علم المياه والري
تعريف علم المياه والري
علم المياه أو الـ " هيدرولوجيا " هو علم يهتم بالمياه التي نجدها على سطح الكرة الأرضية وكذلك فوقها وتحتها، بتشكلها، بدورانه، وبتوزعها زمانياً ومكانياً، بخواصها البيولوجية، الفيزيائية والكيميائية وتفاعلها مع بيئاتها بما فيها الكائنات الحية.
أو هو علم يدرس العمليات التي تتحكم بتذبذبات المصادر المائية للسطوح الأرضية، ويهتم بالمراحل المختلفة للدورة الهيدرولوجية.
ويمكن أن يقال: إن علم المياه هو العلم الذى يدرس العمليات التى تحكم استنفاد وتجديد الموارد المائية لمساحات الأراضي، ويعالج المراحل العديدة لدورة الماء ( فى الطبيعة).
وجاء في كتاب " أبجد العلوم " باسم ((علم الريافة)) وهو: معرفة استبناط الماء من الأرض بواسطة بعض الأمارات الدالة على وجوده.
فيعرف بعده وقربه بشم التراب، أو برائحة النباتات فيه، أو بحركة حيوان مخصوص وجد فيه، فلا بد لصاحبه من حس كامل، وتخيل قوي شامل.
ونفع هذا العلم بيّن، وهو من فروع الفراسة من جهة معرفة وجود الماء والهندسة من جهة الحفر، وإخراجه إلى وجه الأرض. كتاب أبجد العلوم (2/ 310).
نبذة تاريخية:
نشأت الحضارات القديمة على ضفاف الأنهار التي وفرت المياه للزراعة، وزرع المصريون حوالي عام 5000 ق.م الأراضي التي تحولت بفعل فيضانات نهر النيل إلى مناطق خصبة. وحوالي عام 3000 ق.م شيدوا مجموعة من النظم التي احتوت على قنوات مُتقنة تنقل المياه من النيل إلى حقولهم. وشُيِّدت في ذلك الوقت أيضًا مشروعات ريٍّ ضخمة في كل من الصين والهند وجنوب غربي آسيا، وفي منطقة الشرق الأوسط مثل العراق والأردن.
استخدم الهنود في المكسيك وبيرو حوالي عام 800 ق.م مياه الأنهار لزراعة الذرة الشامية. ووجد الإسبان عند دخولهم هذه البلاد في القرن السادس عشر الميلادي، حضارات عظيمة معتمدة على الزراعة الإروائية، ويُقدر العلماء أن الهنود الأمريكيين قاموا بري آلاف الهكتارات من الأراضي قبل القرن السابع الميلادي، في المناطق التي تعرف اليوم بأريزونا الوسطى.
والماء هو المادة الأكثر شيوعًا على الأرض، ويغطي أكثر من 70% من سطح الأرض. يملأ الماء المحيطات، والأنهار، والبحيرات، ويوجد في باطن الأرض، وفي الهواء الذي نتنفسه، وفي كل مكان. ولاحياة بدون ماء، قال تعالى: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حيٍّ أفلا يؤمنون﴾ الأنبياء:30. كل الكائنات الحية (نبات، حيوان، إنسان) لابد لها من الماء كي تعيش. وفي الحقيقة فإن كل الكائنات الحية تتكون غالبًا من الماء، كما أن ثلثي جسم الإنسان مكون من الماء، وثلاثة أرباع جسم الدجاجة من الماء. كما أن أربعة أخماس ثمرة الأناناس من الماء. ويعتقد بعض علماء الطبيعة أن الحياة نفسها بدأت في الماء ـ في ماء البحر المالح.
ومنذ بداية العالم والماء يقوم بتشكيل تضاريس الأرض. فالمطر يهطل على اليابسة ويجرف التربة إلى الأنهار. ومياه المحيطات تلتطم بالشواطئ بقوة مُكسِّرة ومُحطمة للهُوات الصخرية على الشاطئ، كما أنها تحمل الصخور المحطمة وتبني رواسب صخرية حيثما تفرغ حملها، والمثالج تشق مجاري الوديان وتقطع الجبال.
