الهندي راهول .. أسلم بسبب الصيام
يثير شهر رمضان الفضيل وما يتبعه من احتفالات بعيد الفطر، فضول واستغراب الكثيرين من غير المسلمين، ويستوقفهم للتفكير والسؤال عما يقوم به المسلمون في هذا الشهر من صوم وصلاة تراويح في المساجد، وتهجد حتى ساعات متأخرة من الليل، وتفقد لأحوال الفقراء والمعوزين، ومد يد المساعدة لهم أكثر من أي وقت آخر في السنة..
ثم ما يعقبه من فرحة وتهانٍ وتبادل للزيارات في عيد الفطر، ما يولد لديهم صورة إيجابية عن هذا الشهر وعن الصيام على وجه التحديد، تدفع بعضهم هذه الصورة إلى الرغبة في الصيام مع المسلمين على الرغم من أنهم لم يعتنقوا الإسلام بعدُ، لكنهم يريدون أن يجربوا هذا الصيام ويتعرفوا على سر القوة العجيبة التي يمتلكها المسلمون في البقاء ساعات طويلة خلال النهار بلا طعام أو شراب أو شهوة.
فضول محمود
الشاب الهندي راهول واحد من هؤلاء الذين أثارهم صيام المسلمين في شهر رمضان، حتى كان هذا الصيام سببًا في إسلامه..
عن قصته مع الإسلام، يقول راهول (26 سنة) -والذي اعتنق الإسلام منذ 9 أشهر-: "نشأت في أحضان عائلة تتبع الديانة الهندوسية كحال معظم أهل الهند الذين تتعدد آلهتهم على الرغم من أنهم يتبعون نفس الدين، فمنهم من يعتبر الأصنام إلهًا له، ومنهم من يعبد البقر وغيرها من الحيوانات، ومنهم من يعبد الشمس. وكبرت دون أن يلفت انتباهي أن هذا الدين وهذه الآلهة أغرقتني في بحر الشرك والكفر والضلال، حتى شاءت إرادة الله عز وجل أن أحظى بفرصة عمل في بلد عربي مسلم شهدت فيه الإسلام للمرة الأولى في حياتي، حيث عملت في سلطنة عمان لمدة 3 سنوات، كان لها أكبر الأثر في تغيير تفكيري وإبصاري للنور".
ويضيف: "بدأت القصة عندما اختلطت بأصدقائي في العمل، وعندما بدءوا يصومون في شهر رمضان الفضيل من العام الماضي، لفتوا انتباهي، فسألتهم لماذا تصومون؟ وماذا يعني الصوم؟ فأخذوا يجيبونني بجدية، ويوضحون لي أنهم مسلمون، وأنهم يصومون في شهر رمضان الفضيل حيث يعدُّ هذا الصيام عبادة يتقربون فيها إلى الله تعالى. واسترسلوا في حديثهم عن شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن؛ لذا وجب الإكثار من قراءة القرآن، وفعل الطاعات حيث تتضاعف الحسنات، وتغفر الذنوب والخطايا".
أعجب راهول بكلام أصدقائه الذي يسمعه لأول مرة في حياته، وشدَّه هذا الدين الذي يتحدثون عنه، وصار يرغب في الاستماع للمزيد، حتى قرر أن يصوم معهم من أجل أن يجرب الصيام، ويعرف ما يشعر به المسلم عندما يصوم.
اكتمال الصورة
يشير راهول إلى أنه ظل يصوم على مدار السنوات الثلاث التي عاشها في سلطنة عمان كلما أتى شهر رمضان الفضيل، وكان يعجب بأجواء العيد، ولم يتوقف عن البحث والسؤال والاطلاع على سلوكيات المسلمين وطبيعة حياتهم، فأعجب بصلاتهم في المسجد في وقت واحد 5 مرات كل يوم يقفون صفًّا واحدًا، لا فرق بين عربي أو أعجمي أو فقير أو غني، بل كلهم يتوجهون لربٍّ واحد يصلون له ويسألونه المغفرة والجنة.
كما أعجب بصوت الأذان الذي يشرح القلب ويسر الخاطر، وفي السياق ذاته يستطرد: "اكتملت الصورة لديّ وازدادت قناعاتي بالإسلام بعد أن قرأت القرآن، وتعرفت من خلاله على الصواب، ووجدت فيه إجابات على كل الأسئلة التي طالما دارت في ذهني: من هو الرب الذي يجب أن يعبد؟ وكيف يعبد؟ ولماذا خلقنا؟ وما هي الحياة التي تنتظرنا بعد الموت؟
كما أسهمت المحاضرات المسجلة على اليوتيوب لأحد الدعاة الهنديين الذين تركوا دينهم السابق، واعتنقوا الإسلام في زيادة قناعتي بالدين الإسلامي وبأنه الدين الصحيح"، خصوصًا أنه كان يعقد مقارنة مقنعة بين الدين الإسلامي وجميع الديانات الأخرى.
ويذكر راهول أنه سافر بعد ذلك إلى الهند لزيارة أهله، مصطحبًا معه مصحفًا بلغتهم، وطلب منهم أن يقرءوه قراءة متفحصة، وطلب من صديقه الهندي المسلم أن يعلِّمه كيف ينطق الشهادتين حيث شرح الله صدره للإسلام.
بعدها حظي بفرصة عمل في دبي، ليعيده الله سبحانه من جديد إلى بلد مسلم ليتعلم فيه أمور دينه الجديد، حيث توجه إلى دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري في دبي برفقة أحد أصدقائه، وحصل على شهادة اعتناق الإسلام وكتب تثقيفية، وحضر الكثير من المحاضرات التي علّمته الوضوء والطهارة والصلاة، وحفظ بعض السور القصار التي تعينه على الصلاة، ولا يزال يتعلم المزيد.
باب الريان
وردًّا على سؤال عما إذا كان الصيام بعد الإسلام يختلف عن قبله، فأجاب: "بالتأكيد يختلف، فعندما كنت أصوم قبل أن أسلم كان مجرد صوم عن الطعام والشراب، أما بعد الإسلام فصار صيام يتبعه دعاء وصلاة وصدقة وإحساس بالفقراء والمحتاجين، وترك للنوم في الليل من أجل التهجد في المسجد، والشعور بلذة الخضوع والذل لرب عظيم، حاشى أن يتمثل في صنم أو مخلوق".
ومن شدة حب راهول للصيام اختار لنفسه اسم "ريان" ليُدعَى به بعد الإسلام، على أساس أنه يذكِّره بـ"باب الريان" الذي أعدَّه الله عز وجل في الجنة لعباده الصائمين.