لن تجعلوا من شعبنا |
شعبَ هنودٍ حُمرْ.. |
فنحنُ باقونَ هنا.. |
في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها |
إسوارةً من زهرْ |
فهذهِ بلادُنا.. |
فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمرْ |
فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعرْ |
مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها |
مثلَ حشيشِ البحرْ.. |
مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها |
في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها |
في قمحِها المُصفرّْ |
مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها |
باقونَ في آذارها |
باقونَ في نيسانِها |
باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها |
باقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها.. |
وفي الوصايا العشرْ.. |
2 |
لا تسكروا بالنصرْ… |
إذا قتلتُم خالداً.. فسوفَ يأتي عمرْو |
وإن سحقتُم وردةً.. |
فسوفَ يبقى العِطرْ |
3 |
لأنَّ موسى قُطّعتْ يداهْ.. |
ولم يعُدْ يتقنُ فنَّ السحرْ.. |
لأنَّ موسى كُسرتْ عصاهْ |
ولم يعُدْ بوسعهِ شقَّ مياهِ البحرْ |
لأنكمْ لستمْ كأمريكا.. ولسنا كالهنودِ الحمرْ |
فسوفَ تهلكونَ عن آخركمْ |
فوقَ صحاري مصرْ… |
4 |
المسجدُ الأقصى شهيدٌ جديدْ |
نُضيفهُ إلى الحسابِ العتيقْ |
وليستِ النارُ، وليسَ الحريقْ |
سوى قناديلٍ تضيءُ الطريقْ |
5 |
من قصبِ الغاباتْ |
نخرجُ كالجنِّ لكمْ.. من قصبِ الغاباتْ |
من رُزمِ البريدِ، من مقاعدِ الباصاتْ |
من عُلبِ الدخانِ، من صفائحِ البنزينِ، من شواهدِ الأمواتْ |
من الطباشيرِ، من الألواحِ، من ضفائرِ البناتْ |
من خشبِ الصُّلبانِ، ومن أوعيةِ البخّورِ، من أغطيةِ الصلاةْ |
من ورقِ المصحفِ نأتيكمْ |
من السطورِ والآياتْ… |
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ، وفي الماءِ، وفي النباتْ |
ونحنُ معجونونَ بالألوانِ والأصواتْ.. |
لن تُفلتوا.. لن تُفلتوا.. |
فكلُّ بيتٍ فيهِ بندقيهْ |
من ضفّةِ النيلِ إلى الفراتْ |
6 |
لن تستريحوا معنا.. |
كلُّ قتيلٍ عندنا |
يموتُ آلافاً من المراتْ… |
7 |
إنتبهوا.. إنتبهوا… |
أعمدةُ النورِ لها أظافرْ |
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ |
والموتُ في انتظاركم في كلِّ وجهٍ عابرٍ… |
أو لفتةٍ.. أو خصرْ |
الموتُ مخبوءٌ لكم.. في مشطِ كلِّ امرأةٍ.. |
وخصلةٍ من شعرْ.. |
8 |
يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ |
عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْ.. |
إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا |
فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْ |
والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا |
فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْ |
هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْ |
قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْ |
9 |
ننصحُكم أن تقرأوا ما جاءَ في الزّبورْ |
ننصحُكم أن تحملوا توراتَكم |
وتتبعوا نبيَّكم للطورْ.. |
فما لكم خبزٌ هنا.. ولا لكم حضورْ |
من بابِ كلِّ جامعٍ.. |
من خلفِ كلِّ منبرٍ مكسورْ |
سيخرجُ الحجّاجُ ذاتَ ليلةٍ.. ويخرجُ المنصورْ |
10 |
إنتظرونا دائماً.. |
في كلِّ ما لا يُنتظَرْ |