ويحُول الماء دون تغيُّر مناخ الأرض إلى البرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة. وتمتص اليابسة حرارة الشمس وتطلقها بسرعة بينما تمتص المحيطات حرارة الشمس وتطلقها ببطء، ولهذا فإن النسيم القادم من البحر يجلب الدفء إلى اليابسة شتاءً والبرودة صيفًا.
كان الماء ـ ولا يزال ـ عصب الحياة، فقد ازدهرت الحضارات المعروفة حيثما كانت مصادر الماء وفيرة، كما أنها انهارت عندما قلت مصادر المياه. وتقاتل الناس من أجل حفرة ماء مشوب بالوحل، كما عبد الوثنيون آلهة المطر وصلَّوا من أجلها. وعلى العموم فعندما يتوقف هطول الأمطار فإن المحاصيل تذبل وتعُمُّ المجاعة الأرض. وأحيانًا، تسقط الأمطار بغزارة كبيرة وبصورة فجائية، ونتيجة لهذا فإن مياه الأنهار تطفح وتفيض فوق ضفافه، وتغرق كل ما يعترض مجراها من بشر وأشياء أخرى.
أهمية علم المياه والري
كل نبات وحيوان وإنسان بحاجة إلى الماء ليبقى حيًا؛ ذلك لأن كل العمليات الحيوية من تناول الطعام إلى التخلص من الفضلات تحتاج إلى الماء. لكن اعتماد الناس على الماء يتعدى حاجتهم للبقاء أحياء، فنحن نحتاج إلى الماء أيضًا في أسلوب ونمط معيشتنا، ونحتاج إليه في منازلنا للنظافة الشخصية وطبخ الطعام، وغسل الأطباق، ونحتاج إليه في مصانعنا لإنتاج كل شيء تقريبًا من السيارات حتى السحَّابات التي نستعملها في ملابسنا. ونحتاجه في عمليات الري لزراعة المحاصيل في المناطق التي لاتحظى بأمطار كافية.
نشأة علم الري:
في اليمن نشأت أول حضارة نهرية معروفة في تاريخ العالم تعتمد في زراعتها على الري، وفيها انتقل الإنسان من طور القنص والصيد إلى طور الفلاحة والزراعة التي تعتمد على الري، وكانت الخطوة الأولى عندما بدأ الإنسان اليمني باكتشاف سبل إيصال الماء إلى الأرض الزراعية، وفي تجاربه في شق الجداول والخزانات والسدود، نشأ علم الري في التاريخ، ومعه اشتهرت الحضارة النهرية. " موقع المؤتمر نت "
اهتمام الإسلام بعلم المياه والري:
لما خلق الله سبحانه و تعالى الأرض و السماء، وأراد أن يخلق الإنسان على هذه الأرض خلق له الماء الذي فيه قوام حياته و حياة من حوله من الكائنات الحية.قال الله عز وجل:
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) (الأنبياء).
و الماء هو مادة الحياة وإكسيرها السحري الذي بدونه لاستحالت الحياة على سطح هذا الكوكب.
و لقد ذكر الله تعالى الماء في القرآن الكريم منكراً " ماء " 33 مرة، وذكره مُعرَّفاً " الماء " 16 مرة.
وامتنَّ الله على المؤمنين أن أنزل عليهم الماء الذي فيه قوام حياتهم قال تعالى:
{9} هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْه شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُل الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {11} ِّ سورة النحل
ووصف الله الماء بأنه مبارك أي أنه كثير العطاء قال الله تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّات وَحَبَّ الْحَصِيدِ {9} سورة ق.
ٍوذكر الله تعالى أن إنزاله الماء من السماء، و إحياءه الأرض بعد موتها هو دليل و آية على وجود الله قال تعالى:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ والنهار والفلك الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّر ِبَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لقوم يعقلون {164} سورة البقرة، و قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْض بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {24} سورة الروم
َو امتن الله على الكافرين بأن جعل من الماء كل شيء حي قال تعالى:{29} أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ {30} سورة الأنبياء.
و ذكر الله الماء على أنه من نعيم الجنة، و أن أهل النار يُعذَّبون بحرمانهم منه؛ قال تعالى:{49} وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ {50} الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا
وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {51} سورة الأعراف
كما ذكر الله الماء على أنه جند من جنود الله ووسيلة لإهلاك الكافرين قال تعالى:
{39} حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ {40} وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {41} وَهِي تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَان فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ {42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِم الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَان مِنَ الْمُغْرَقِينَ {43} وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيل بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {44} سورة هود
و قال تعالى:"كذبت قبلهم قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ {9} فدعا ربه أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ {10} فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ{11} وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ {12}وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ {13} تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كان كفر {14} وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ {15} فَكَيْفَ كان عذابي وَنُذُرِ {16} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر" (سورة القمر).
و ذكر الله إحدى فوائد الماء و هي التطهير قال تعالى:
" إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْز الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ {11} سورة الأنفال، وقال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُوراً {48}"سورة الفرقان.
و أمرنا الله بالوضوء عند كل صلاة والاغتسال بالماء عند كل جنابة؛قال تعالى:"ياأيُهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغسلوا وجوهكم وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِط أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّه لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {6} سورة المائدة.
أهم إنجازات المسلمين في علم المياه والري
((جاء الحكم الإسلامي فنظم توزيع المياه بشكل قلَّ نظيره في أي قانون دولي، ولا تزال كتب الفقه الإسلامي تسهب في تفصيلات تنظيم المياه والسقي، وتحرم بعض فقراته استخدام مياه الجداول والأنهار الخاصة لأي غرض، ولو كان الوضوء للصلاة دون إذن من صاحبها الشرعي.
ولم يعرف العالم أزمة المياه إلا في العصور المتأخرة نتيجة الهدر المائي والتوزيع السيء لهذهِ الثروة، إضافة إلى الظروف المناخية التي ساعدت على تفاقم هذه الأزمة وانتشارها، واللافت للنظر في بحث المياه - كما سنرى - أنها شكلت أولى الحضارات في العالم؛ لتنتهي مناطق هذه الحضارات بنضوب هذه الثروة وحدوث ما يسمى بأزمة المياه.)) موقع النبأ
(( والمسلمون أول من أدخلوا شبكات المياه في مواسير الرصاص أو الزنك إلى البيوت والحمامات والمساجد.. وقد أورد كتاب "صناعات العرب " رسما وخرائط لشبكات المياه في بعض العواصم الإسلامية...)) موقع إسلام ست
توزيع الموارد المائية في الوطن العربي:
يقع حوالي 80% من المساحة الكلية للوطن العربي في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة التي تتسم بسقوط متذبذب للأمطار على مدار السنة، وبالتغير في كمياته من سنة إلى أخرى. وإذا كانت مساحة الوطن العربي تمثل 10.2% من مساحة العالم فإن موارده المائية لا تمثل سوى 0.5% من الموارد المائية المتجددة العالمية، كما لا يتجاوز معدل حصة الفرد العربي حاليا من الموارد المائية المتاحة، حدود 1000 متر مكعب سنوي، مقابل 7000 متر مكعب للفرد كمتوسط عالمي.
وتشير بعض المصادر إلى أن جملة الموارد المائية المتاحة (المتجددة) في الوطن العربي تقدر بما يقارب 265 مليار متر مكعب في السنة، تتوزع بين 230 مليارا كمياه سطحية و35 مليارا كمياه جوفية، بالإضافة إلى بعض المياه الناجمة عن إعادة استخدام المياه العادمة من الصناعة والصرف الصحي وتلك المتأتية من تحلية المياه المالحة.
