التهاب البنكرياس الحاد
التهابُ البنكرياس الحادّ acute pancreatitis
هو حالةٌ خطيرةٌ، يُصاب فيها البنكرياسُ بالالتهاب لفترةٍ قصيرة. والبنكرياسُ عضوٌ صغيرٌ يتوضَّعُ خلفَ المعدة وتحت القفص الصدري ribcage.
يتحسَّن معظمُ الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحادّ في غضون أسبوع، ولا يُعانون من أيَّة مشاكلَ أخرى؛ ولكنَّ الحالات الشديدة قد تؤدِّي إلى ظهور مضاعفاتٍ خطيرةٍ يمكن أن تكونَ مُميتة.
يختلف التهابُ البنكرياس الحادّ عن التهاب البنكرياس المزمِن chronic pancreatitis الذي يستمرُّ فيه الالتهابُ عدَّةَ سنوات.
أعراضُ التهاب البنكرياس الحاد
يُعَدُّ الشعورُ المفاجئ بألمٍ شديدٍ وكليلٍ حولَ أعلى المعدة العَرَضَ الرئيسيَّ لالتهاب البنكرياس الحادّ.
يتفاقم هذا الألمُ باطِّراد غالباً، وقد ينتشر على طول الظهر أو تحت لوح الكتف الأيسر. ويمكن أن يؤدِّي تناولُ الطعام أو الشراب إلى تفاقم الحالة بسرعةٍ كبيرة، وخصوصاً الأطعمة الدهنيَّة.
قد يُساعدُ الانحناءُ إلى الأمام أو التَّكوُّر على تخفيف الشعور بالألم، ولكنَّ الاستلقاءَ على الظهر يؤدِّي إلى زيادة شدَّة الألم غالباً.
ينجم التهابُ البنكرياس الحادّ عن الحصيات المراريَّة gallstones، والتي تتشكَّل بعدَ تناول وجبةٍ كبيرةٍ عادةً. بينما إذا كانت الحالةُ ناجمةً عن الكحول، فإنَّ الألم يبدأ غالباً بعد مرور 6-12 ساعة من تناول مقدارٍ كبير من الكحول.
أعراض أخرى
يمكن أن تظهرَ أعراضٌ أخرى لالتهاب البنكرياس الحاد والتي تتضمَّن:
الغثيان أو القيء.
الإسهال.
عُسر الهضم indigestion.
ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 38 درجة مئويَّة أو أكثر.
اليرقان jaundice، أي اصفرار الجلد وبياض العينين.
إيلام tenderness أو تورُّم البطن.
أسباب التهاب البنكرياس الحاد
ترتبط معظمُ حالات بالتهاب البنكرياس الحاد ارتباطاً مباشراً بوجود الحصيات المراريَّة أو بتناول الكحول، إلاَّ أنَّ السببَ الدقيقَ لحدوث هذه الحالة لا يكون واضحاً بشكلٍ دائم.
الحصيات المراريَّة
الحَصَياتُ المراريَّة gallstones قطعٌ صُلبةٌ من مادَّةٍ شبيهة بالحجر تتشكَّلُ في المرارة. ويمكن أن تؤدِّيَ إلى حدوث التهاب البنكرياس الحادّ إذا تحرَّكت خارج المرارة، وأغلقت فتحة البنكرياس.
قد يؤدِّي هذا الانسدادُ إلى اضطراب بعض الإنزيمات (مواد كيميائيَّة) التي يُنتجها البنكرياس. وتُستعمَل هذه الإنزيماتُ للمساعدة على هضم الطعام في الأمعاء عادةً، ولكنَّها يمكن أن تبدأَ في هضم البنكرياس بدلاً من الطعام عندَ انسداد الفتحة.
غيرَ أنَّ الإصابةَ بالتهاب البنكرياس الحاد لا تحدث عندَ جميع الأشخاص الذين لديهم حصياتٌ مراريَّة؛ فمعظمُ هذه الحصيات لا تتسبَّبُ بأيَّة مشاكل.
