناك دولة في العالم أو مدينة ليس فيها مسلمون؟ مَنْ مِنَ المفكرين والفلاسفة والقواد والأعلام له أتباع بهذه الصورة؟

مَنْ مِنَ الناس يتهافت الخلق على قبره حتى يقفوا -ولو للحظات قليلة- خاشعين باكين يُلقون عليه السلام، ويستشعرون ردَّه عليهم بكل ذرة في كيانهم؟! إنها لمن أعجب المشاهد في حياتي أن أرى الناس يتزاحمون بشدة لزيارة قبر رجل مضى على حياته في الأرض أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، وتجد الزائرين من كل أقطار الدنيا وأعراقها؛ منهم العربي ومنهم الأعجمي، منهم الأبيض ومنهم الأسود، منهم الكبير ومنهم الصغير، منهم الرجل ومنهم المرأة، أليس هذا هو رفع الذكر حقًّا؟!

إن هذا الذكر المرفوع لمن أعظم دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم؛ فلا يمكن لبشر أن يحقق ما حققه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجد وشرف، وليس هذا إلا لأن الله عز وجل هو الذي فعل، فهو -كما وصف عز وجل- الذي رفع الذكر، قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]، فالله هنا هو الفاعل، ولا أحد يفعل مثلما يفعل الله عز وجل.



[1] البخاري: كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1]، (3162).
[2] مسلم: كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، (194).
[3] مسلم: كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، (2278).
[4] الترمذي: كتاب المناقب، باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم (3615)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (4308)، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1571).
[5] البخاري: كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، (3339)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم، (2354)، واللفظ له.
[6] مسلم: كتاب الإيمان، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم، (202)، والنسائي (11269)، وابن حبان (7235).
[7] مسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، )2383)، والترمذي (3655)، النسائي (8051)، وابن ماجه (93).
[8] مسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، )383)، والنسائي (8104)، وأحمد (4182).
[9] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهى عن اتخاذ القبور مساجد (532) واللفظ له، والنسائي (11123).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://help.forumcanada.org
 
في ظلال السيرة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الابتلاء في السيرة النبوية
» السيرة النبوية وبناء الأمة
» سمات عامة في السيرة النبوية (1-2)
» الأسرى في السيرة النبوية
» السيرة النبوية وصعوبة كتابتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
همس الحياه :: المنتدى : الإسلامى العام :: قسم : السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: