رائِحة البدن الكريهة (الصُّنَان)
رائِحةُ البدن الكريهة body odour، أو مثلما تُسمَّى أحياناً الصُّنان (عرقُ الإبط bromhidrosis)، هي رائِحةٌ كريهةٌ تخرجُ من البدن عندَ التعرُّق.
لا يُسبِّبُ العَرَقُ بحدّ ذاته هذه الرَّائِحة، إنَّما يعُود السببُ إلى البكتيريا التي تعيشُ على البشرة وتُفكَِّك العَرَقَ إلى أحماض.
الغُدَد العرقيَّة
يتراوَح عددُ الغُدَد العرقيَّة sweat glands على الجسم البشريّ بين 3 إلى 4 ملايين غُدَّة، وهناك نوعان من هذه الغُدد هُما:
* الغُدَد النَّاتِحة eccrine glands: ينتَشِرُ هذا النَّوعُ من الغُدَدِ في الجلد، وهي تعملُ على تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال تبريدِ البشرة بالعَرَق عندما يشعر الشخصُ بالحرارة.
* الغُدَد المُفتَرَزة apocrine glands: يُوجد هذا النَّوعُ من الغُدد في المناطق التي ينمو فيها الشَّعرُ على الجسم، مثل الإبطين والأعضاء التناسليَّة، وهي تنضجُ في أثناء البلوغ وتُفرِزُ موادّ كيميائيَّة عطِرة تُسمَّى فيرومونات pheromones.
يكون العَرقُ الذي تُفرِزهُ الغُدَد النَّاتِحة بلا رائِحةٍ عادةً، ولكن يُمكن أن تفوحَ منه رائِحة إذا بدأت البكتيريا بتفكِيكه.
كما يُمكن أيضاً أن يُؤدِّي استِهلاكُ أنواع مُعيَّنة من الطعام والشراب، مثل الثُّوم والتوابِل والكُحول وبعض أنواع الأدوِية كمُضادَّات الاكتِئاب، إلى يُصبِح العرَقُ كريهَ الرَّائِحةِ.
ولكن، تُعدُّ الغُدَدُ المُفترزة السببَ الرئيسيّ لرائِحة البدَن، لأنَّ العرَقَ الذي تُفرِزهُ يحتوي على مُستوياتٍ مُرتفِعةٍ من البروتين، الأمر الذي يُسهِّلُ على البكتيريا تفكِيكه.
يميلُ الأشخاصُ الذين يتعرَّقون بشكلٍ مُفرِط من الغُدَد المُفترزة، أو لديهم الكثير من البكتيريا على الجلد، إلى أن تكونَ رائحة أبدانهم كريهةً.
ما هي شريحة البشر الذين لديهم رائِحة كريهة للبدن؟
يُمكن أن تُصبِحَ رائِحةُ البدن كريهةً عند أي شخصٍ وصل إلى مرحلة البلوغ، ويُعدُّ الرِّجالُ أكثرَ عرضةً لهذا الأمر لأنَّهم يتعرَّقون أكثر من النِّساء عادةً.
تنطوي الأشياءُ التي يُمكنها أن تُفاقِمَ من رائِحة البدن على:
* الوزن الزائِد للبدن.
* تناوُل أطعِمةٍ غنيَّةٍ بالتوابِل.
* بعض المشاكِل الصحيَّة، مثل السكَّري.
تدبير رائِحة البدن الكريهة
من أفضل الطُرق لتجنُّب رائِحة البدن الكريهة هي الحِفاظُ على نظافة أجزاء البدن التي تكون عرضةً للتعرُّق، وضمان عدم تجمُّع البكتيريا عليها.
يجب استِخدامُ الصابُون يوميَّاً مع التركيز على نظافة المناطِق التي تُفرِزُ الكثيرَ من العرَق، مثل الإبطين والمناطق التناسليَّة والقدمين، فالغسلُ يُزيلُ العرَق، ويُقلِّلُ من عدد البكتيريا أو الجراثيم على البشرة؛ كما يُساعِد تغييرُ الملابِس بشكلٍ مُنتظَم على الوِقاية من رائِحة البدن الكريهة أيضاً، وكذلك الأمرُ بالنسبةِ إلى استِخدام مُضادَّات التعرُّق antiperspirants يوميَّاً، فهي تعمَلُ على التقليلِ من كميَّة العرَق التي يُفرِزها البدن، بينما تحتوي مُزِيلاتُ الرَّائِحة deodorants على عُطور تُغطِّي على رائِحة العرَق.
