همس الحياه
همس الحياه
همس الحياه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همس الحياه

موقع اسلامى و ترفيهى
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول

 

 طبيعة الهجرة والمهاجرين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو شنب
المدير العام
المدير العام
ابو شنب


عدد المساهمات : 10023
نقاط : 26544
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/12/2015

طبيعة الهجرة والمهاجرين Empty
مُساهمةموضوع: طبيعة الهجرة والمهاجرين   طبيعة الهجرة والمهاجرين Emptyالجمعة مارس 04, 2016 4:29 pm

طبيعة الهجرة والمهاجرين
كانت فتنة المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فتنة الإيذاء و التعذيب، فلما أذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة؛ أصبحت فتنتهم في ترك وطنهم وأموالهم ودورهم وأمتعتهم، ولقد كانوا أوفياء لدينهم مخلصين لربهم، أمام الفتنة الأولى و الثانية، قابلوا المحن والشدائد بصبر ثابت وعزم عنيد.

وعندما أصدر الرسول صلى الله عليه وسلم أمره إلى المؤمنين بمكة أن يهاجروا جميعًا إلى المدينة المنورة، فخرج المسلمون أفرادًا وجماعات إلى هناك، وبدأت المدينة المنورة تستقبل المهاجرين الذين فروا بدينهم من مكة، وتوجهوا إلى المدينة، وقد تركوا من ورائهم الوطن وما لهم فيه من مال ومتاع، فتركوا الأمتعة والأثقال في مكة ليسلم لهم الدين، واستعاضوا عنها بالأخوة الذين ينتظرونهم في المدينة ليؤوهم وينصرونهم .

وهذا هو المثل الصحيح للمسلم الذي أخلص الدين لله عز وجل: لا يبالى بالوطن ولا بالمال في سبيل أن يسلم له دينه.

يقول الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72].

ثم إنه يستنبط من مشروعية هذه الهجرة حكمان شرعيان:

1- وجوب الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، ومثل دار الحرب في ذلك كل مكان لا يتسنى للمسلم فيه إقامة الشعائر الإسلامية من صلاة وصيام وجماعة وأذان، وغير ذلك من أحكامه الظاهرة.

وما يستدل على ذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء:98،97].

2- وجوب نصرة المسلمين لبعضهم مهما اختلفت ديارهم وبلادهم ما دام ذلك ممكناً، فقد اتفق العلماء والأئمة على أن المسلمين إذا قدروا على إنقاذ المستضعفين أو المأسورين أو المظلومين من إخوانهم المسلمين في أي جهة من جهات الأرض، ثم لم يفعلوا ذلك فهم آثمون.

وقصص المهاجرين كثيرة وعظيمة ولكن نقف على أربع قصص فقط تكشف لنا عن طبيعة الهجرة وعن طبيعة المهاجرين:

القصة الأولى : قصة هجرة آل سلمة رضي الله عنهم أجمعين:
كان أبو سلمة بن عبد الأسد رضي الله عنه من أوائل من هاجر كما كان رضي الله عنه من أوائل من أسلم، وكان هو وزوجته أم سلمة من قبيلة واحدة هي قبيلة بني مخزوم، ومع الشرف والمكانة والوضع الاجتماعي إلا أنهم تركوا كل ذلك، وانطلقوا إلى المدينة المنورة، ولكن بعد أن خرج الرجل وزوجته وابنهما سلمة لحقت بهم عائلة أم سلمة وقالوا لأبي سلمة: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه؟ علام نتُركُك تسير بها في البلاد؟ فغلبوه على زوجته فأخذوها، وبالطبع ترك معها ابنهما سلمة ثم انطلق هو وحيدا رضي الله عنه إلى المدينة المنورة؛ امتثالًا لأمر الهجرة إلى هناك.

أما السيدة أم سلمة رضي الله عنها فبعد أن هاجر زوجها جاء إليها أقارب زوجها، ومع أنهم من نفس القبيلة - قبيلة بني مخزوم - إلا أنهم قالوا: لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وجاء أقارب أم سلمة يدافعون عن الغلام الصغير، فأخذ الفريقان يتجاذبان الغلام حتى أصابوه بخلع في يده، ثم أخذه في النهاية أقارب أبي سلمة، وتركوا السيدة أم سلمة رضي الله عنها وحيدة في مكة، لقد هاجر زوجها إلى المدينة، وأُخذ ابنها الوحيد منها وبقيت بمفردها تحمل في قلبها كل هذه الآلام، فكانت رضي الله عنها تخرج كل يوم إلى الأبطح - حيث المكان الذي شهد مأساة التفريق بينها و بين زوجها وابنها- وتظل تبكي من الصباح إلى المساء، ثم تعود إلى بيتها آخر الليل، وظلت تفعل ذلك كل يوم، كم بقيت على هذه الحالة الأليمة؟!

