الخطبة الثانية
(التذكير بشيء من معالم العفة)
الحمد لله، الذي يجيب من دعاه، فيهدي من استهداه، ويرزق من رغب إليه ورجاه، ومن عاذ به عصمه وحماه، ومن استغفره وتاب إليه توبة نصوحاً تاب عليه، وفرح بتوبته واجتباه، ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولاه، وأصلاه جهنم وساءت مثواه.
أحمده سبحانه على عدله وحكمته، واسأله تبارك وتعالى أن يشملنا بواسع مغفرته، وأن يتغمدنا بفضله ورحمته.
وأشهد أن لا إله إلا الله فلا معبود بحق سواه، وقد خاب من عبد غير الله، وأشهد أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله ومصطفاه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
معشر المؤمنين اتقوا الله ممسين ومصبحين، واعلموا أن أوجب العفة الكف عن المحارم الجالبة للشر والمآثم، وذلكم بحفظ اللسان عن الخوض في الأعراض من القذف، والكذب، والبهت، والغيبة والنميمة، والشتم والسباب واللعن والدعاء على الناس بما ليسوا له بأهل، وحفظ الفرج عن الزنا واللواطة، والأنكحة المحرمة، ووسائل ذلك، فمن صفة المؤمنين أنهم عن اللغو معرضون، ولفروجهم حافظون، فلا يزنون ولا يسافحون ولا يخادنون، وقد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لمن حفظ ما بين لحييه وما بين رجليه الجنة، ولقد وعد الله تبارك وتعالى المتقين بالإنجاء من نار تلظى، ووراثة الجنات العلى.
أمة الإيمان:
وكذلكم من واجب العفة كف الجوارح والحواس عن المآثم بترك التعدي على حدود الله الملك الحق، والحذر والتخلي عن مظالم الخلق، والسلامة من الاستسرار بالخيانة، فإن المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، ولا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه، ومن غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا، ومن نقض عهد ولي الأمر، أو غدر بذمي أو معاهد فقد برئت منه الذمة، ولن يرح رائحة الجنة، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعاونين على الربا والرشوة والخمرة، وتوعد على الخيانة والغدرة وقطيعة الرحم، وسوء الحيرة وهجرة المسلم لأخيه لغير الدين، وأخبر أن هجرَ المسلمِ سَنةً كقتله.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
[1] خطبة الشيخ عبد الله بن صالح القصير -حفظه الله- بجامع الأمير فيصل بن محمد بن تركي آل سعود.