تناول الكحول
ما زال التهابُ البنكرياس بسبب تناول الكحول غيرَ مفهومٍ تماماً. ولكن، ترى إحدى النظريَّات أنَّ الكحولَ يُعِيق الوظائفَ الطبيعية للبنكرياس، ممَّا يدفع الإنزيمات إلى أن تبدأ بهضم البنكرياس.
وبغضِّ النظر عن السبب، هناك ارتباطٌ واضحٌ بين تناول الكحول وحدوث التهاب البنكرياس الحادّ. وقد توصَّلت إحدى الدراسات الكبيرة إلى أنَّ نسبةَ إصابة الأشخاص المنتظمين على تناول أكثر من 350 ميليليتراً من الكحول أسبوعيَّاً بالتهاب الكبد الحادّ كانت 4 أضعاف نسبة الأشخاص الذين لم يتناولوا الكحولَ على الإطلاق.
كما يُعتَقدُ أنَّ الإسرافَ في الشرب خلال فترة قصيرة (كما في بعض الحفلات) يزيد من خطر الإصابة بالتهاب الكبد الحادّ.
أسباب أخرى
تشتمل الأسبابُ الأقلّ شيوعاً للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد على ما يلي:
إصابة أو تضرُّر البنكرياس بشكل عَرَضي، في أثناء عمليَّة استئصال الحصيات المراريَّة أو فحص البنكرياس.
استعمال أنواع مُعيَّنة من الأدوية، مثل بعض المضادَّات الحيويَّة أو أدوية العلاج الكيميائي؛ فقد يكون حدوثُ التهاب البنكرياس الحاد من ضمن الآثار الجانبيَّة غير المتوقَّعة لاستعمال الأدوية السابقة عندَ عددٍ قليلٍ من الأشخاص.
العدوى الفيروسيَّة، مثل التهاب الغدَّة النكفيَّة mumps أو الحصبة measles.
كإحدى مضاعفات التليُّف الكيسي cystic fibrosis.
بعض الحالات النادرة، مثل فرط الدُّريقات hyperparathyroidism ومتلازمة راي Reye's syndrome وداء كاواساكي Kawasaki disease.
التهاب البنكرياس الشديد
المعلوماتُ عن سبب إصابة بعض الأشخاص بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد severe acute pancreatitis قليلة. وتشتمل العواملُ التي يُعتَقد أنَّها تزيد من خطر الإصابة بهذه الحالة على ما يلي:
عمر المريض 70 عاماً أو أكثر.
البدانة (يُعَدُّ الشخص بديناً إذا كان مؤشِّرُ كتلة الجسم لديه 30 أو أكثر).
تناول الكحول مرَّتين أو أكثر يوميَّاً.
التدخين.
وقد اكتشف الباحثون أنَّ نسبةَ إصابة الأشخاص، الذين يحملون طفرة وراثيَّة مُعيَّنة، والتي تُعرَف بالطفرة MCP-1، بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد تكون أكبر بمقدار 8 مرَّات من نسبة إصابة الأشخاص العاديين.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة
يكون التهابُ البنكرياس الحاد أكثرَ شيوعاً بين الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات العمريَّة المتوسطَّة والكبيرة، ولكنَّه يمكن أن يُصيبَ الأشخاصَ من مختلف الأعمار.
يكون الرجالُ أكثرَ عُرضةً للإصابة بالتهاب البنكرياس المرتبط بتناول الكحول "في بعض البلدان"، بينما تكون النساءُ أكثرَ عُرضةً للإصابة بالتهاب البنكرياس الناجم عن وجود الحصيات المراريَّة؛ ففي إنكلترا مثلاً، قُبِلَ أكثر من 25 ألف شخصٍ مُصابٍ بالتهاب البنكرياس الحاد في المستشفيات خلال عامي 2013-2014.