فنحنُ في كلِّ المطاراتِ، وفي كلِّ بطاقاتِ السفرْ |
نطلعُ في روما، وفي زوريخَ، من تحتِ الحجرْ |
نطلعُ من خلفِ التماثيلِ وأحواضِ الزَّهرْ.. |
رجالُنا يأتونَ دونَ موعدٍ |
في غضبِ الرعدِ، وزخاتِ المطرْ |
يأتونَ في عباءةِ الرسولِ، أو سيفِ عُمرْ.. |
نساؤنا.. يرسمنَ أحزانَ فلسطينَ على دمعِ الشجرْ |
يقبرنَ أطفالَ فلسطينَ، بوجدانِ البشرْ |
يحملنَ أحجارَ فلسطينَ إلى أرضِ القمرْ.. |
11 |
لقد سرقتمْ وطناً.. |
فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ |
صادرتُمُ الألوفَ من بيوتنا |
وبعتمُ الألوفَ من أطفالنا |
فصفّقَ العالمُ للسماسرهْ.. |
سرقتُمُ الزيتَ من الكنائسِ |
سرقتمُ المسيحَ من بيتهِ في الناصرهْ |
فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ |
وتنصبونَ مأتماً.. |
إذا خطفنا طائرهْ |
12 |
تذكروا.. تذكروا دائماً |
بأنَّ أمريكا – على شأنها – |
ليستْ هيَ اللهَ العزيزَ القديرْ |
وأن أمريكا – على بأسها – |
لن تمنعَ الطيورَ أن تطيرْ |
قد تقتلُ الكبيرَ.. بارودةٌ |
صغيرةٌ.. في يدِ طفلٍ صغيرْ |
13 |
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ |
لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ |
طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ |
ونحنُ باقونَ على صدوركمْ.. |
كالنقشِ في الرخامْ.. |
باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ |
باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ |
باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ |
باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ |
باقونَ في شعر امرئ القيس.. |
وفي شعر أبي تمّامْ.. |
باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ |
باقونَ في مخارجِ الكلامْ.. |
14 |
موعدُنا حينَ يجيءُ المغيبْ |
موعدُنا القادمُ في تل أبيبْ |
"نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبْ" |
15 |
ليسَ حزيرانُ سوى يومٍ من الزمانْ |
وأجملُ الورودِ ما ينبتُ في حديقةِ الأحزانْ.. |
16 |
للحزنِ أولادٌ سيكبرونْ.. |
للوجعِ الطويلِ أولادٌ سيكبرونْ |
للأرضِ، للحاراتِ، للأبوابِ، أولادٌ سيكبرونْ |
وهؤلاءِ كلّهمْ.. |
تجمّعوا منذُ ثلاثينَ سنهْ |
في غُرفِ التحقيقِ، في مراكزِ البوليسِ، في السجونْ |
تجمّعوا كالدمعِ في العيونْ |
وهؤلاءِ كلّهم.. |
في أيِّ.. أيِّ لحظةٍ |
من كلِّ أبوابِ فلسطينَ سيدخلونْ.. |
17 |
..وجاءَ في كتابهِ تعالى: |
بأنكم من مصرَ تخرجونْ |
وأنكمْ في تيهها، سوفَ تجوعونَ، وتعطشونْ |
وأنكم ستعبدونَ العجلَ دونَ ربّكمْ |
وأنكم بنعمةِ الله عليكم سوفَ تكفرونْ |
وفي المناشير التي يحملُها رجالُنا |
زِدنا على ما قالهُ تعالى: |
سطرينِ آخرينْ: |
ومن ذُرى الجولانِ تخرجونْ |
وضفّةِ الأردنِّ تخرجونْ |
بقوّةِ السلاحِ تخرجونْ.. |
18 |
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ |
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ |
ونحنُ باقونَ هنا، حدائقاً، وعطرَ برتقالْ |
باقونَ فيما رسمَ اللهُ على دفاترِ الجبالْ |
باقونَ في معاصرِ الزيتِ.. وفي الأنوالْ |
في المدِّ.. في الجزرِ.. وفي الشروقِ والزوالْ |
باقونَ في مراكبِ الصيدِ، وفي الأصدافِ، والرمالْ |
باقونَ في قصائدِ الحبِّ، وفي قصائدِ النضالْ |
