أبو جابر عبد الله بن عمرو بن حرام ظليل الملائكة
(1) - نسبه
عبد الله بن عمرو بن حرام بن الخزرج، الأنصاري السلمي، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا واستشهد يوم أحد ، كان جده أحد الذين حرموا على أنفسهم شرب الخمر في الجاهلية فسمي حرام آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمر بن الجموح ودفنا في قبر واحد بعد أن استشهدا في معركة أحد
(2) - إسلامه
روي كعب بن مالك قصة إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام فيقول: ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله فيها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبًا للنار غدًا، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة شهد بدرًا واستشهد يوم أحد شهد بيعة العقبة الثانية. جعله رسول الله نقيبا على قومه من بني سلمة. ولما عاد إلى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الإسلام. وبعد هجرة الرسول إلى المدينة، لازم النبي ليل ونهار. وشهد معه غزوة بدر
(3) - استشهاده
في غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو. وغمره إحساس بأنه لن يعود ففرح، ودعا اليه ولده جابر بن عبد الله، وقال له: " إني لا أراي إلا مقتولا في هذه الغزوة.. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين.. وإني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله ..وإن عليّ دينا، فإقض عني ديني، واستوصٍ بإخوتك خيراً".
في صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم.
ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا، لولا أن الرماة الذين أمرهم الرسول بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم.
هذا الجيش الذي جمع فلوله سريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراءهم، فتحوّل نصر المسلمين إلى هزيمة. في هذا القتال المرير، استشهد عبد الله بن عمرو.
وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم، بعد فراغ القتال في غزوة أحد. ذهب جابر بن عبد الله يبحث عن أبيه، فوجده بين الشهداء، وقد مثل به المشركون كما مثلوا بغيره من شهداء المسلمين. ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيدهم عبد الله بن عمرو بن حرام، ومرّ بهم الرسول وهم يبكونه، فقال: " ابكوه أو لا تبكوه فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها".
ووقف رسول الله يشرف على دفن أصحابه، ولما جاء دور عبد الله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله : "ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين". عن جابر بن عبد الله قال: لمّا قُتل أبي يوم أُحُد جعلتُ أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وجعل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ينهونني والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، لا ينهاني. قال وجعلتْ عمّتي فاطمة بنت عمرو تبكي عليه فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "تبَكِّيه أو لا تُبَكّيه، ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه
(4) - فضله
يقول جابر: لقيني رسول الله ، فقال: "يا جابر، مالي أراك منكرًا مهتمًّا؟" قلت: يا رسول الله، استشهد أبي، وترك عيالاً وعليه دين، فقال الرسول : "ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا (أي مواجهة ليس بينهما حجاب)، فقال: يا عبدي سلني أعطك، فقال، أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيًا، فقال الله له: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، فقال عبد الله: يا رب، أبلغ من ورائي، فأنزل الله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}[آل عمران: 196-197].[الترمذي وابن ماجه]. وبعد مرور ست وأربعين سنة على دفنه، نزل سيل شديد غطى أرض القبور، فسارع المسلمون إلى نقل جثث الشهداء، وكان جابر لا يزال حيًّا، فذهب مع أهله لينقل رفات أبيه عبد الله بن عمرو ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح، فوجدهما في قبرهما نائمين كأنهما ماتا بالأمس لم يتغيرا.عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج لدفن شهداء أحد قال
زملوهم بجراحهم ، فأنا شهيد عليهم ) ، وكفن أبي في نمرة . قال ابن سعد : قالوا : وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد ، وكان عمرو بن الجموح طويلاً ، فدفنا معاً عند السيل ، فحفر السيل عنهما ، وعليهما نمرة ، وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه ، فيده على جرحه ، فأميطت يده ، فانبعث الدم فردت ، فسكن الدم . قال جابر : فرأيت أبي في حفرته ، كأنه نائم ، وما تغير من حاله شيء وبين ذلك ست وأربعون سنة ، فحولا إلى مكان آخر ، وأخرجوا رطاباً يتثنون.