تشخيص التهاب البنكرياس الحاد
تُشخَّصُ معظمُ حالات التهاب البنكرياس الحادّ في المستشفى، بسبب احتمال حدوث مضاعفات خطيرة.
ينبغي أن يقومَ الطبيبُ بالاستفسار عن تاريخ الأعراض التي يُعاني منها المريض. وقد يقوم بإجراء فحصٍ سريريٍّ أيضاً؛ فإذا كان الشخصُ مصاباً بالتهاب البنكرياس الحاد، فإنَّ مناطقَ مُعيَّنة من البطن تكون شديدةَ الإيلام عندَ لمسها.
ويجب إجراء اختبارٍ دمويٍّ للمساعدة على تأكيد التشخيص، حيث يمكن كشفُ التهاب البنكرياس الحاد عندَ حدوث ارتفاعٍ في مستوى مادتين كيميائيَّتين تُعرفا بالليباز lipase والأميلاز amylase.
قد يَصعُبُ في البداية معرفة ما إذا كان التهابُ البنكرياس الحاد خفيفاً أو شديداً، حيث ينبغي القيامُ بمراقبةٍ دقيقة للعلامات الدَّالة على حدوث مشاكل خطيرة، مثل الفشل العضوي.
تتحسَّنُ حالةُ الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحادّ الخفيف في غضون أسبوع، ولا يُواجهون أيَّةَ مشاكل أخرى أو أنَّهم قد يواجهون مشاكلَ يمكن علاجُها خلال 48 ساعة. بينما تحدث لدى الأشخاص المُصابين بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد مشاكل خطيرة مزمنة.
اختبارات إضافيَّة
يمكن إجراءُ عدَّة اختبارات لمعرفة شدَّة الالتهاب، وتقييم احتمال حدوث مضاعفات أكثر خطورة.
يمكن إجراءُ أحد الاختبارات التالية:
التصوير المقطعي المحوسب computerised tomography (CT) scan، حيث تُؤخذُ سلسلةٌ من صور الأشعَّة السينيَّة لتشكيل صورةٍ ثلاثيَّة الأبعاد أكثر تفصيلاً للبنكرياس.
التصوير بالرنين المغناطيسي magnetic resonance imaging (MRI) scan، حيثُ تُستَعملُ حقول مغناطيسيَّة وموجات لاسلكيَّة قويَّة لإنتاج صورةٍ مُفصَّلة لباطن الجسم.
التصوير بالأمواج فوق الصوتيَّةan ultrasound scan، حيث تُستَعملُ موجات صوتيَّة عالية التردُّد لتشكيل صورة لباطن الجسم.
تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية التنظيري بالطريق الراجع endoscopic retrograde cholangiopancreatography (ERCP).
يُستَعملُ، عندَ إجراء تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية التنظيري بالطريق الراجع، أنبوبٌ رفيعٌ مرنٌ يُعرَفُ بالمنظار الداخلي endoscope، يحملُ كاميرا في إحدى نهايتيه. يُمرَّرُ المنظارُ الداخلي عبر الفم نحو المعدة. ثمَّ تُحقنُ مادَّةٌ صبغيَّةٌ خاصَّة من خلال المنظار الداخلي في القنوات الصفراويَّة والبنكرياسيَّة يمكن أن تظهرَ في صورة الأشعَّة السينيَّة. وتُؤخذُ صورةُ الأشعَّة السينيَّة بعد حقن المادَّة الصِّباغيَّة.
قد يكون هذا الاختبارُ مفيداً في حالات التهاب البنكرياس الحادّ المرتبط بالمرارة، لأنَّه يمكن أن يُحدِّدَ موقعَ الحصاة بشكلٍ دقيق. وقد يكون بالإمكان إدخالُ أدواتٍ جراحيَّة مع المنظار لاستئصال الحصاة في بعض الحالات.
