عدد المساهمات : 10023 نقاط : 26544 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2015
موضوع: دورُ الطبِّ التكميلي والبديل في علاج الألم المزمن الإثنين مارس 13, 2017 8:15 pm
دورُ الطبِّ التكميلي والبديل
الألمُ هو أحد أكثر الحالات شيوعاً التي يلجأ فيها البالغون إلى معالجات الطبِّ التكميلي والبديل؛ فبما أنَّ الألمَ المزمن أو المستمر لفترة طويلة قد لا يستجيب لعدَّة معالجات طبِّية تقليدية، وقد يسبِّب مشاكل خطيرة أيضاً، لذلك يبحث المصابون بالألم المزمن عادةً عن معالجات الطب التكميلي والبديل للتخلُّص منه.
ماذا عن الألم المزمن؟
يعاني الملايين الناس من ألمٍ مزمن شديد لا يمكن التحكُّم به بسهولة. وتخسر بعض الشركات أموالاً طائلة بسبب آلام المفاصل، ومشاكل الظهر، وآلام العضلات والعظام، والصداع، وذلك لتأثُّر إنتاجية العامل المصاب بهذه الآلام. يُعرَّف الألمُ المزمن عادةً بأنَّه ألمٌ يستمرُّ لأكثر من 12 أسبوعاً. وفي حين أنَّ الألمَ الحاد يُعدُّ إحساسا طبيعياً، إلاَّ أنَّ الألمَ المزمن يختلف كثيراً عنه؛ فالألمُ المزمن يستمرُّ لعدَّة أشهر عادة أو قد يصل لأكثر من ذلك. قد يكون الألمُ المزمن ناجماً عن إصابة أوَّلية، مثل التواء أو إجهاد الظهر، أو عن سببٍ مستمر مثل المرض، أو قد لا يكون له سببٌ واضح. كما قد يرتبط الألمُ المزمن بمشاكل صحِّية أخرى، مثل الإرهاق واضطراب النوم وتغيُّرات المزاج وصعوبات الحركة. تتضمَّن الحالاتُ الشائعة للألم المزمن: آلام أسفل الظهر، والصداع، وآلام التهاب المفاصل، وآلام تلف الأعصاب (اعتلال الأعصاب المرافق لمرض السكَّري)، وآلام السرطان، والحالات المرضية الأخرى مثل متلازمة الألم العضلي اللِّيفي التي يكون الألمُ فيها عرضاً أساسياً من أعراض المرض. وقد يُصابُ المريضُ في ذات الوقت بنوعين أو أكثر من الآلام المزمنة، كما في متلازمة التعب المزمن، ومرض البطانة المهاجرة (انتباذ بطانة الرَّحِم)، ومتلازمة الألم العضلي اللِّيفي، والتهاب المثانة الخلالي (متلازمة آلام المثانة)، ومتلازمة القولون المتهيِّج، والخلل الوظيفي للمفصل الصُّدغي الفكِّي، ومرض اعتلال الفرج (آلام الفرج المزمنة). ولا يُعرَف حتَّى الآن ما إذا كانت هذه الاضطراباتُ يجمعها سببٌ معيَّن أم لا. يَستخدِم من يعاني من هذه الآلام المزمنة أنواعاً مختلفة من الأدوية التي تُصرَف بوصفة طبِّية أو من دون وصفة طبِّية، ولا تخفِّف هذه الأدويةُ الألمَ تخفيفاً معقولاً عادة، ولها آثارٌ سلبية غير مرغوب بها. كما يستخدم هؤلاء المرضى طرقاً أخرى أيضاً للسيطرة على الألم، مثل المعالجة المعرفيَّة السلوكية (التي تركِّز على دور نمط التفكير) والعلاج الطبيعي (الفيزيائي) والتمارين ومعالجات الطبِّ التكميلي والبديل.
استخدامُ الطبِّ التكميلي والبديل في الآلام المزمنة
في استقصاءٍ أمريكي صحِّي معتمد على مقابلة المرضى أُجرِي في عام 2007، كان ألمُ الظهر في أعلى القائمة كأكثر الأسباب شيوعاً للجوء إلى الطبِّ التكميلي والبديل، ويليه آلامُ الرقبة وآلام المفاصل أو تيبُّس المفاصل والتهاب المفاصل. واحتلَّت آلامُ العضلات والعظام والصداع الشديد أيضاً أعلى قائمة عشرة أسباب للآلام المزمنة. ويستخدم المرضى، الذين يبحثون عن طريقة للتخلُّص من آلامهم المزمنة، أنواعاً مختلفة من معالجات الطبِّ التكميلي والبديل، ومنها المكمِّلاتُ الغذائية مثل الغلوكوزامين glucosamine والكوندرويتين chondroitin، وأنواع مختلفة من الأعشاب، وطرق علاج الجسم والعقل، مثل المعالجة بالوخز الإبري، والعلاج بالتخيُّل الموجَّه، والتنويم المغناطيسي، والتدليك، والتأمُّل، والعلاج بالاسترخاء، والمعالجة اليدوية للعمود الفقري، ومعالجة التاي تشي، واليُوغا.