ورغم ضعف مستوى حصة الفرد العربي من الماء في الوقت الحاضر فإن التنبؤات المستقبلية تشير إلى أن هذا المستوى سوف ينخفض إلى حدود 460م2 في السنة بحلول عام 2025، وأن أكثر من نصف الوطن العربي سيصبح تحت خط الفقر المائي (التقرير الاقتصادي العربي الموحد، 2001، ص 38). تضاف إلى ذلك احتمالات تناقص كميات المياه التي ترد من الخارج بسبب بعض الخلافات مع دول الجوار المشتركة معها في مصادر هذه المياه، والتي تمثل 50% من المياه المتاحة عربيا والواردة أساسا من نهر النيل ونهري دجلة والفرات ونهر السنغال.
وتتوزع المياه السطحية المتاحة في الوطن العربي كما يلي (حسب التقرير الموحد، 2001):
38.5% من مجموع المياه السطحية المتاحة عربيا في الإقليم الأوسط (مصر والسودان والصومال وجيبوتي).
37% منها في إقليم المشرق الغربي (الأردن وسوريا ولبنان والعراق وفلسطين).
19.7% في دول المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا).
4.8% في شبه الجزيرة العربية (اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي).
استخدامات الموارد المائية:
تقدر استخدامات المياه في الدول العربية بما يناهز 190.7 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يمثل نسبة 72% من مجموع الموارد المائية المتاحة. وتتوزع هذه الاستخدامات بين قطاع الزراعة بنسبة 87% والاستخدام المنزلي بنسبة 8% والاستخدامات الصناعية بنسبة 5%. وتعكس أهمية النسبة التي يستحوذ عليها قطاع الزراعة من جملة استخدامات المياه، ضرورة استعمال التقنيات المتطورة من أجل عقلنة وترشيد استخدام المياه في هذا القطاع.
وتعادل جملة الاستخدامات المائية في الزراعة في الوطن العربي 166.5 مليار متر مكعب في السنة، منها حوالي 157 مليارا تستخدم سنويا في الري السطحي. وتقدر كفاءة هذا النظام بـ 38% في السنة، مما يعكس أن نسبة مهمة من الموارد المائية تضيع هدرا وتسربا وتبخرا وتلوثا. ويُعزَى الهدْرُ في الموارد المائية إلى عدة عوامل من بينها: تدني مستوى كفاءة إدارة الموارد المائية، وتدني مستوى أو حتى فقدان الوعي المائي وما يرتبط به من إسراف وتبذير وتلويث للمياه، وتخلُّف مستوى التجهيزات والبنية التحتية في مجال استخدام المياه في أغلب الدول العربية بصورة عامة، واستخداماتها في الري بصورة خاصة.
وهنا نشير إلى ضرورة ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة عربيا والحاجة الملحة إلى العمل على توفير المزيد من هذه الموارد، وهو ما يستوجب تكافل الجهود العربية وتكاملها من أجل الحدِّ من سوء استغلال المياه المتاحة اللازمة لإنتاج زراعي يقابل الطلب على الغذاء في وطننا العربي. " موقع الجزيرة نت "
حقائق مهمة عن الماء: موقع الموسوعة العربية العالمية
ما كميات الماء على الأرض؟
هناك نحو 4،1 ألف مليون كم2 من الماء على الأرض. ويحوي الكيلو متر المكعب من الماء أكثر من 0،9 مليون مليون لتر من الماء.
ما مقدار الماء العذب على الأرض؟
3% فقط من الماء على الأرض ماء عذب، وحوالي ثلاثة أرباع هذا الماء العذب متجمد في المثالج والأغطية الثلجية. وُتقدر كمية الماء المتجمد هذا بما يعادل كميات الماء التي تجري في كافة أنهار الأرض لمدة ألف عام.
كم تحوي الكائنات الحية من الماء؟
تتألف الكائنات الحية غالبًا من الماء؛ فمثلاً يشكل الماء حوالي 65% من جسم الإنسان، 70% من جسم الفيل، 80% من درنة البطاطس، 95% من ثمرة الطماطم.