علاج التهاب البنكرياس الحاد
يُعالَجُ التهابُ البنكرياس الحادّ في المُستشفَى، حيث ينبغي إخضاعُ المريض لمراقبة دقيقة للتَّحرِّي عن العلامات الدالَّة على مشاكل خطيرة، مع إعطائه العلاج الداعم، مثل السوائل والأكسجين.
تتحسَّن حالةُ الكثير من الأشخاص بحيث يمكنهم مغادرة المستشفى بعد 5-10 أيَّام.
ويمكن أن تحدثَ مضاعفاتٌ تتطلَّبُ معالجةً إضافيَّةً نوعيَّة في الحالات الشديدة، تستدعي دخولَ وحدة الرعاية المركَّزة intensive care unit (ICU). قد يستغرق التعافي في مثل هذه الحالات وقتاً أطول، ويمكن أن تؤدِّي إلى الموت.
السوائل
قد يُصاب الجسمُ بالتجفاف خلال نوبة التهاب البنكرياس الحاد، لذلك يجري تزويدُه بالسوائل من خلال أنبوبٍ مُتَّصلٍ بأحد الأوردة (وتُعرَفُ هذه بالسوائل الوريديَّة).
يمكن أن تُفيدَ السوائلُ الوريديَّة في علاج الحالات الشديدة من التهاب البنكرياس الحاد، وذلك للوقاية من حدوث مشكلةٍ خطيرة تُسمَّى صدمةَ نقص حجم الدم hypovolemic shock، والتي تحدثُ عندَ انخفاض مستويات السوائل في الجسم، ممَّا يُقلِّلُ كميَّةَ الدم فيه.
الدعم التغذوي
رغم عدم تقييد النظام الغذائي للكثير من الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد الخفيف، إلاَّ أنَّ بعضَ الأشخاص يُنصَحون بعدم تناول الطعام، وذلك لأنَّ محاولةَ هضم الطعام الصلب قد تُشكِّلُ عبئاً على البنكرياس.
وبحسب شدَّة الإصابة، قد يعجزُ الشخصُ عن تناول الأغذية الصلبة لبضعة أيَّامٍ أو أكثر.
وإذا كان من الضروري تجنُّبُ تناول الأطعمة الصلبة، فيمكن استعمالُ أنبوب التغذية feeding tube لتزويد الجسم بالغذاء. ويُعرَفُ هذا الإجراء بالتغذية المعويَّة enteral feeding، والتي تنطوي غالباً على استعمال أنبوبٍ يُدخَلُ إلى المعدة من خلال الأنف (أنبوب أنفي مَعِدي nasogastric tube).
الأكسجين
يمكن تزويدُ الجسم بالأكسجين من خلال أنابيب تُدخَلُ في الأنف عادةً، وذلك لضمان حصول الأجهزة الحيويَّة على كفايتها من الأكسجين. ويمكن إيقافُ استعمال هذه الأنابيب بعدَ بضعة أيَّام بمجرَّد تحسُّن حالة المريض.
كما يمكن في الحالات الشديدة استعمالُ أجهزة التهوية للمساعدة على التنفُّس أيضاً.
مُسكِّنات الألم
يُسبِّبُ التهابُ البنكرياس الحادّ ألماً شديداً في البطن غالباً، لذلك سوف تكون هناك ضرورةٌ إلى استعمال مُسكِّنات ألمٍ شديدة الفعاليَّة، كالمورفين morphine.
يمكن أن يؤدِّي استعمالُ بعض مُسكِّنات الألم إلى شعور الشخص بالنُّعاس الشديد.
علاج الأسباب الكامنة وراءَ التهاب البنكرياس الحاد
قد تكون هناك ضرورةٌ إلى علاج السبب الكامن وراءَ حدوث الالتهاب بمجرَّد السيطرة على الحالة الالتهابيَّة، حيث ينبغي علاجُ الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد، أي الحَصَيات المراريَّة وتناول الكحول.