ما رأي العلم في معالجات الطبِّ التكميلي والبديل للآلام المزمنة؟
رغمَ الانتشار العالمي لاستخدام معالجات الطبِّ التكميلي والبديل في معالجة الآلام المزمنة، إلاَّ أنَّ الأدلَّةَ العلمية على فعَّاليتها في الحالات التي تُستخدَم فيها لا تزال محدودة. وإذا كانت هذه المعالجات فعَّالة، فلا تزال الأدلَّةُ العلمية على كيفية عملها محدودة أيضاً بشكل عام. حول الأدلَّة العلمية على معالجات الطب التكميلي والبديل تتضمَّن الأدلَّةُ العلمية على معالجات الطبِّ التكميلي والبديل نتائجَ دراسات من أبحاث المختبرات (مثل الدراسات المجراة على الحيوانات)، وكذلك التجارب السريرية (الدراسات المجراة على البشر). وتشمل كلاًّ من النتائج "الإيجابية" (دليل على أنَّ المعالجة قد تكون فعَّالة) والنتائج "السلبية" (دليل على أنَّ المعالجة غير فعَّالة أو غير آمنة). وهنا، نسلِّط الضوءَ على حالة الأبحاث في بعض المعالجات المستخدَمة للأنواع الشائعة من الألم.
ألم أسفل الظهر: وجدت الأبحاثُ العلمية أدلَّةً علميةً على أنَّ استخدامَ المعالجة بالوخز الإبري، والتدليك، والمعالجة اليدوية للعمود الفقري لآلام أسفل الظهر المزمنة، قد يكون مفيداً. وقد أوصت إرشادات الممارسات السريرية التي أصدرتها الكليةُ الأمريكية للأطبَّاءو جمعية الألم الخيرية، في عام 2007، بهذه المعالجات وبخمس طرق أخرى علاجية بلا أدوية لمعالجة المرضى المصابين بآلام الظهر، ممَّن لم تخفَّ آلامُهم بالأدوية والتثقيف والعناية الذاتية (والطرق الأخرى الموصى بها هي: العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج بالتمارين، والاسترخاء المتزايد، وإعادة التأهيل المكثَّف المتعدِّد الاختصاصات، واليُوغا). أمَّا المراجعاتُ لبحوث المعالجات الأخرى في الطبِّ التكميلي والبديل، والتي يستخدمها الناس أحياناً للتخفيف من آلام أسفل الظهر، مثل المعالجات العشبية المختلفة وإبر المعالجة المجدِّدة بالحُقَن prolotherapy، فقد وجدت أدلَّةً علمية محدودة، أو لم تجد أيَّ دليل يدعم استخدامها لهذا الغرض، أو كانت الأدلَّةُ متفاوتة.
التهاب المفاصل: من الطرق المستخدَمة في الطبِّ التكميلي والبديل، التي دُرست كفاءتها في التخفيف من آلام خشونة العظام (التهاب العظم المفصلي)، المعالجةُ بالوخز الإبري والغلوكوزامين أو الكوندرويتين، والمعالجات العشبية، والحمَّامات المعدنية (العلاج بالمياه المعدنية) والتاي تشي. وقد دُرسِت عدَّةُ من هذه المعالجة في التهاب المفاصل الروماتويدي. ورغم أنَّ نتائجَ بعض الدراسات في مجال معالجات الطبِّ التكميلي والبديل في علاج التهاب المفاصل واعدة بصفة عامة، إلاَّ أنَّ الأدلَّةَ العلمية محدودة أو متفاوتة. وخلصت مراجعةٌ علمية منهجية لاستخدام الوخز بالإبر لمعالجة خشونة العظام (التهاب العظم المفصلي) إلى أنَّ المعالجةَ بالإبر قد تخفِّف الألم تخفيفاً طفيفاً، وتحسِّن من أداء المفاصل تحسُّناً بسيطاً. لكن وجد الباحثون في دراسة سريرية كبيرة، تُسمَّى بتجربة التدخُّل في التهاب المفاصل بالغلوكوزامين والكوندرويتين GAIT، أنَّ المكمِّلين الغذائيين الشائعين: الغلوكوزامين وكبريتات الكوندرويتين، وحدهما أو معاً، لم يخفِّفا من آلام خشونة الركبة (التهاب العظم المفصلي) تخفيفاً كبيراً لدى كلِّ المشاركين في الدراسة، إلاَّ أنَّ هذين المركَّبين قد ساعدا مجموعة كانت تعاني من آلام متوسِّطة الشدَّة إلى شديدة.وقد وجدت المراجعاتُ أدلَّةً علمية على أنَّ حمضَ الغاما لينولينيك GLA (المستخلَص من زهرة الربيع المسائية، وبعض زيوت نباتات أخرى) قد يخفِّف من آلام التهاب المفاصل الروماتويدي، إلاَّ أنَّ استخدامَ هذا المكمِّل الغذائي يحتاج إلى المزيد من الدراسات. ولاحظ الباحثون أيضاً أدلَّةً علميَّة على أنَّ المكمِّلات الغذائية المعروفة بالمركَّبات غير القابلة للتصبُّن المأخوذة من الأفكادو وفول الصويا ASUs، وكذلك نَبات مخلب الشيطان، قد تخفِّف من آلام خشونة العظام (التهاب العظم المفصلي).
