مُتَلاَزِمَةُ إدوارد (تثلُّثُ الصِّبغي 18)
متلازمةُ إِدوَارد Edwards' syndrome،
والمعروفة أيضاً باسم تثلُّثَ الصبغي 18 "Trisomy 18"،
هي حالةٌٌ وراثيَّةٌ خطيرةٌ تنجم عن وجود نسخة إضافيَّة من الصبغي 18 في بعض أو جميع خلايا الجسم.
تحتوي كلُّ خليَّةٍ عادةً على 23 زوجاً من الصبغيَّات التي تحمل الجيناتِ التي يرثها الشخصُ من والديه، ولكنَّ الطفلَ المصاب بمتلازمة إدوارد تكون لديه ثلاثُ نسخ من الصبغي رقم 18 بدلاً من نسختين.
تُعرقلُ هذه الحالةُ النموَّ الطبيعي للجنين، حيث تؤدِّي إلى حدوث الإجهاض أو وفاة الجنين في كثيرٍ من الحالات.
يكون نموُّ الأجنَّة المُصابة بمتلازمة إدوارد بطيئاً في الرحم، كما تكون أوزانُهم منخفضةً عندَ الولادة، إلى جانب وجود عدد من المشاكل الصحيَّة الخطيرة الأخرى. ومن بين الذين يبقون على قيد الحياة حتَّى الولادة، يموت حوالي 50% خلال أسبوعين، ويعيش حوالي 20% منهم فقط ثلاثةَ أشهر على الأقلّ.
بينما قد يعيش حوالي 8% من المواليد المصابين بالمتلازمة لأكثرَ من عام، مع معاناتهم من إعاقات جسديَّة وعقليَّة شديدة. وقد يحيا بعضُ الأطفال حتى السنوات المبكِّرة ما بعد البلوغ، ولكنَّ ذلك نادرٌ جدَّاً.
تُصيب متلازمةُ إدوارد مولوداً واحداً تقريباً من بين 3000-6000 مولود.
الملامح والأعراض
يمكن أن يُعاني الأطفالُ المصابون بمتلازمة إدوارد من مجموعةٍ كبيرةٍ من المشاكل المختلفة.
تتضمَّن العلاماتُ الجسديَّة لمتلازمة إدوارد ما يلي:
صِغَر حجم الرأس، مع وجود شذوذ في شكله.
صِغَر حجم الفك والفم.
الأصابع طويلة ومتراكبة مع الإبهام ناقص التخلُّق مع تَثبُّت قبضة اليد.
انخفاض موضع تمركز الأذنين.
أقدامٌ رَوحاءُ مُقَوَّسَة ناعمة (مع قاعدة مستديرة).
وجود شقّ في الشفَّة والحنك cleft lip and palate (فتحة أو شِق أو فلح في الشفة العليا أو سقف الفم).
فَتقٌ سُرُرِي exomphalos (حيث تُحبَس الأمعاءُ في كيس خارج البطن).
يُعاني الأطفالُ المصابون بمتلازمة إدوارد عموماً من المشاكل الصحيَّة التالية أيضاً:
مشاكل كلويَّة وقلبيَّة.
مشاكل في التغذية، تؤدِّي إلى ضَعف النُّمو.
مشاكل تنفُّسيَّة.
فتق في جدار المعدة (حيث تُدفَعُ الأنسجةُ الدَّاخليَّة عبر موضعٍ ضعيفٍ في الجدار العضلي).
تشوُّهات عظميَّة bone abnormalities، مثل انحناء العمود الفقري curved spine.
تكرُّر عدوى الرئتين والجهاز البولي.
عجز شديد في القدرة على التَّعلُّم.
كيف تحدث الإصابة بمتلازمة إدوارد؟
نادراً ما تُورَّثُ متلازمةُ إدوارد، ولا تنجم هذه الحالةُ عن أمرٍ قام به الأبوان.
تَظهَر ثلاثُ نسخٍ من الصبغي 18 بشكلٍ عشوائي خلال تشكُّل البيوض والنِّطاف عادةً. ويكون هناك خطأٌ في انقسام الخلايا، وينتقل الصبغي الإضافي إلى خليَّة البيضة التي أنتجتها الأمّ أو خليَّة النطفة التي أنتجها الأب.
ومثلما تحدث هذه المشكلةُ بشكلٍ عشوائي، فمن المُستبعَد جدَّاً أن يحدثَ أكثر من حملٍ مُصابٍ بمتلازمة إدوارد عند نفس الأبوين.
تزداد فرصُ إنجاب طفلٍ مصابٍ بمتلازمة إدوارد مع تقدُّم الأم بالعمر.
يوجد شكلٌ نادرٌ من متلازمة إدوارد يُسمَّى تثلُّث الصبغي 18 الجزئي Partial trisomy 18، ويمكن توريثُه أحياناً. وفي هذه الحالات، يكون خطرُ ولادة طفلٍ مُصابٍ بهذه المتلازمة حوالي 25%.
