الداء السكري من النمط الأول
السكَّري Diabetes
هو حالةٌ مرضية مزمنة تُسبِّب ارتفاعَ مستوى السكَّر في الدم (الغلوكوز) فوق الحدود الطبيعية.
يُعدُّ هرمونُ الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس pancreas مسؤولاً عن التحكم بمستويات الغلوكوز glucose في الدم.
يُصنَّف السكَّري تحت نوعين رئيسيين:
السكَّري من النمط الأول، وتكمن المشكلةُ في هذا النوع بعدم إفراز البنكرياس لهرمون الأنسولين نهائياً.
السكَّري من النمط الثاني، وتكمن المشكلةُ في هذا النوع بعدم إفراز البنكرياس لكميات كافية من الأنسولين، أو في عدم استجابة خلايا الجسم للأنسولين.
نتحدَّث هنا عن السكَّري من النمط الأوَّل.
كما يوجد نوع آخر من الإصابة بالسكَّري، يُعرف باسم السكَّري الحملي gestational diabetes، ويحدث عند بعض النساء الحوامل، وغالباً ما يشفى بعد الولادة.
من الضَّروري جداً أن يجري تشخيص الداء السكَّري في أسرع وقت، لأن حالةَ المريض ستزداد سوءاً في حال عدم علاجه.
ينبغي على المريض زيارة الطبيب في أسرع وقت عند الشعور بأعراض الإصابة بالسكَّري، مثل العطش وزيادة عدد مرات التبوُّل والشعور المستمر بالتعب.
النمط الأول والنمط الثاني من السكَّري
يمكن أن يحدثَ النمطُ الأول من السكَّري في أي عمر، إلاَّ أنه غالباً ما يظهر قبلَ سن الأربعين، وخاصة في سنوات الطفولة. ولذلك، فقد يُطلق عليه أحياناً اسم السكَّري الشبابي juvenile diabetes. وتشير الإحصائياتُ إلى أنَّ النمطَ الأول من داء السكَّري يُشكِّل 10 في المائة من إجمالي حالات السكَّري.
وتكمن المشكلةُ في هذا النوع من السكَّري بعدم إفراز البنكرياس للأنسولين، وهو الهرمونُ المسؤول عن تنظيم مستوى السكَّر في الدم. ولذلك، يمكن أن يُطلق أيضاً على هذا النوع من السكَّري باسم السكَّري المُعتمد على الأنسولين insulin-dependent diabetes.
يمكن لارتفاع مستوى السكَّر في الدم أن يُسبب أضراراً بالغةً لأعضاء الجسم على المدى الطويل.
أمَّا في النمط الثاني من الإصابة بالسكَّري، فإما أن الجسم لا يُنتج كمِّيات كافية من الأنسولين، أو أنَّ خلايا الجسم لا تستجيب للأنسولين بصورة جيدة. وتُشير الإحصائياتُ إلى أن الشكلَ الثاني من الإصابة بالسكَّري يُشكل ما نسبته 90 في المائة من إجمالي حالات السكَّري، وغالباً ما تحدث الإصابة به في مرحلة لاحقة من الحياة.
أعراض الداء السكَّري
تنجم أعراضُ السكَّري عن بقاء الغلوكوز في الدم وعدم استخدامه كوقود لإنتاج الطاقة. وفي هذه الحالة، يحاول الجسمُ خفضَ مستوى السكَّر في الدم عن طريق طرح الفائض منه في البول.
تشمل الأعراضُ النمطية للسكري على ما يلي:
الشعور بعطش شديد.
التبوُّل لمرات عديدة، وخاصة في أثناء الليل.
الشعور بالتعب الشديد.
نقص الوزن وتضاؤل كتلة العضلات.
غالباً ما تحدث أعراضُ السكَّري من النمط الأول بشكل سريع جداً عند الأشخاص الأصغر سناً (في غضون بضعة أيام أو أسابيع). أمَّا عند البالغين الأكبر سناً، فقد تحتاج الأعراض إلى فترة أطول لكي تظهرَ بصورة واضحة، قد تمتدُّ إلى بضعة أشهر.
أسباب الداء السكَّري من النمط الأول
يحدث الداءُ السكَّري من النمط الأول كنتيجة لعجز الجسم عن إفراز هرمون الأنسولين، وهو الهرمونُ المسؤول عن نقل الغلوكوز الزائد من الدم باتجاه الخلايا، حيث يجري استخدامُه كوقود لإنتاج الطاقة.