الصُّداع: استنتجت المراجعاتُ العلمية على أبحاث المعالجة بوخز الإبر، لتقليل نوبات الصُّداع النصفي (الشقيقة) وصُداع التوتُّر وشدَّتهما، أنَّ المرضى قد يستفيدون من المعالجة بوخز الإبر. وقد وجدت إحدى المراجعات دليلاً علمياً على أنَّ المعالجةَ اليدوية للعمود الفقري قد تخفِّف من آلام صُداع التوتُّر أو الصداع المرتبط بالرقبة. كما أشارت بعضُ الدراسات إلى أنَّ عشبةَ الأَقحوان feverfew قد تمنع نوبات الصُّداع النصفي (الشقيقة)، لكنَّ نتائج التجارب السريرية متفاوتة، وتحتاج إلى المزيد من الدراسات في هذا المجال.
آلام الرقبة: وجدت المراجعاتُ على بحوث العلاج الطبيعي (المعالجة اليدوية بشكل رئيسي أو العلاج بالتحريك) والمعالجة بوخز الإبر، لعلاج آلام الرقبة المزمنة، أنَّ الأدلَّةَ العلمية متفاوتة في مدى الفائدة المرجوَّة من هذه المعالجات، وقد أكَّدت على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث. وأشارت إحدى المراجعات إلى أنَّ الإرشادات السريرية تحبِّذ معالجةَ آلام الرقبة بالعلاج الطبيعي عادةً، إلاَّ أنَّ العلماءَ لم يجمعوا على هذا الرأي.
الأنواع الأخرى من الألم: دُرِسَت مختلفُ الطرق العلاج بالطبِّ التكميلي والبديل لمعالجة أنواع الألم المزمنة الأخرى، مثل آلام الوجه، وتتضمَّن اضطراب المفصل الصدغي الفكي (الفك)، وآلام الأعصاب المرتبطة بمرض السكَّري وأمراض أخرى، وآلام السرطان، والآلام التي يعاني منها مرضى متلازمة الألم العضلي اللِّيفي؛ فعلى سبيل المثال، وجدت دراسةٌ صغيرة أنَّ مرضى متلازمة الألم العضلي اللِّيفي قد يستفيدون من ممارسة التاي تشي. وبصفة عامَّة، وجدت مراجعاتُ البحوث بعضَ الأدلَّة العلمية الواعدة على كفاءة بعض معالجات الطبِّ التكميلي والبديل، لكن نؤكِّد دائماً على الحاجة إلى المزيد من الأبحاث قبل التوصية باستخدامها.
طرق معالجات أخرى للطبِّ التكميلي والبديل: يلجأ المرضى الذين يُعانون من مختلف أنواع الألم المزمنة إلى معالجات الطب التكميلي والبديل عادة، مثل التنويم المغناطيسي أو التدليك أو تمارين التشي جونج qi gong. ومرَّةً أخرى، وجد مراجعو البحوث أنَّ لهذه المعالجات بعض الأدلَّة العلمية على فعَّاليتها، لكن نبَّهوا إلى الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات في هذا المجال. ورغم أنَّ العلاجَ بالمغناطيس يُسوَّق تسويقاً كبيراً للسيطرة على الألم، استخلصت مراجعةٌ على البحوث المجراة عليه أنَّه لا يوجد دليلٌ علمي يدعم هذا النوعَ من المعالجات.