عَفا ذو الغَضا مِن أُمِّ عَمروٍ فأقفَرا | وَغَيَّرَهُ بَعدي البِلى فَتَغَيَّرا |
وَبُدِّلَ أَهلاً غيرِها وَتَبَدَّلَت | بِهِ بَدَلاً مَبدىً سِواهُ وَمَحضَرا |
إِلى عَصَرٍ ثُمَّ استَمَرَّت نَواهُمُ | لِصَرفٍ مَضى عَن ذاتِ نَفسِكَ أَعسَرا |
وَكانَ اجتِماعُ الحيِّ حَتّى تَفَرَّقوا | قَليلاً وَكانوا بِالتَفَرُّقِ أَجدَرا |
بَل الزائِرُ المُنتابُ مِن بَعدِ شُقَّةٍ | وَطولِ ثَناءٍ هاجَ شَوقاً وَذكَّرا |
خَيالٌ سَرى مِن أُمِّ عَمروٍ وَدونَها | تَنائِفُ تُردى ذا الهِبابِ المُيَسَّرا |
طَروقاً وَأَعقابُ النُجومِ كأَنَّها | تَوالي هِجانٍ نَحوَ ماءٍ تَغَوَّرا |
فَقُلتُ لَها أُبي فَقَد فاتَنا الصِبا | وآذِنَ رَيعانُ الشَبابِ فادبَرا |
وَحالَت خُطوبٌ بَعدَ عَهدِكَ دونَنا | وَعَدّى عَن اللَهو العَداءُ فأقصَرا |
أُمورٌ وأَبناءٌ وَحالٌ تَقَلَّبَت | بِنا أَبطُنٌ يا أُمَّ عَمروٍ وأَظهُرا |
أُصِبنا بِما لَو أَنَّ رَضوى أَصابَها | لَسَهَّلَ مِن أَركانِها ما تَوعَّرا |
فَكَم وَجَدَت مَن آمنٍ فَهوَ خائِفٌ | وَذي نِعمَةٍ مَعروفَةٍ فَتَنَكَّرا |
بِأَبيَضَ يُستَسقى الغَمامُ بِوَجهِهِ | إِذا اختيرَ قالوا لَم يَقِل من تَخَيَّرا |
ثِمالِ اليَتامى يُبرِىءُ القَرحَ مَسُّهُ | وَشَهمٍ إِذا سيمَ الدِنيَّةَ أَنكَرا |
صَبورٍ عَلى مَكروهِ ما يَجشِمُ الفَتى | وَمُرٍّ إِذا يُبغى المَرارَةُ مُمقِرا |
مِنَ الرافِعينَ الهَمَّ لِلذِكرِ والعُلى | إِذا لَم يَنؤَ إِلا الكَريمُ ليُذكَرا |
وَريقٍ إِذا ما الخابِطونَ تَعالموا | مَكانَ بَقايا الخَيرِ أَن يَتأَثَّرا |
رُزينا فَلَم نَعثُر لِوَقعَتِهِ بِنا | وَلَو كانَ مِن حَيٍّ سِوانا لأعثَرا |
وَما دَهرُنا أَلَّا يَكونَ أَصابَنا | بِثِقلٍ وَلكِنَّا رُزينا لِنَصبِرا |
فَزالَ وَفينا حاضِروهُ فَلَم يَجِد | لِدَفعِ المَنايا حاضِرٌ مُتأَخَّرا |
كأَن لَم يَكُن مِنّا وَلَم نَستَعِن بِهِ | عَلى نائباتِ الدَهرِ إِلّا تَذَكُّرا |
وإِنّا عَلى غَمزِ المَنونِ قَناتَنا | وَجَدِّكَ حاموا فَرعِها أَن يُهَصَّرا |
بِجُرثومَةٍ في فَجوَةٍ حيلَ دونَها | سُيولُ الأَعادي خيفَةً أَن تَنَمَّرا |
أَبى ذَمُّنا إِنّا إِذا قالَ قَومُنا | بِأَحسابِنا أَثنوا ثَناءً مُحَبَّرا |
وَإِنّا إِذا ما الناسُ جاءَت قُرومُهُم | أتينا بقرم يَفرَعُ الناسَ أَزهَرا |
تَرى كُلَّ قَرمٍ يَتَّقيهِ مَخافَةً | كَما تَتَّقي العُجمُ العَزيزَ المُسَوَّرا |
وَمُعضِلَةٍ يُدَعى لَها مَن يُزيلُها | إِذا ذُكِرَت كانَت سَناءً وَمَفخَرا |
دَفَعتُ وَقَد عَيَّ الرِجالُ بِدَفعِها | وأَصبَحَ مِني مِدرَهُ القَومِ أَوجَرا |
أَخَذنا بِأَيدينا فَعادَ كَريهُها | مُخِفّاً وَمولىً قَد أَجَبنا لِنَنصُرا |
بِغَيرِ يَدٍ مِنهُ وَلا ظُلمِ ظالِمٍ | نَصَرناهُ لَمّا قامَ نَصراً مؤَزَرا |
فإِن نَنجُ مِن أَهوالِ ما خافَ قَومُنا | عَلينا فإِنَّ اللَهَ ما شاءَ يَسَّرا |
فإِن غالَنا دَهرٌ فَقَد غالَ قَبلَنا | مُلوكَ بَني نَصرٍ وَكِسرى وَقَيصَرا |
وآباؤنا ما نَحنُ إِلّا بَنوهُمُ | سَنَلقى الَّذي لاقوا حِماماً مُقَدَّرا |
وَعَوراءَ مِن قَولِ امرىءٍ ذي قَرابَةٍ | تَصامَمتُها وَلَو أَساءَ وَأَهجَرا |
كَرامَةَ حَيٍّ غيرَةً واصطِناعَةً | لِدابِرَةٍ إِن دَهرُنا عادَ اَزوَرا |
وَذي نَيرَبٍ قَد عابَني لينالَني | فأَعبى مَداهُ عَن مَدايَ فأَقصَرا |
وَكَذَّبَ عَيبَ العائِبينَ سَماحَتي | وَصَبري إِذا ما الأَمرُ عَضَّ فأَضجَرا |
وَإِني إِذا ما المَوتُ لَم يَكُ دونَهُ | مَدى الشِبرِ أَحمي الأَنفَ أَن أَتأَخَّرا |
وَأَمرٍ كَنَصلِ السَيفِ صَلتاً حَذَوتُهُ | إِذا الأَمرُ أَعيى مَورِدَ الأَمرِ مَصدَرا |
فإِن يَكُ دَهرٌ نابَني فأَصابَني | بِرَيبٍ فما تُشوي الحَوادِثُ مَعشَرا |
فَلا خاشِعٌ لِلنَّكبِ مِنهُ كآبَةً | وَلا جازِعٌ إِن صَرفُ دَهرٍ تَغَيَّرا |
وَقَد أَبقَتِ الأَيامُ مِنّي حَفيظَةً | عَلى جُلِّ ما لاقَيتُ وآسماً مُشَهَّرا |
فَلَستُ إِذا الضَراءُ نابَت بِجُبّاً | وَلا قصِفٍ إِن كانَ دَهرٌ تَنَكَّرا |