أنواع متلازمة إدوارد
الشكل الكامل
تكون متلازمةُ إدوارد في حوالي 94% من الأطفال المُصابين بها هي من الشكل الكامل، حيث تمتلك كلُّ خليَّةٍ في الجسم ثلاثَ نسخ من الصبغي 18 بدلاً من نسختين. ويموت معظمُ الأطفال المُصابين بهذا النوع من المتلازمة مبكِّراً خلال مرحلة الرَّضَاع.
تثلُّث الصبغي 18 الفسيفسائي أو المُزَيَّق
في حوالي 5% من الأطفال المُصابين بهذا النوع من متلازمة إدوارد، توجد نسخةٌ إضافيَّةٌ من الصبغي 18 في بعض خلايا الجسم فقط. ويُعرَفُ هذا الشكل الأقلّ شِدَّةً من المرض بتثلُّث الصبغي 18 الفسيفسائي أو المُزَيَّق mosaic trisomy 18.
تعتمد شدَّةُ الإصابة بتثلُّث الصبغي 18 الفسيفسائي على نوع وعدد الخلايا المحتوية على الصبغي الإضافي؛ وذلك، قد تكون إصابةُ بعض الأطفال خَفيفةً نسبيَّاً، بينما تكون أكثرَ شدَّةً وإعاقةً عندَ البعض الآخر.
يعيش حوالي 70% من المواليدِ المُصابةِ بتثلُّث الصبغي 18 الفسيفسائي لمدَّة عامٍ على الأقلّ، وقد يحيا الأطفالُ المصابون بهذه الحالة حتى مرحلة ما بعد البلوغ المُبكِّرة في حالاتٍ نادرة.
الفحوصات التي تُشخِّص الإصابة بمتلازمة إدوارد خلال فترة الحمل
تُكشَف متلازمةُ إدوارد خلال فترة الحمل غالباً؛ ولذلك، يختار بعضُ الآباء التخلُّصَ من الحمل بعدَ التأكُّدِ من صحَّة التشخيص، بسبب الطبيعة القاسية لهذه الحالة.
في حوالي 90-95% من الحالات، تظهر الدلائلُ على احتمال إصابة الطفل بمتلازمة إدوارد خلال المراقبة الدوريَّة للجنين بالتصوير بالموجات فوق الصوتيَّة في الأسابيع 18-20 من الحمل.
كما أنَّ اختبارَ الدمِ والفحص المبكِّر بالموجات فوق الصوتيَّة للبحث عن متلازمة إدوارد يمكن أن يُقدِّمَا دليلاً على إصابة الطفل بهذه المتلازمة أيضاً.
يمكن تأكيدُ التشخيص من خلال أخذ عيِّناتٍ من الزُّغابات المشيمائيَّة chorionic villus sampling أو بَزل السَّلَى (السائل الأمنيُوسي) amniocentesis، حيث تُجرى هذه الاختباراتُ الباضِعَة (الجارحة) invasive خلال فترة الحمل للحصول على عيِّنةٍ من النسيج أو السَّائل، والتَّحرِّي عن وجود نسخة إضافيَّة من الصبغي 18.
وقد جرى تطويرُ اختبارٍ حديثٍ أيضاً تُؤخَذُ فيه عيِّنةٌ من دم الأم للتَّحرِّي عن الحمض النووي الوراثي DNA للجنين الموجود فيه. ويُعرَف هذا الاختبارُ باسم "التشخيص السابق للولادة غير الباضِع non-invasive prenatal diagnosis".
المعالجة
ليس هناك علاجٌ شافٍ لمتلازمة إدوارد، كما قد يكون من الصعب تدبيرُ الأعراض. ويُحتَملُ أن يحتاجَ الشخصُ إلى مساعدة مجموعةٍ كبيرةٍ من المهنيين الصحِّيين.
يُركِّز العلاجُ على تدبير المشاكل المُهدِّدة للحياة أوَّلاً، كحالات الإصابة بالعدوى والمشاكل القلبيَّة. وقد يحتاج الطفلُ إلى إطعامه من خلال أنبوب التغذية أيضاً إذا كانت هناك مشكلةٌ في التغذية.
وإذا كانت تشوُّهاتُ الأطراف تؤثِّر في حركات الطفل مع تقدُّمه بالسن، فقد يستفيد من العلاج الداعم، مثل المعالجة الفيزيائيَّة والعلاج المهني.
ووفقاً للمشاكل النوعيَّة التي يُعاني منها الطفل، فقد يحتاج إلى رعايةٍ خاصَّة في المستشفى أو في مراكز الرعاية، أو قد تكون هناك إمكانيَّةٌ لرعايته في المنزل مع الحصول على الدعم الملائم.
نصائح لمُقدِّمي الرعاية
تُعَدُّ رعايةُ الطفل المصاب بمتلازمة إدوارد تحدّياً نفسيّاً وجسديّاً. ويحتاج معظمُ مُقدِّمي الرعاية الصحيَّة إلى الدَّعم الاجتماعي والنفسي.
*************************