تُساعِدُ حِلاقةُ شعر الإبطين بشكلٍ مُنتظَم على التقليلِ من رائِحة البدن الكريهة، حيث يعلَق العرَقُ والرَّائِحة في الشَّعر، ممَّا يُؤدِّي إلى بيئةٍ مِثاليَّةٍ لتكاثُر البكتيريا.
ربَّما تحتاجُ الحالاتُ الشَّديدة من رائِحة البدن الكريهة إلى الجراحة أو المُعالجة بِذيفان السُّجقيَّة أو الوشيقِيَّة botulinum toxin.
بشكلٍ عام، يُمكن أن يُؤدِّي التعرُّقُ المُفرِط ورائحة البدن الكريهة إلى التأثير بشكلٍ سلبيٍّ في ثِقة الإنسان بنفسِه.
يُمكن تدبيرُ رائِحة البدن الكريهة عادةً عن طريق التخلُّص من البكتيريا الزَّائِدة على الجلد، وهي المسؤولةُ عن الرَّائِحة، والحِفاظ على نظافةِ وجفافِ المناطق التي تصدر عنها الرَّائِحة، خصوصاً الإبطين.
تنطوي طُرقُ مُعالجة رائِحة البدن الكريهة على التالي:
نصائِح العِناية بالجسم
يحتوي الإِبِطان على عددٍ كبيرٍ من الغُدَد المُفترَزة التي تصدر عنها رائِحةُ البدن الكريهة، ولذلك يُؤدِّي الحِفاظُ على نظافتهما وخلوّهما من البكتيريا إلى التقليل من رائحة البدن الكريهة، ويُمكن فعلُ هذا من خلال اتِّباع النصائِح التالية:
* الاستِحمامُ بالماء الدَّافئ يوميَّاً للقضاء على البكتيريا الموجودة على البشرة. وفي الأيَّام الحارَّة، قد يحتاج الأمرُ إلى الاستِحمام مرَّتين في اليوم.
* غسل الإبطينِ بالكامِل باستِخدام أنواع من الصابُون المُضادّ للبكتيريا.
* استِخدام مُزيلات الرَّائِحة أو مُضادَّات التعرُّق بعدَ الاستِحمام.
* حِلاقة الإبطين بشكلٍ مُنتظَمٍ، ممَّا يُساعِد على تبخُّر العرق بسرعة ويحرِمُ البكتيريا من الوقت الذي تحتاج إليه حتى تُفكِّك العرَق.
* ارتِداء ملابس مصنوعة من الألياف الطبيعيَّة، مثل الصوف والحرير أو القطن، فهي تُساعِد الجلدَ على التنفُّس وتُسرِّعُ من تبخُّر العرق.
* ارتِداء ملابِس نظيفة وغسل الملابس بشكلٍ مُنتظَمٍ.
* التقليل من كميَّة الطعام الذي يحتوي على التوابِل، مثل الكاري أو الثَّوم، فهذه الموادّ يُمكن أن تجعلَ العرَق يُصدِرُ رائِحةً، كما تُشيرُ الأدلَّةُ أيضاً إلى أنَّ تناوُلَ الكثير من اللحم الأحمر يُفاقِمُ من رائِحة البدن الكريهة.
مُزيلات الرَّائِحة ومُضادَّات التعرُّق
تختلِفُ المُكوِّناتُ الفعَّالة المُستخدَمة في مُضادَّات التعرُّق ومُزيلات الرائِحة، ولهذا السبب قد نجِدُ أنَّ بعضَها أكثرُ فعَّاليةً من البعض الآخر.
تحتوي مُزيلاتُ الرَّائِحة على مادَّة عطِرة تُغطِّي رائِحة التعرُّق، بينما تحتوي مُضادَّاتُ التعرُّق على كلُوريد الألمنيوم aluminium chloride الذي يُقلِّلُ من كميَّة العرَق التي يفرِزها البدن.
من الأفضل استخدامُ مُضادَّات التعرُّق التي تحتوي على نِهاية كُرويَّة يُمكن تمريرها على البشرة، فهي فعَّالةٌ أكثر إذا كان الإنسان يتعرَّق بغزارة.
كلُوريد الألمنيوم
كلُوريد الألمنيوم هو المُكوِّنُ الفعَّال في مُعظم مُضادَّات التعرُّق، وهو يساعِدُ على الحدِّ من إنتاج العرَق.
إذا لم تُساعِد طُرقُ العِناية بالبدن التي ذكرناها سابِقاً على تحسين رائِحة البدن الكريهة، قد يحتاجُ الأمرُ إلى مُضادَّاتٍ للتعرُّق أقوى تحتوي على المزيدِ من كلُوريد الألمنيوم.
