الهجرة النبوية .. محطات ووقفات
فقد مضى على الهجرة النبوية المباركة 1432 ربيعًا، ومعلوم أن الهجرة كانت في شهر ربيع الأول، لكن التاريخ بالهجرة يبدأ من شهر الله المحرم، كما تم إقرار ذلك في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، حيث اتفق الصحابة -رضي الله عنهم- على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة.. وذلك أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- رُفع إليه صك (أي حجة) لرجل على آخر، وفيه أنه يحل عليه في شعبان. فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك.
فقال قائل: أرِّخوا كتأريخ الفرس.
وقال آخر: أرخوا بتأريخ الروم.
وقال آخرون: أرخوا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: بل بمبعثه.
وقال آخرون: بل بهجرته. وقال آخرون: بل بوفاته صلى الله عليه وسلم.
فمال عمر -رضي الله عنه- إلى التأريخ بالهجرة؛ لظهوره واشتهاره، واتفقوا معه على ذلك.
ثم قال: بأي شهر نبدأ؟ فقال قوم: برجب. وقال قوم: برمضان. فقال عثمان: أرخوا من المحرم؛ فإنه شهر حرام، وهو أول السنة، ومنصرف الناس إلى الحج.
ومنذ ذلك اليوم الأول من شهر الله المحرم رأس السنة الهجرية، حيث سنتوقف عند عدد من المحطات في هذه المناسبة.
المحطة الأولى: جمال الإسلام
لقد شهدت زعامة قريش في مكة رغم تآمرها بحسن الإسلام، وحلاوة منطقه، وسلطانه على النفوس، وتمكنه من العقول، وتأثيره في القلوب، وقد جاء ذلك عندما اقترحوا نفيه صلى الله عليه وسلم من مكة وطرده منها؛ ليستريحوا منه ويعودوا إلى ألفتهم كما كانت على حد تعبيرهم! فقال أحدهم: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به، والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحلَّ على حيٍّ من العرب، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد.
إنها شهادة بجمال الإسلام نطق بها أعداؤه! فقد شهد قديمًا هرقل عظيم الروم بصدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عنه لأبي سفيان: أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله... وكذلك الرسل لا تغدر... ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قدمه.
كما شهد عدد من المنصفين من غير المسلمين، فهذا المفكر والشاعر الفرنسي لامارتين يقول: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد؟
وهذا المستشرق البريطاني برناردشو يقول: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد.
وهذا الباحث الأمريكي مايكل هارت يقول: محمد أهم وأعظم رجال التاريخ. وأما كاتب موسوعة قصة الحضارة ول. ديورانت فيقول: محمد أعظم عظماء التاريخ.
وهذا الكاتب الإنجليزي توماس كارلايل يقول: محمد الرحمة والحنان... إني لأحب محمدًا (صلى الله عليه وسلم) لبراءة طبعه من الرأي والتصنع.
ويقول الأديب البريطاني جورج ولز: محمد أعظم من أقام دولة العدل والتسامح. ويقول المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون: محمد أعظم من عرفهم التاريخ.
المحطة الثانية: المعية الإلهية
تآمرت قريش مؤامرة كبرى للقضاء على الإسلام، وحشدت لذلك كل طاقاتها، وما تملك من قوى، وشاركها في تآمرها إبليس اللعين الذي ظهر في صورة ناصح ومستشار! وتنضوي المؤامرة الكبرى على ثلاثة آراء: إما الحبس والتقييد بالحديد، وإما الإخراج والإبعاد والنفي والحرمان من العيش في بلده، وإما القتل الذي استقر رأيهم عليه بطريقة خبيثة ماكرة، ولكن الله تكفل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يحفظه من مكر الكافرين حتى يتم تبليغ رسالة ربه، فلم تتمكن منه قريش في مكة ولا في الغار، كما لم يتمكن منه سراقة بن مالك في طريق الهجرة، الذي أراد أن يحظى بجائزة مشركي مكة للقضاء على محمد صلى الله عليه وسلم!
ذلك أنه صلى الله عليه وسلم في المعية الإلهية، وفي ذلك ترجمة عملية للآية الكريمة {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
وقد منح الله سيدنا موسى وهارون مقام المعية الإلهية عندما خافا من بطش فرعون، فقال سبحانه: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]. ولما لحق فرعون وجنده بموسى ومن معه، وخشي أصحاب موسى من الوقوع في قبضة فرعون، ثبتهم موسى -عليه السلام- بالمعية الإلهية، قال سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 61، 62].
وقد ذكر القرآن الكريم صفات إن تحقق بها عِباده دخلوا في المعية الإلهية، ومن ذلك:
- الصبر مقترنًا بالصلاة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
- التقوى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194].
- الإحسان {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
- الالتزام بالشرع {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [المائدة: 12].