ما كمية الماء التي يستهلكها الفرد الواحد طوال حياته؟
متوسط ما يستهلكه الفرد الواحد من الماء طوال حياته نحو 60600لتر.
ما الصور المختلفة لوجود الماء؟
يُعتبر الماء المادة الوحيدة على الأرض التي يمكن وجودها بشكل طبيعي في ثلاث حالات: يوجد في الحالة السائلة، والصلبة (جليد) والغازية (بخار ماء).
مامقدار كمية الماء التي يستعملها الفرد الواحد يوميًا؟
في الأقطار المتقدمة يستعمل الفرد نحو 380 لترًا في المنزل يوميًا.
ما أكثر استعمالات الماء؟
يُستعمل الماء بكثرة في الصناعة، فهي تحتاج إلى نحو 300 لتر من الماء لإنتاج ورق نسخة واحدة من صحيفة يومية، وحوالي 170 لترًا من الماء لإنتاج كيلوجرام واحد من الفولاذ.
هل يأتي وقت ينفد فيه الماء تمامًا؟
يستعمل الماء ويعاد استعماله مرات ومرات ولايمكن أن ينفد بالاستعمال، ويحتوي كل كأس ماء نشربه على جزيئات من الماء استعملت سابقًا عددًا لايحصى من المرات.
تقرير عن أزمة المياه المعاصرة
توقع تقرير للأمم المتحدة أن تصل أزمة المياه العالمية إلى مستويات لم يسبق لها مثيل خلال السنوات المقبلة.
وحذر التقرير الذي أعدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) عشية منتدى الماء الثالث الذي عقد في كيوتو باليابان من التدهور المستمر في مصادر المياه بسبب نمو السكان وتلوث وتغيير مناخي متوقع.
و المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) كويتشيرو ماتسيرا: إنه "ما من منطقة ستفلت من تأثير هذه الأزمة التي تمس كل مظاهر الحياة من صحة الأطفال إلى قدرة الأمم على تأمين الغذاء لمواطنيها".
وأضاف أن "إمدادات المياه تنخفض فيما يتنامى الطلب بشكل مثير في نسبة غير قابلة للدعم على مدى السنوات الـ 20 المقبلة" محذرا من أن "المتوسط العالمي لمعدل نصيب الفرد الواحد من المياه سينخفض بمقدار الثلث".
وأنحى التقرير باللائمة إلى حد كبير على غياب الالتزام السياسي عالميا للتعامل مع هذه الأزمة بجدية، وللتوصل إلى حل ناجع يقلص النقص العالمي لإمدادات المياه "على الرغم من توافر أدلة واسعة على هذه الأزمة إلا أن الالتزام السياسي يتجه عكس ذلك".
وذكر التقرير أن "الموقف والمشاكل الأخلاقية تكمن في قلب الأزمة" إضافة إلى "القصور الذاتي في مستوى القيادة وسكان العالم لعدم إدراكهم التام لمقياس المشاكل مما يعني أننا نخفق في اتخاذ الإجراء التصحيحي المناسب المطلوب".
وقال التقرير: إن التحدي على مستوى عالمي "يكمن في رفع الارادة السياسية لتطبيق التزامات ذات علاقة بالمياه وما عدا ذلك ستظل المياه منطقة للخطابات السياسية والوعود العالية بدلا من أعمال مطلوبة جدا".
وحذر التقرير من أن هناك أكثر من 180 بلدا وأرضا تعيش في حالة من الازمة فيما يتعلق بشُحِّ إمدادات المياه، أو تجهيز الماء النظيف الصالح للشرب.
وصنف التقرير دولة الكويت على أنها فقيرة من ناحية توافر المياه إذ أن نصيب الفرد السنوي من المياه هو 10 أمتار مكعبة فقط يليها قطاع غزة ب (52 مترا مكعبا)، ودولة الامارات العربية المتحدة (58 مترا مكعبا)، وجزر الباهاما (66 مترا مكعبا)، ودولة قطر (94 مترا مكعبا)، وجزر المالديف (102 متر مربع)، وليبيا (113 مترا مربعا)، والمملكة العربية السعودية (118 مترا مربعا)، ومالطا (129 مترا مربعا)، وسنغافورة (149 مترا مربعا).
