طَرِبتَ وأَنتَ أَحياناً طَروبُ | وَكيفَ وَقَد تعَلّاكَ المَشيبُ |
يُجِدّ النأَيُ ذِكرَكِ في فؤَادي | إِذا ذَهِلَت عَنِ النأي القُلوبُ |
يؤَرِّقُني اكتِئابُ أَبي نُمَيرٍ | فَقَلبي مِن كآبَتِهِ كَئيبُ |
فَقُلتُ لَهُ هَداكَ اللَهُ مَهلاً | وَخَيرُ القَولِ ذو اللُّبِّ المُصيبُ |
عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيتُ فيهِ | يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قَريبُ |
فَيأَمنَ خائِفٌ ويُفَكَّ عانٍ | وَيأَتي أَهلَهُ النائي الغَريبُ |
أَلا لَيتَ الرياحَ مُسَخَّراتٌ | بِحاجَتِنا تُباكِرُ أَو تَؤوبُ |
فَتُخبِرنا الشَمالُ إِذا أَتَتنا | وَتُخبِر أَهلَنا عَنّا الجَنُوبُ |
فإِنّا قَد حَلَلنا دارَ بَلوى | فَتُخطِئُنا المَنايا أَو تُصِيبُ |
فإِن يَكُ صَدرُ هَذا اليَومِ وَلّى | فإِنَّ غَداً لِناظِرِهِ قَريبُ |
وَقَد عَلِمَت سُليَمى أَنَّ عودي | عَلى الحَدَثانِ ذو أَيدٍ صَليبُ |
وأَنَّ خَليقَتي كَرَمٌ وأَنّي | إِذا أَبدَت نَواجِذَها الحروبُ |
أُعينُ عَلى مَكارِمها وَأَغشى | مَكارِهَها إِذا كَعَّ الهَيوبُ |
وأَنّي في العَظائِمِ ذو غَناءٍ | وأُدعى لِلفعالِ فأَستَجيبُ |
وأَنّي لا يَخافُ الغَدرَ جاري | وَلا يَخشى غوائِلي الغَريبُ |
وَكَم مِن صاحِبٍ قَد بانَ عنّي | رُميتُ بِفَقدِهِ وَهوَ الحَبيبُ |
فَلَم أُبدِ الَّذي تَحنوا ضُلوعي | عَليهِ وإِنَّني لأَنا الكَئيبُ |
مَخافَةَ أَن يَراني مُستَكيناً | عَدوٌ أَو يُساءَ بِهِ قَريبُ |
وَيَشمَتَ كاشِحٌ وَيَظُنَّ أَنّي | جَزوعٌ عِندَ نائِبَةٍ تَنوبُ |
فَبَعدَكَ سَدَّتِ الأَعداءُ طُرقاً | إِليَّ وَرابَني دَهرٌ يَريبُ |
وأَنكَرتَ الزَمانَ وَكُلَّ أَهلي | وَهَرَّتني لِغيبِتكَ الكَليبُ |
وَكُنتُ تُقَطَّعُ الأَبصارُ دوني | وإِن وَغِرَت مِنَ الغَيظِ القُلوبُ |
وَقَد أَبقى الحَوادِثُ مِنكَ رُكناً | صَليباً ما تؤَيِّسُهُ الخُطوبُ |
عَلى أَنَّ المَنيَّةَ قَد توافي | لِوَقتٍ والنوائِبُ قَد تَنوبُ
|