علاج الحَصَيات المراريَّة
إذا كانت الحَصَيات المراريَّة هي المسؤولة عن حدوث التهاب البنكرياس، فقد يكون من الضروري إجراء تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية التنظيري بالطريق الراجع، أو قد تكون هناك ضرورةٌ لاستئصال المرارة gallbladder.
يمكن أن تُجرى جراحةُ استئصال المرارة في أثناء وجود الشخص في المستشفى، أو قد يجري التخطيطُ لإجرائها في غضون عدَّة أسابيع. وينبغي ألاَّ يتركَ استئصالُ المرارة أثراً كبيراً على صحة الشخص، ما عدا المعاناة من مصاعب خلال هضم أطعمة مُعيَّنة، مثل الأطعمة الدهنيَّة أو ذات المذاق الحار.
يُعَدُّ التدخُّل عن طريق تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية التنظيري بالطريق الراجع العلاجَ البديل للحصيات المراريَّة، حيث تنطوي على استعمال أنبوب ضيِّق ومرن، يُعرَفُ بالمنظار الداخلي endoscope، والذي يحمل كاميرا في إحدى نهايتيه.
تقوم صورُ الأشعَّة السينيَّة بتوجيه المنظار الداخلي داخل جهاز الهضم، وتُمرَّرُ مُعِدَّاتٌ جراحيَّةٌ مع المنظار لاستئصال الحَصَيات المراريَّة.
تناول الكحول
يجب أن يتوقَّفَ الشخصُ بشكلٍ كاملٍ عن تناول الكحول بعدَ شفائه من التهاب البنكرياس الحاد. وإذا وجدَ صعوبةً في القيام بذلك، فقد يكون من الضروري استعمال علاجٍ إضافي.
تشتملُ الخياراتُ العلاجيَّة لعلاج إدمان الكحول على ما يلي:
التوعية على انفراد.
الانضمام إلى مجموعات المساعدة الذاتيَّة.
استعمال دواء أكامبروسات acamprosate الذي يُساعد على خفض الرغبة الشديدة في تناول الكحول.
مضاعفات التهاب البنكرياس الحاد
يشفى معظمُ الأشخاص من التهاب البنكرياس الحاد دون حدوث مشاكل، إلاَّ أنَّه قد ينجم عن الإصابة بالحالات الشديدة منه حدوثُ مضاعفاتٍ خطيرة.
الكيسات الكاذبة
الكيساتُ الكاذبة pseudocysts هي أكياسٌ ممتلئة بسائل يمكن أن تتشكَّلَ على البنكرياس. وهي من المضاعفات الشائعة لالتهاب البنكرياس الحاد، حيث يُعتَقدُ أنَّها تُصيبُ حوالي 5% من الأشخاص المصابين بهذا الالتهاب.
تَظهَر هذه الكيساتُ الكاذبة عادةً بعد مرور 4 أسابيع على بدء ظهور أعراض الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد. ولا يُسبِّبُ وجودُها ظهورَ أيَّة أعراض في كثيرٍ من الحالات، وتُكتشفُ عندَ إجراء التصوير المقطعي المحوسب فقط.
إلاَّ أنَّها قد تتسبَّبُ بحدوث تطبُّل (نفخة) bloating وعُسر هضم وألم كليل في البطن عند بعض الأشخاص.
قد لا تكون هناك ضرورةٌ لاستعمال علاجاتٍ إضافيَّة إذا كان حجمُ الكيسات الكاذبة صغيراً، فهي لا تتسبَّبُ بظهور أيَّة أعراض، كما أنَّها تزول من تلقاء نفسها عادةً.
ويوصى باستعمال العلاج عندَ المعاناة من الأعراض، أو إذا كان حجمُ الكيسات الكاذبة كبيراً عادةً، لأنَّ الكيسات الكبيرة تكون عُرضةً للانفجار، ممَّا قد يؤدِّي إلى حدوث نزفٍ داخلي أو إلى العدوى.