وذكر أن أغنى عشرة بلدان بالمياه هي غينيا الفرنسية وأيسلندا وجوانا وسورينام والكونغو وبابوا غينيا الجديدة والجابون وجزر سليمان وكندا ونيوزيلندا.
وحذر التقرير من أنه "في منتصف هذا القرن وفي أسوأ الاحوال سيواجه سبعة مليارات نسمة في 60 بلدا مشكلة ندرة الماء".
وأضاف أن تغيير المناخ يأخذ بالحسبان ما يقدر ب 20 في المائة من الزيادة في ندرة المياه العالمية بينما ستكون عملية إغراق النفايات عنصرا أساسيا يؤدي إلى تلوث الماء عالميا متوقعا أن تسوء الأزمة على الرغم من النقاش المستمر.
وبيَّن أن حوالي طنين من النفايات يتم التخلص منها يوميا عبر إلقائها في الأنهار والبحيرات والجداول مشيرا إلى أن لترا واحدا ملوثا من المياه القذرة يلوث حوالي ثمانية لترات من المياه العذبة.
ووفقا للتقرير فإن هناك نحو12 ألف كيلومتر مكعب من المياه الملوثة عالميا وهو أكثر من إجمالي كميات المياه التي تحتويها عشرة من أكبر أنهار العالم مشيرا إلى أن أنهار قارة آسيا هي الأكثر تلوثا.
وحذر من أنه إذا استمر الأمر من دون تغيير فإن العالم سيفقد بحدود 18 ألف كيلومتر مكعب من المياه العذبة بحلول عام 2050م.
وصنف التقرير نوعية المياه في بلدان كبلجيكا والمغرب والأردن والهند والسودان والنيجر وبوركينا فاسو وبوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى ورواندا على أنها الأدنى عالميا.
فيما اعتبر أن أفضل نوعية من المياه في العالم هي في بلدان كفنلندا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة واليابان والنرويج وروسيا والسويد وفرنسا.
وقال التقرير: إن "الفقراء يظلون هم الأكثر تضررا إذ أن 50 في المائة من سكان البلدان النامية يستخدمون مصادر المياه الملوثة".
وذكر أن ستة آلاف شخص معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة يموتون كل يوم بسبب أمراض الإسهال وهو الأمر الذي يصور فداحة المشاكل التي تواجه العالم في احترام مصادر المياه.
وحذر التقرير مجددا من أن "أكثر من 2ر2 مليون شخص يموتون سنويا نتيجة لأمراض متعلقة بتلويث المياه الصالحة للشرب، والتصريف السيىء لمياه المجاري".
وخلص تقرير (يونيسكو) إلى أنه فيما يتعلق بالنمو السكاني فإن "استهلاك المياه تضاعف تقريبا في السنوات الخمسين الأخيرة مما يشير إلى أن الطلب على الماء سيكون أكثر من الكميات المعروضة".
هذا وكانت الأمم المتحدة قد أقرت رسميا في 12 ديسمبر اعتماد سنة 2003 عاما دوليا للمياه الصالحة للشرب. ويأتي إقرار هذه السنة العالمية للمياه في وقت يحصل فيه توافق دولي على ضرورة التحرك لتجنب أن تتحول المياه إلى مصدر لصراعات المستقبل، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 1،2 مليار نسمة في العالم ليس لهم أي وصول إلى شبكات المياه الصالحة للشرب، والمقصود بالوصول إلى شبكات المياه، إمكانية الحصول يوميا على حوالي 20 لترا للشخص الواحد، وبالتنقل لمسافة لا تتجاوز كيلومتر واحد عن مكان الإقامة.