تُستخدَم محاليلُ كلوريد الألمنيوم كل ليلة عادةً، أي قبل موعد النَّوم، وتُزال عن طريق الاستحمام في الصباح، وهي تُساعد على عدم التعرُّق في أثناء النَّوم، لأنَّ المحلولَ يتسرَّب إلى الغُدَد العرَقيَّة ويكبح عملَها، ممَّا يُقلِّلُ من كميَّة التعرُّق في اليوم التالي.
عندما يبدأ مفعولُ المحلول الذي يحتوي على كلوريد الألمنيوم، يُمكن استِخدامُه لعددٍ أقلّ من المرَّات، أي مرَّة واحِدة كلَّ ليلتين أو مرَّة واحِدة أو مرَّتين في الأسبُوع.
الجراحَة
عندما تكون رائِحةُ البدن الكريهة شديدةً إلى درجةٍ لا يُمكن عِلاجُها من خلال تدابير العِناية الذَّاتية أو باستِخدام المُستحضرات التي تُباع من دون وصفةٍ طبيَّةٍ، قد يحتاج الأمرُ إلى الجراحة.
ينطوي نوعٌ من الجراحة على استِئصالِ منطقةٍ صغيرةٍ من البشرة في الإبط والنسيج تحتها، ممَّا يُساعِدُ على التخلُّص من مُعظم الغُدد العرقيَّة التي تُسبِّبُ المشاكل.
كما يُمكِنُ أيضاً شفطُ الغُدَد العرَقيَّة من الطبقة العميقة للجلد من خلال طريقة تُسمَّى شفط الدُّهون liposuction، وهي تُستخدَم عادةً للتخلُّص من دُهون البدنِ غير المرغُوب فيها.
هناك نوعٌ آخر من الجراحة تُسمَّى قطعُ الودِّي الصدريّ بالتنظير endoscopic thoracic sympathectomy، للقضاء على الأعصاب التي تتحكَّم بالتعرُّق.
في أثناء هذه الجراحة، يقوم الجرَّاحُ بإحداث شقِّين أو ثلاثة شُقوقٍ صغيرةٍ تحت كل ذِراع، ثُمَّ يُدخِل المنظارَ عبر واحِدٍ من هذه الشُّقوق لكشف داخل الإبط على شاشةٍ. وبعدَ ذلك، يُدخِلُ الجرَّاح أدوات جراحيَّة صغيرة عبر الشقَّين الآخرين حتى يقطع الأعصاب، أو يستخدِم قُطباً دقيقاً يُصدِرُ تياراً كهربائيَّاً للقضاء على الأعصاب.
تنطوي الأخطارُ التي تترافقُ مع جراحة قطع الودِّي الصدريّ بالتنظير على تعرُّض الشرايين أو الأعصاب القريبة إلى الضرر، والتعرُّق المعاوِض compensatory sweating (زِيادة التعرُّق من مناطق أخرى من البدَن).
ذيفان السُّجقيَّة أو الوشيقِيَّة botulinum toxin
ذِيفانُ السَّجقيَّة أو الوشيقيَّة هُو البوتكس botox، وهو طريقةٌ أخرى مُحتَملة لعلاج الأشخاص الذين يُعانُون من فرط التعرُّق في الإبط؛ وهُو سمّ شديد يُمكن استِخدامُه بأمانٍ في جُرعات صغيرةٍ، حيث يُحقن بعددٍ يتراوح بين 12 إلى 20 حُقنة في المنطقة المُصابة من البدن، مثل الإبطين أو اليدين أو القدمين أو الوجه.
يعمل البوتوكس على كبحِ الإشاراتِ من الدِّماغ إلى الغُدد العرَقيَّة، ممَّا يُقلِّلُ من كميَّة العرق التي تُفرِزها. يحتاجُ هذا الإجراءُ إلى مدَّةٍ تتراوَح بين 30 إلى 45 دقيقةً، ويستمرّ مفعولُ البوتوكس عادةً إلى مدَّة تتراوَح بين 2 إلى 8 أشهُر، وبعدها يحتاج الشخصُ إلى المزيد من المُعالجة.
رائِحةُ البدَن الكريهة والمشاكل الصحيَّة
يُمكن لبعض المشاكل الصحيَّة أن تُؤدِّي إلى تُصبِحَ رائِحةُ عرَق الإنسان مُختلِفةً؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن لرائحة الفاكِهة fruity smell أن تُشيرُ إلى مرض السكَّري أحياناً، بينما قد تُشير الرائِحةُ الشبيهة بموادّ التنظيف (الواخِزة) bleach-like إلى مرض الكبِد أو الكُلى.
*******************