المحطة الثالثة: الدور العظيم للمرأة وتحمل المشاق
وضع النبي صلى الله عليه وسلم مخطط الهجرة، وكان للمرأة فيه دور قد يصعب على الرجال القيام به، ولعله كان من أصعب المهام في مخطط الهجرة، قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثًا، ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائه ناقة لمن يرده عليهم.
وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش، نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر -رضي الله عنه- يرعى في رِعْيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا، فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يُعفِي عليه، حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس، أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له، وأتتهما أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- بسُفْرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصامًا، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فتحل نطاقها فتجعله عصامًا، ثم علقتها به.
هذه الرواية توضح الدور الذي قامت به أسماء بنت أبي بكر الصديق، وكان عمرها لا يتجاوز السبعة عشر ربيعًا! وكانت مهمتها أن تحمل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدها الصديق في غار ثور. وإن الذي يصعد إلى الغار اليوم يدرك حجم المشقة التي تصيب الرجال الأشداء، فكيف سيكون تحمل المرأة لهذه المهمة الصعبة؟! وقد حصل أن أسماء لم تحمل معها نطاقًا تضع فيه الطعام، فقامت بموقف عظيم عُرفت به على مدار الزمن، وقد ذكر صاحب الروض الأنف لِمَ سُمِّيت أسماء بذات النطاقين؟... قال ابن هشام: وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول ذات النطاقين. وتفسيره أنها لما أرادت أن تعلق السفرة شقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد وانتطقت بالآخر. وعند البلاذري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لها نطاقين في الجنة"؛ فسميت ذات النطاقين.
فكيف إذا علمنا أن أسماء بنت الصديق كانت تحمل في بطنها جنينًا، وكانت مده الحمل تكاد تقترب من نهايتها؟! ففي صحيح مسلم خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء فنفست بعبد الله بقباء، ثم خرجت حين نفست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنِّكه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة، قال: قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها قبل أن نجدها، فمضغها ثم بصقها في فِيه، فإن أول شيء دخل بطنه لريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن صعود أسماء بنت الصديق إلى غار ثور وهي تحمل في بطنها جنينًا وبين يديها طعامًا، لهو من المهام الصعبة والشاقة جدًّا! وهذا يدل على أن طبيعة المرأة لا تحول بينها وبين أي عمل يخدم دينها ووطنها! وهذا ما تؤكد عليه كثير من الروايات عن المجالات التي أثبتت المرأة فيها قدرتها مثل مداواة الجرحى، والبيع والشراء، والعمل في زراعة الأرض، وتحمل مسئولية الإنفاق على البيت!
لقد حدثتنا أسماء عن أعمال شاقة أخرى كانت تقوم بها خارج البيت، إضافةً إلى واجباتها داخل البيت؛ ففي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غَرْبَه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبزُ، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: "إخ إخ" ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني.
المحطة الرابعة: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
لما أحكمت قريش المؤامرة واتفقوا على اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال: فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبى طالب: "نم على فراشي وتسج ببردي هذا الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
ولم تكن مهمة سيدنا علي -رضي الله عنه- تنحصر في أن يموِّه على المشركين ويوهمهم بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم، بل كانت له مهمة لها عمق إيماني وأخلاقي كبير، فقد أقام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم.
ولسائل أن يسأل: من هم أصحاب الودائع الذين كانوا يودعون أموالهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال بن إسحاق: أما عليٌّ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما بلغني- أخبره بخروجه، وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.
كما نرى، فإن الروايات لا تذكر تفاصيل عن أصحاب الودائع بل تشير بصيغة عامة إلى أن كل من كان بمكة عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي اشتهر بالصدق والأمانة!
وإذا عرفنا أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد هاجروا قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن ودائعهم أخذوها معهم، فيمكننا أن نستنتج بأن أصحاب الودائع هم مشركو مكة الذين يحاربونه ويعادونه، وفي الوقت ذاته يودعون أموالهم عنده؛ لما يعلمون من صدقه وأمانته!
ولم يقم صلى الله عليه وسلم بالاستيلاء على ودائعهم؛ للضغط عليهم وإكراههم على الإيمان به؛ لأنه {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]. بل كان الصادق الأمين، والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
وقد شهدت قريش كلها فيما مضى بأمانته، وقد أورد كُتَّاب السيرة النبوية في قصة إعادة بناء الكعبة أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان عامئذٍ أسن قريش كلها، قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه. ففعلوا، فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال صلى الله عليه وسلم: "هلم إليَّ ثوبًا". فأُتِي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثم قال: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعًا". ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده ثم بَنَى عليه.
كما شهدوا بصدقه يوم وقف على جبل الصفا، كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: "يا بني فهر، يا بني عدي" لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟" قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1، 2].
هذه بعض المحطات في الهجرة النبوية المباركة التي يحتاج المتأمل فيها أن يستنبط من كل حدث فيها عبره ينتفع بها في حياته. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.