يضاف إلى ذلك أن أكثر من 2،4 مليار نسمة في العالم يعانون من عدم توفرهم على شبكات صرف المياه، مما يضاعف من أخطار الإصابة بأمراض كثيرة، وكون أن أكثر من 90% من مياه الصرف وأكثر من 70% من مياه المعامل تصرف بدون معالجة، يؤدي إلى ارتفاع تلوث البيئة ومصادر مياه الشرب.
وإذا كان أكثر من 70% من المياه المعدنية فوق الكرة الأرضية تسخر للزراعة، فإن الكمية المتبقية والمستعملة للشرب توزع بشكل غير عادل، إذ أن المواطن في البلدان المصنعة يستهلك يوميا ما بين 400 و500 لتر، بينما يستهلك الشخص في البلدان النامية معدلا لا يتجاوز 20 لترً.
ومن الفوارق الصارخة في هذا الميدان، كون المواطن في البلدان المصنعة يستهلك عند إطلاق صهريج دورة المياه مرة واحدة، ما يستهلكه يوميا شخص في البلدان النامية في شربه وغسيله وطهي طعامه وتنظيف ثيابه.
وقد تعهد قادة الدول في قمة الألفية عام 2000 في نيويورك بالعمل على تخفيض نسبة الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى مصادر المياه الصالحة للشرب إلى النصف بحلول عام 2015م، وكذلك بالنسبة للأشخاص غير المستفيدين من شبكات الصرف الصحي.
ولإنجاز ذلك، ترى الأوساط الأممية أن على المجموعة الدولية أن تضيف حوالي 14 مليار دولار لزهاء الـ 30 مليار دولار التي تنفق سنويا لتأمين المياه الصالحة للشرب ولشبكات الصرف الصحي في العالم.
ويعيش حاليا أكثر من 40% من سكان العالم في مناطق تعرف قلةً في الموارد المائية. وقد تصل هذه النسبة في عام 2025م إلى ثلثي سكان العالم أي حوالي 5،5 مليار نسمة. ومن المناطق المهددة بالدرجة الأولى، بلدان شمال إفريقيا وغرب وجنوب القارة الآسيوية.
و تحتل الدول العربية الصدارة في المناطق المهددة بنقص في المياه، سواء في شمال إفريقيا أو آسيا، فإنها تحتل الصدارة أيضا في قائمة الدول التي قد تعرف توترات بسبب تقاسم مصادر مائية مع بلدان أخرى.
ويكفي الإشارة إلى التوتر القائم بين لبنان وإسرائيل بخصوص نهر الليطاني، وكذلك الخلاقات القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين أو بين إسرائيل والأردن. كما أن ملف تقاسم المياه بين سوريا وتركيا والعراق لازال أحد أسباب التوتر في المنطقة.
وقد تم إحصاء أكثر من 261 مجرى مائي عابر لحدود أكثر من دولتين. وتشترك البحيرات والبحار في حدود أكثر من 145 دولة، كما أن هناك أنهارا تشترك فيها العديد من الدول مثل نهر النيل أو نهر الدانوب.
وعلى الرغم من أن الاشتراك في تقاسم المصادر المائية يُعَدُّ من أسباب التوتر الدولي الرئيسية، فإن عدد الصراعات التي نشبت فيها أعمال عنف بسبب المياه خلال الخمسين عاما الماضية لا تتعدى الخمسة والثلاثين. وللعثور على حرب حقيقية بسبب المياه في تاريخ الإنسانية يجب العودة إلى ما قبل 4500 عام، وكانت حول مياه دجلة والفرات.
ولمواجهة هذه التخوفات الحقيقية والمبالغ فيها عند الحديث عن المياه في العالم، سيتم التطرق خلال العام العالمي للمياه إلى كيفية الحفاظ على الموارد المائية، وتسخير التكنولوجيا للحد من تلوثها وتبخرها وحسن استغلالها إما للري أو للشرب، وهو ما تهدف الأمم المتحدة إلى إشراك الحكومات وممثلي المجتمع المدني وأصحاب القطاع الخاص في إثرائه.