الإيثار: الفضيلة الغائبة السيد مراد سلامة : الخطبة الثانية
كاتب الموضوع
رسالة
ابو شنب المدير العام
عدد المساهمات : 10023 نقاط : 26544 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2015
موضوع: الإيثار: الفضيلة الغائبة السيد مراد سلامة : الخطبة الثانية الثلاثاء فبراير 28, 2017 6:42 pm
الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلوات الله وسلامه على خاتم المرسلين أحمده سبحانه وأتوب إليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحابته إلى يوم الدين. العنصر الخامس: إيثار الصحابة الأطهار: الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين -جيل فريد تخرج من أعظم جامعة عرفتها الدنيا انه تخرج من الجامعة المحمدية من رباهم النبي – صلى الله عليه وسلم - على عينه فنهلوا من معين أخلاقه وأفعاله – صلى الله عليه وسلم -. ضرب الصحابة أروع أمثلة الإيثار وأجملها، ومن يتأمل في قصص إيثارهم يحسب ذلك ضربا من خيال لولا أنه منقول لنا عن طريق الأثبات وبالأسانيد الصحيحة الصريحة. ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم: • عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه -((أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلّا الماء. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من يضمّ-أو يضيف- هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: ما عندنا إلّا قوت صبياني. فقال: هيّئي طعامك وأصبحي سراجك ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيّأت طعامها وأصبحت سراجها ونوّمت صبيانها، ثمّ قامت كأنّها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه أنّهما يأكلان فباتا طاويين فلمّا أصبح غدا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ضحك اللّه اللّيلة- أو عجب من فعالكما- فأنزل اللّه ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر:9]. إيثار منبعه الإيمان:
المال للرجل الكريم ذرائعٌ
يبغي بهن جلائل الأخطار
والناس شتى في الخلال وخيرهم
من كان ذا فضلٍ وذا إيثار
أقبل المهاجرون إلى المدينة لا يملكون من أمر الدنيا شيئاً، قد تركوا أموالهم وما يملكون خلف ظهورهم وأقبلوا على ما عند الله عز وجل يرجون رحمته ويخافون عذابه، فاستقبلهم الأنصار الذين تبوؤا الدار، وأكرموهم أيما إكرام ولم يبخلوا عليهم بشيء من حطام الدنيا بل قاسموهم الأموال والزوجات... في صورة يعجز عن وصفها اللسان، ويضعف عن تعبيرها البيان: • فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((لما قدم المهاجرون المدينة نزلوا على الأنصار في دورهم فقالوا: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم نزلنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أبذل في كثير منهم لقد أشركونا في المهنأ وكفونا المؤنة ولقد خشينا أن يكونوا ذهبوا بالأجر كله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم به عليهم)). • وهذا عبد الرحمن بن عوف ((لما قدم المدينة آخى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بينه وبين سعد بن الرّبيع الأنصاريّ وعند الأنصاريّ امرأتان فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال له: بارك اللّه لك في أهلك ومالك دلّوني على السّوق...)). إيثار... حتى عند الموت:
أُسد ولكن يؤثرون بزادهم
والأُسد ليس تدين بالإيثار
يتزين النادي بحسن وجوههم
كتزيُّن الهالات بالأقمار
أمة الإسلام: لقد ضرب صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم-ورضي الله عنهم-أروع الأمثلة في مواطن لا يتخيلها إنسان بل هي أروع من الخيال انه الإيثار عند الموت لنترككم مع المشهد و هو يلهب مشاعرنا. • يقول حذيفة العدويّ، انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي ومعي شيء من ماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحت به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم. فإذا رجل يقول آه. فأشار ابن عمّي إليّ أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو هشام بن العاص فقلت: أسقيك؟ فسمع به آخر فقال: آه. فأشار هشام: انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمّي فإذا هو قد مات. رحمة اللّه عليهم أجمعين • وفي غزوة اليرموك قال عكرمة بن أبي جهل: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن وأفر منكم اليوم ؟ ثم نادى: من يبايع على الموت ؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعا جراحا، وقتل منهم خلق منهم ضرار بن الأزور رضي الله عنهم... فلما صرعوا من الجراح استسقوا ماء فجيء إليهم بشربة ماء فلما قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر فقال: ادفعها إليه، فلما دفعت إليه نظر إليه الآخر فقال: ادفعها إليه، فتدافعوها كلهم من واحد إلى واحد حتى ماتوا جميعا ولم يشربها أحد منهم، رضي الله عنهم أجمعين. إيثار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لم يكن الإيثار في يوم من الأيام مقصورا على الرجال وإنما يوجد الإيثار حيث يوجد الإيمان لذا ضربت السيدة عائشة –رضي الله عنها أروع الأمثلة في الإيثار ولنذكركم بطرف من إيثارها. إيثارها- رضي الله عنها - عمر- رضي الله عنه - على نفسها: • لما طعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال لابنه عبدالله: (اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة رضي اللّه عنها- فقل: يقرأ عمر بن الخطّاب عليك السّلام، ثمّ سلها أن أدفن مع صاحبيّ. قالت كنت أريده لنفسي فلؤثرنّه اليوم على نفسي. فلمّا أقبل قال له: ما لديك؟ قال: أذنت لك يا أمير المؤمنين. قال: ما كان شيء أهمّ إليّ من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني، ثمّ سلّموا ثمّ قل: يستأذن عمر ابن الخطّاب فإن أذنت لي فادفنوني، وإلّا فردّوني إلى مقابر المسلمين). إيثارها الفقير على نفسها - ودخل عليها مسكين فسألها وهي صائمة وليس في بيتها إلّا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إيّاه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه؟ فقالت: أعطيه إيّاه. قالت: ففعلت. قالت: فلمّا أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا: شاة وكفنها. فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا، فهذا خير من قرصك). من إيثار السلف: • عن أبي الحسن الأنطاكيّ: أنّه اجتمع عنده نيّف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الرّيّ، ومعهم أرغفة معدودة لا تشبع جميعهم، فكسروا الرّغفان، وأطفئوا السّراج، وجلسوا للطّعام، فلمّا رفع فإذا الطّعام بحاله لم يأكل منه أحد شيئا، إيثارا لصاحبه على نفسه • قال عباس بن دهقان ما خرج أحد من الدنيا كما دخلها إلا بشر بن الحرث فإنه أتاه رجل في مرضه فشكا إليه الحاجة فنزع قميصه وأعطاه إياه واستعار ثوبا فمات فيه الدعاء.....
الإيثار: الفضيلة الغائبة السيد مراد سلامة : الخطبة الثانية