باقونَ في الشعرِ، وفي الأزجالْ |
باقونَ في عطرِ المناديلِ.. |
في (الدَّبكةِ) و (الموَّالْ).. |
في القصصِ الشعبيِّ، والأمثالْ |
باقونَ في الكوفيّةِ البيضاءِ، والعقالْ |
باقونَ في مروءةِ الخيلِ، وفي مروءةِ الخيَّالْ |
باقونَ في (المهباجِ) والبُنِّ، وفي تحيةِ الرجالِ للرجالْ |
باقونَ في معاطفِ الجنودِ، في الجراحِ، في السُّعالْ |
باقونَ في سنابلِ القمحِ، وفي نسائمِ الشمالْ |
باقونَ في الصليبْ.. |
باقونَ في الهلالْ.. |
في ثورةِ الطلابِ، باقونَ، وفي معاولِ العمّالْ |
باقونَ في خواتمِ الخطبةِ، في أسِرَّةِ الأطفالْ |
باقونَ في الدموعْ.. |
باقونَ في الآمالْ |
19 |
تسعونَ مليوناً من الأعرابِ خلفَ الأفقِ غاضبونْ |
با ويلكمْ من ثأرهمْ.. |
يومَ من القمقمِ يطلعونْ.. |
20 |
لأنَّ هارونَ الرشيدَ ماتَ من زمانْ |
ولم يعدْ في القصرِ غلمانٌ، ولا خصيانْ |
لأنّنا مَن قتلناهُ، وأطعمناهُ للحيتانْ |
لأنَّ هارونَ الرشيدَ لم يعُدْ إنسانْ |
لأنَّهُ في تحتهِ الوثيرِ لا يعرفُ ما القدسَ.. وما بيسانْ |
فقد قطعنا رأسهُ، أمسُ، وعلّقناهُ في بيسانْ |
لأنَّ هارونَ الرشيدَ أرنبٌ جبانْ |
فقد جعلنا قصرهُ قيادةَ الأركانْ.. |
21 |
ظلَّ الفلسطينيُّ أعواماً على الأبوابْ.. |
يشحذُ خبزَ العدلِ من موائدِ الذئابْ |
ويشتكي عذابهُ للخالقِ التوَّابْ |
وعندما.. أخرجَ من إسطبلهِ حصاناً |
وزيَّتَ البارودةَ الملقاةَ في السردابْ |
أصبحَ في مقدورهِ أن يبدأَ الحسابْ.. |
22 |
نحنُ الذينَ نرسمُ الخريطهْ |
ونرسمُ السفوحَ والهضابْ.. |
نحنُ الذينَ نبدأُ المحاكمهْ |
ونفرضُ الثوابَ والعقابْ.. |
23 |
العربُ الذين كانوا عندكم مصدّري أحلامْ |
تحوّلوا بعدَ حزيرانَ إلى حقلٍ من الألغامْ |
وانتقلت (هانوي) من مكانها.. |
وانتقلتْ فيتنامْ.. |
24 |
حدائقُ التاريخِ دوماً تزهرُ.. |
ففي ذُرى الأوراسِ قد ماجَ الشقيقُ الأحمرُ.. |
وفي صحاري ليبيا.. أورقَ غصنٌ أخضرُ.. |
والعربُ الذين قلتُم عنهمُ: تحجّروا |
تغيّروا.. |
تغيّروا |
25 |
أنا الفلسطينيُّ بعد رحلةِ الضياعِ والسّرابْ |
أطلعُ كالعشبِ من الخرابْ |
أضيءُ كالبرقِ على وجوهكمْ |
أهطلُ كالسحابْ |
أطلعُ كلَّ ليلةٍ.. |
من فسحةِ الدارِ، ومن مقابضِ الأبوابْ |
من ورقِ التوتِ، ومن شجيرةِ اللبلابْ |
من بركةِ الدارِ، ومن ثرثرةِ المزرابْ |
أطلعُ من صوتِ أبي.. |
من وجهِ أمي الطيبِ الجذّابْ |
أطلعُ من كلِّ العيونِ السودِ والأهدابْ |
ومن شبابيكِ الحبيباتِ، ومن رسائلِ الأحبابْ |
أفتحُ بابَ منزلي. |
أدخلهُ. من غيرِ أن أنتظرَ الجوابْ |
لأنني أنا.. السؤالُ والجوابْ |
26 |
محاصرونَ أنتمُ بالحقدِ والكراهيهْ |
فمن هنا جيشُ أبي عبيدةٍ |
ومن هنا معاويهْ |
سلامُكم ممزَّقٌ.. |
وبيتُكم مطوَّقٌ |
كبيتِ أيِّ زانيهْ.. |
27 |
نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ |
نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ |
من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ |
من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ |
من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ |
من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ |
نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ |
ونطمسَ الحروفَ.. |
في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء.. |