تُعالَجُ الكيساتُ الكاذبة بتصريف السائل الموجود في الكيسة من خلال إدخال إبرةٍ فيه عبر الجلد. كما يمكن تصريفُ السائل عند إجراء التنظير الداخلي endoscopy، حيث يُمرَّرُ أنبوبٌ رفيعٌ مرن يُدعى المنظار الداخلي عبرَ الحلق throat، ثمَّ تُستَعملُ أدواتٌ صغيرةٌ جدَّاً لتصريف السائل.
نخرُ البنكرياس العَدوائِي
يمكن أن تحدثَ مضاعفةٌ خطيرة تُسمَّى نخر البنكرياس العدوائي (الناجم عن العدوى) infected pancreatic necrosis عند حوالي 33% من الأشخاص المُصابين بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد.
وعندَ الإصابة بهذه العدوى، يتسبَّبُ الالتهابُ الشديد في اضطراب وصول الدم إلى البنكرياس. ومن دون استمرار تروية البنكرياس بالدم، يموت جزءٌ من نسيجه. والنخرُ necrosis هو المصطلحُ الطبِّي للموت النسيجي.
يكون النسيجُ الميِّت مُعرَّضاً بشكلٍ كبيرٍ للإصابة بالعدوى الجرثوميَّة. وبمجرَّد حدوث العدوى، يمكنها أن تنتشرَ بسرعةٍ إلى الدم (تسمُّم أو إنتان الدم blood poisoning)، مؤدِّيةً إلى تضرُّر العديد من أعضاء الجسم. ويُعتَقدُ أنَّ نخرَ البنكرياس العدوائي infected pancreatic necrosis مُميتٌ إذا أُهملَ علاجه.
يظهر نخرُ البنكرياس العدوائي بعدَ 2-6 أسابيع من بدء ظهور أعراض التهاب البنكرياس الحاد عادةً. وتتضمَّنُ الأعراضُ ازديادَ الشعورِ بألم البطن وحدوث ارتفاع في درجة الحرارة. وتُعالَج هذه الحالةُ باستعمال حُقنٍ مضادَّة للالتهاب، مع ضرورة استئصال النسيج الميِّت لمنع عودة الإصابة بالعدوى.
قد يكون ممكناً في بعض الحالات استئصالُ الأنسجة الميِّتة باستعمال أنبوبٍ رفيعٍ يُسمَّى القِثطار catheter، والذي يجري غرزُه أو إدخالُه من خلال الجلد.
وبدلاً من ذلك، يمكن اللجوءُ إلى الجراحة التنظيريَّة، حيثُ يُفتَحُ جرحٌ صغيرٌ في الظهر يُدخَلُ المنظارُ من خلاله لاستئصال النسيجٍ الميت. وإذا لم يكن مُتاحاً إجراءُ الجراحة التنظيريَّة، يمكن عندَها إجراء جراحةٍ بإحداث جرحٍ في البطن يسمح باستئصال النسيج الميت من خلاله.
يُعَدُّ نخرُ البنكرياس العدوائي من المضاعفات شديدة الخطورة، حيث تُشير التقديراتُ إلى أنَّ خطرَ الوفاة نتيجة قصور الأعضاء يُقارب 20%، حتَّى مع توفُّر أعلى درجات الرعاية الطبيَّة.
متلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازيَّة
تُعَدُّ متلازمةُ الاستجابة الالتهابية الجهازيَّة systemic inflammatory response syndrome (SIRS) مضاعفةً شائعةً أخرى لالتهاب البنكرياس الحادّ الشديد، حيث تحدث الإصابة بهذه الحالة عند حوالي 10% من الأشخاص المصابين بهذا النوع من الالتهاب.
عندَ الإصابة بهذه المتلازمة، ينتشر الالتهابُ الذي أصاب البنكرياسَ في أنحاء الجسم، ممَّا قد يؤدِّي إلى تعطُّلَ عضوٍ أو أكثر من أعضاء الجسم. وتظهر هذه الإصابةُ خِلال الأسبوع الأوَّل من بدء الأعراض عادةً، ولكن، مع تبدأ معظمُ الحالات في نفس اليوم.