وعندَ عجز الجسم عن استخدام السكَّر لإنتاج الطاقة، سيعمد إلى تفكيك الدهون والنسج العضلية لاستخدامها في إنتاج الطاقة، وهو ما يؤدِّي إلى نقص الوزن. وقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بحالة قصيرة الأمد تُسمَّى الحُماض السكَّري الكيتوني diabetic ketoacidosis حيث يرتفع مستوى الحموضة في الدم، ويُصاب الجسم بالتجفاف.
يُصنّف السكَّري من النمط الأوَّل على أنه أحد أمراض المناعة الذاتية، وذلك لأنَّ الدفاعات الطبيعية في الجسم تعامل خلايا البنكرياس كعناصر معادية وتهاجمها، وهو ما يؤدِّي إلى توقُّفها عن إنتاج الأنسولين.
علاج السكَّري من النمط الأول
الضروري تشخيصُ السكَّري من النمط الأول بأسرع وقت ممكن، والبدء بعلاجه فوراً.
لا يتوفَّر حتى الآن علاجٌ شافٍ للسكري، وتهدف المعالجاتُ المختلفة المتوفرة إلى الحفاظ على مستويات السكَّر في الدم ضمن الحدود الطبيعية قدرَ الإمكان، والسيطرة على أعراض المرض للوقاية من المضاعفات المحتملة لاحقاً.
وبسبب عجز الجسم عن إنتاج الأنسولين، فسوف يحتاج المريضُ إلى أخذ جرعات منتظمة منه، وغالباً ما تكون بشكل حُقن. وسيقوم الفريق الطبي المُشرف على علاج المريض بتدريبه على كيفية أخذ الحقن، وكيفية تقدير كمِّية الجرعة بناءً على الطعام الذي يتناوله، وكيفية مراقبة مستوى السكَّر في الدم بصورةٍ منتظمة، بالإضافة إلى تعليمات حولَ مقدار التمارين الرياضية الواجب القيام بها.
تتوفَّر حقنُ الأنسولين بأشكال مختلفة، وتعمل كلٌّ منها بصورة مختلفة قليلاً عن الأخرى. ويمكن لبعض حقن الأنسولين أن تدومَ فعَّاليتها طوالَ اليوم (حقن طويلة الأمد)، في حين تدوم فعاليةُ بعضها الآخر ثماني ساعات (حقن قصيرة الأمد)، كما يمكن لبعضها الآخر أن يُعطي فعاليةً سريعة، ولكنها لا تدوم لفترة طويلة (حقن سريعة المفعول). وغالباً ما يحتاج المريضُ للمشاركة بين جميع هذه الأنواع.
تتوفَّر بعضُ البدائل لحقن الأنسولين، إلا أنها لا تكون مناسبةً إلا لفئة صغيرة من المرضى. والبدائل هي:
مضخَّة الأنسولين، حيث يعمل جهاز صغير على ضخِّ الأنسولين بصورة مستمرة في مجرى الدم وفق مقدار يتحكَّم به المريض، وذلك من خلال إبرة تُثبت تحت الجلد.
زرع الخلايا الجزيرية islet cells، حيث تُؤخَذ خلايا سليمة من بنكرياس لمتبرِّع متوفى حديثاً، وتُزرع في بنكرياس المريض بالسكَّري من النمط الأوَّل.
زرع البنكرياس الكامل.
مضاعفات السكري
يمكن للداء السكَّري أن يُسبِّبَ العديدَ من المضاعفات الصحية في حال عدم معالجته. فقد يؤدِّي ارتفاعُ مستوى الغلوكوز في الدم إلى إلحاق الضرر بالأوعية الدموية والأعصاب والأعضاء المختلفة.
وحتَّى الارتفاع البسيط في مستوى السكَّر في الدم، والذي قد لا يُسبِّب أيّةَ أعراض على المدى القصير، قد يُسبِّب مشاكلَ صحِّية عديدة على المدى الطويل.
التعايش مع داء السكَّري
يحتاج مريضُ السكَّري من النمط الأول إلى الاعتناء بصحته بصورة دقيقة جداً، ومن شأن ذلك أن يُقلِّلَ من مضاعفات المرض، ويُساعد على علاجه.
وتتلخص تلك الرعايةُ باتباع نظام غذائي صحِّي وممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة، والامتناع عن التدخين.
يواجه مرضى السكَّري خطرَ الإصابة باعتلال شبكية العين السكَّري diabetic retinopathy، وهي حالةٌ قد تؤدِّي إلى فقدان البصر في حال عدم علاجها. ولذلك ينبغي على كلِّ مريض سكري يبلغ من العمر 12 سنة أو أكثر أن يُجري فحصاً عينياً مرَّةً واحدة كل سنة على الأقل.
****************