فصل في متابعة المأموم للإمام
إذا أحرمَ المأمومُ مع إمامِه: بطلتْ صلاتُه، ولم تنعقدْ؛ لأنّه يُشترط أن يأتي بها بعدَ إمامِه وقد فاتَه. وكذا إذا أحرم قبلَ إتمامِ إمامِهِ تكبيرةَ الإحرامِ؛ لأنّه يكون قد ائتمَّ بمن لم تنعقدْ صلاتُه.
والأَوْلى للمأمومِ أن يشرعَ في أفعالِ الصَّلاةِ بعد إمامِه؛ لحديث: «إنّما جُعل الإمامُ ليُؤتمَّ به؛ فلا تختلفوا عليه؛ فإذا كبَّر فكبِّرُوا، وإذا ركعَ فاركعُوا، وإذا قال: سمعَ اللهُ لمن حمدَهُ؛ فقولُوا: اللّهمّ ربَّنا ولك الحمدُ، وإذا سجدَ فاسجُدُوا، وإذا صلّى جالساً فصلُّوا جلوساً أجمعون» [متفق عليه، واللّفظ لمسلم].
فإنْ وافقَهُ في أفعالِ الصّلاةِ، أو في السَّلامِ كُرِه؛ لمخالفةِ السُّنّةِ، ولم تفسدْ صلاتُه؛ لأنّه اجتمع معه في الرُّكنِ.
ويحرمُ سبقُ الإمامِ بشيءٍ من أفعالِ الصّلاةِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تسبقُونِي بالرُّكوعِ، ولا بالسُّجودِ، ولا بالقِيامِ» [رواه مسلم].
فمنْ ركعَ، أو سجدَ، أو رفعَ قبلَ إمامِه عمداً لزمَهُ أن يرجعَ ليأتيَ بهِ معَ إمامِه؛ ليكونَ مؤتمًّا به؛ فإنْ أبى عالماً عمداً بطلتْ صلاتُه؛ لترك المتابعةِ الواجبةِ بلا عذرٍ، ولحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «أمَا يخشى الّذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإمامِ أن يحولَ اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ» [متّفق عليه، واللّفظ لمسلم].
ولا تبطلُ صلاةُ النّاسِي والجاهلِ؛ لحديث: «إنّ اللهَ وضعَ عن أمّتي الخطأَ، والنِّسيانَ، وما استكرهُوا عليهِ» [رواه ابن ماجه، والحاكم وصحّحه، وضعّفه أحمد وغيره].
ويُسَنُّ للإمامِ التَّخفيفُ مع الإتمامِ للصّلاةِ؛ لحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «إذا صلّى أحدُكم للنّاسِ فليخفِّفْ؛ فإنّ فيهم السقيمَ، والضعيفَ، وذا الحاجةِ، وإذا صلّى لنفسه فليطوِّل ما شاء» [رواه مسلم].
فإذا آثرَ واختارَ المأمومُ التطويلَ فلا بأس؛ لزوالِ علّةِ الكراهةِ، وهي التَّنفيرُ.
ويسنُّ للإمامِ أن ينتظرَ الداخلَ إلى الصّلاة إذا أحسّ به في ركوعٍ ونحوِه؛ بشرط أن لا يشقّ على من معه من المصلِّين؛ لأنّه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الانتظارُ في صلاةِ الخوفِ لإدراكِ الجماعةِ، ولكن حُرمةُ من مع الإمامِ أعظمُ؛ فلا يشقُّ عليهم لنفعِ الدّاخلِ.
ومن استأذنَت امرأتُه أو أمتُه في الذّهابِ إلى المسجِدِ كُرِه لهُ منعُها، وصلاتُها في بيتِها خيرٌ لها؛ لحديث: « لا تمنعُوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ، وبيوتهنّ خيرٌ لهنّ» [رواه مسلم].