تتضمَّن أعراضُ الإصابة بمتلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازيَّة ما يلي:
ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى أعلى من 38 درجة مئويَّة، أو انخفاضها دون 36 درجة مئويَّة.
تسرُّع ضربات القلب إلى أكثر من 90 ضربة بالدقيقة.
تسرُّع مُعدَّل التنفُّس بشكل غير مألوف (أكثر من 20 حركة تنفُّس في الدقيقة).
لا يتوفَّر علاجٌ لمتلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازيَّة حاليَّاً، لذلك ينطوي العلاجُ على محاولة دعم وظائف الجسم حتَّى زوال الالتهاب. ويعتمد مآلُ الحالة على مدى الضرر الذي لحق بأجهزة الجسم؛ فكلَّما زاد عدد الأعضاء المصابة، ازداد احتمالُ حدوث الموت.
التهاب البنكرياس المزمن
قد يؤدَّي تكرُّر نوبات التهاب البنكرياس الحاد إلى الإصابة بالتهاب البنكرياس المزمن chronic pancreatitis، وذلك بحسب درجة الضرر الذي أصاب البنكرياس.
يُعَدُّ التهابُ البنكرياس المزمن من الحالات طويلة الأمد، والتي قد يكون له تأثيرٌ خطيرٌ في نوعيَّة الحياة.
الوقاية من الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد
ما دام أنَّ التهابَ البنكرياس الحاد ينجم عن الحصيات المراريَّة أو عن الكحول غالباً، فقد يُقلِّلُ اتِّباعُ نمط حياةٍ صحِّي من فرص حدوث هذا الالتهاب.
الحصيات المراريَّة
يُعَدُّ اتِّباعُ نظام غذائي متوازنٍ وصحّيٍّ، ينطوي على تناول الكثير من الفواكه والخضروات الطازجة (ليس أقلّ من 5 حصص يوميَّاً)، هو الطريق الأكثر فعاليَّةً للوقاية من تشكُّل الحَصَيات المراريَّة.
ينبغي أن يتضمَّن النظامُ الغذائي تناولَ الحبوب الكاملة الموجود في الخبز المصنوع من الحنطة الكاملة والشوفان والأرز الأسمر أيضاً. ويُساعد هذا على خفض مستوى الكوليستيرول في الجسم.
كما تُشيرُ الأدلَّةُ إلى أنَّ الانتظامَ في تناول المُكسَّرات، مثل الفول السوداني peanuts أو الكاجو cashews، قد يُفيدُ في تقليل خطر تشكُّل الحصيات الصفراويَّة.
ونتيجةً للدور الذي يبدو أنَّ الكوليستيرول يقوم به في تشكيل الحصيات الصفراويَّة، فإنَّه يُستحسن تجنُّبُ تناول الكثير من الأطعمة الدسمة المحتوية على نسبةٍ مرتفعة من الكوليستيرول.
تشتملُ الأطعمةُ الغنيَّة بالكوليستيرول على الأنواع التالية:
فطائر اللحم.
النقانق وشرائح اللحم الدهنيَّة.
الزبدة والشحم.
الكعك والبسكويت.
كما تؤدِّي زيادةُ وزن الشخص إلى ازدياد فرص تشكُّل الحَصَيات الصفراويَّة أيضاً، لذلك فإنَّ الحفاظَ على الوزن الصحِّي من خلال اتِّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ والانتظام في ممارسة الكثير من التمارين الرياضيَّة، قد يُساعد على تقليل خطر تشكُّل الحصيات أيضاً.
الكحول
يُساعد الامتناعُ عن تناول الكحول على منع تضرُّر البنكرياس، ويُقلِّلُ من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس الحادّ. كما قد يُنقِص من فرصَ الإصابة بحالاتٍ خطرةٍ أخرى أيضاً، مثل سرطان الكبد liver cancer.
*******************