لقد ظلت سنة كاملة أو قريبًا من سنة...

آلام رهيبة تحملتها السيدة العظيمة أم سلمة، وآلام رهيبة تحملها زوجها الجليل أبو سلمة وهو في ديار الغربة وحيدًا، وآلام رهيبة تحملها الطفل الصغير سلمة وهو معزول عن والديه، لا لشيء إلا لأنهما آمنا بالله رب العالمين، لكن هذا هو الطريق الطبيعي للجنة، وهذه هي الأثمان التي تشترى بها هذه الجنة، "أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ".

وبعد عام رقَّ قلبُ رجل من بني عم أم سلمة لحالها، فذهب إلى أهلها وقال لهم: ألا تطلقون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وولدها.

ومازال بهم حتى قبلوا، ثم ذهبت إلى أهل زوجها، فلما علموا أنها ستذهب إلى زوجها أعطوها الغلام، ورأت ابنها واحتضنته بشده بعد عام من الفراق، ثم ما استطاعت صبرًا على فراق زوجها، فما انتظرت أن يتوفر لها صحبه آمنة إلى المدينة، ولكنها أخذت ابنها سلمة، وانطلقت به بمفردها إلى المدينة، والمسافة تقترب من خمسمائة كـم، ولكنها قررت أن تقطع كل هذه الصحراء في سبيل الله.

وخرجت السيدة الكريمة أم سلمة مع ابنها تسرع في خطواتها إلى دار الهجرة، ولكن الله عز وجل الرحيم بعبادة سخر لها من يأخذ بها في صحبة آمنة من مكة إلى المدينة، سخر لها جنديًا من جنوده، وما يعلم جنود ربك إلا هو، لقد سخر لها رجلًا مشركًا، سبحان الله، رآها عثمان بن طلحة- وكان ما زال على شركه - وهى بالتنعيم على مسافة حوالي خمسة كيلو متر من مكة، فقال لها: إلى أين؟ فقالت: أريد زوجي في المدينة، قال: أوَ معك أحد؟ قالت: لا والله، إلا الله ثم ابني هذا، فتحركت النخوة في قلب الرجل المشرك، وأظهر مروءة عالية وقال لها: والله لا أتركك أبدًا حتى تبلغي المدينة، ثم أخذ بخطام ناقتها وانطلق يسحبها إلى المدينة وهو يسير على قدميه.

خمسمائة كيلو متر وعثمان بن طلحة يسير على قدميه ليصل بامرأة وحيدة من مكة إلى المدينة، وهو لا يرتبط معها بصلة قرابة، وهى وزوجها على دين يكرهه ويحاربه، لكنها النخوة والمروءة، ولما وصلوا إلى قباء قال عثمان لأم سلمة: زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة الله. فدخلت السيدة أم سلمة إلى المدينة، وعاد عثمان بن طلحة إلى مكة ماشيًا دون أن ينتظر كلمة شكر أو ثناء من زوج السيدة أم سلمة أو أحد المسلمين.

والحمد لله أن الله عز وجل قد منّ عليه بالإسلام في العام السابع من الهجرة، وإلا كنا قد حزنَّا حزنًا كبيرًا على بقاء مثل هذه الأخلاق الرفيعة في معسكر الكافرين.

القصة الثانية: هجرة صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه:
لم يكن صهيب رضي الله عنه من أهل مكة، ولم تكن له قبيلة تمنعه، وكان يعمل بصناعة السيوف، وكانت هذه الصناعة تدر عليه مالًا وفيرًا، ثم جاء القرار بالهجرة، فقرر صهيب رضي الله عنه أن يترك تجارته، ويتجه إلى المدينة ليبدأ حياة جديدة هناك، وعند خروجه وقف له زعماء الكفر بمكة، فقالوا له: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله لا يكون ذلك، هنا يفكر صهيب رضي الله عنه، يقول في نفسه: ما قيمة المال ولو كان مال الدنيا، إن أنا خالفت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أنا تخلفت عن صحبة المؤمنين، وإن أنا تركت العمل لله عز وجل؟!

وجد صهيب رضي الله عنه أن الثمن الذي سيدفعه زهيد للغاية بالقياس إلى ما سيحصله، لم يكن اختبارًا صعبًا على نفس صهيب، لقد قرر أن يشتري الجنة منذ زمن، وكلما مر عليه الوقت ازداد إصرارًا على قراره، قال لهم صهيب في بساطة: أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتخلون سبيلي؟

قالوا وقد سال لعابهم لثروة صهيب الطائلة: نعم

قال صهيب: فإني قد جعلت لكم مالي، وأعطاهم كل ما يملك، وهاجر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبلغ الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في يقين: "رَبِحَ صُهَيْبٌ، رَبِحَ صُهَيْبٌ".

ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صهيبًا قال مبشرًا له ومهنئًا: "رَبِحَ الْبَيْعَ أَبَا يَحْيَى، رَبِحَ الْبَيْعَ أَبَا يَحْيَى". وفيه وفى أمثاله نزل قول الله عز وجل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ} [البقرة:207].

القصة الثالثة: قصة هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
وهى قصة مختلفة جدًا عن هجرة بقية الصحابة، فبينما كان الصحابة عمومًا يهاجرون سرًا هاجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه جهرًا، لقد وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد الحرام وقال بصوت مرتفع: "يا معشر قريش، من أراد أن تثكله أمه، أو يُوتمَّ ولدُه، أو تُرَمَّل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".

يقول هذا الكلام وهو متقلد سيفه، وفي يده الأخرى عدة أسهم، فلم يخرج خلفه أحد، وهكذا هاجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه علانية...

لماذا هاجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه جهرًا بينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه سرًا كما سنرى بعد ذلك؟

الواقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرع، وسوف يتبعه في طريقته عموم المسلمين سواء في زمان مكة أو في الأزمان التي ستلي ذلك إلى يوم القيامة، وعموم المسلمين لا يطيقون ما فعله عمر رضي الله عنه، وليس مطلوبًا منهم ذلك، إنما المطلوب هو الحذر والاحتياط والأخذ بالأسباب الكاملة لضمان سلامة الهجرة، فعملية الهجرة في حد ذاتها ليست هدفًا، إنما الهدف هو الوصول إلى المدينة لإقامة الدولة هناك، فيجب الأخذ بكل الأسباب لتجنب كل المعوقات لإقامة هذه الدولة، ولو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علانية لأصبح لزامًا على كل المسلمين أن يخرجوا علانية، وهذا ليس من الحكمة.

ومع ذلك فهجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذه الصورة لم تكن مخالفة شرعية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه هذه الطريقة في الهجرة، وكانت هذه الطريقة وسيلة من وسائل إرهاب أهل الباطل، وقام بها الذي يملك من البأس والقدرة ما يرهب به أعداء الله، وإرهاب أعداء الله أمر مطلوب شرعًا، ونتائجه عظيمة على الدعوة، وأمرنا الله عز وجل به في كتابه فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:60].

وقد وقعت الرهبة فعلًا في قلوب الكافرين، فلم يخرج خلفَ عمر أحدٌ، بل أكثر من ذلك لقد هاجر مع عمر رضي الله عنه عشرون من ضعفاء الصحابة، وما استطاع أحد من المشركين أن يقترب منهم، وصدق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ يقول: إن إسلام عمر كان فتحًا، وإن هجرته كانت نصرًا، وإن إمارته كانت رحمة.

القصة الرابعة: هجرة عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه:
وكان عياش بن أبي ربيعة ممن هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعياش بن أبي ربيعة هو أخو أبي جهل من أمه، وبعد أن وصل عياش إلى المدينة علم أبو جهل بهجرته، فماذا فعل أبو جهل؟

لقد أخذ أخاهم الثالث الحارث بن هشام وانطلق إلى المدينة المنورة، سفر بعيد ( خمسمائة كيلو متر ) وعملية خطرة، ومجازفة كبيرة، وبذل ومجهود وعرق ووقت {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء:104].

وصل أبو جهل إلى قباء والتقى بأخيه عياش بن أبي ربيعة في وجود عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال أبو جهل: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك، فرقَّ لها عياش، وكان بارًا جدًا بأمه.

فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا عياش، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك، فاحذرهم، فوالله لو آذى أمك القمل لامتشطت، ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فقال عياش (وقد خُدِع بكلام أخويه): أبر أمي، ولي مال هناك آخذه.

فقال عمر: خذ نصف مالي ولا تذهب معهما.

ولكن أبى عياش إلا أن يعود ليبر قسم أمه.

فقال له عمر: أما إذا قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها.

وخرج عياش وأخواه أبو جهل والحارث بن هشام إلى مكة، حتى إذا ابتعدوا عن المدينة دبر الأخوان الكافران خدعة وأمسكا بعياش وقيداه بالحبال، ودخلوا به مكة موثقًا، ثم قالا لأهل مكة: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا.

وحُبِس عياش بن أبي ربيعة فترة من الزمان، ولم ينجُ إلا بعد أن أرسل له رسول الله أحد الصحابة وهو الوليد بن الوليد لإنقاذه في مغامرة رائعة.

كانت هذه بعض النماذج لهجرة بعض الصحابة من مكّة إلى المدينة، وواضح أن الأمر لم يكن بسيطًا، بل كانت الهجرة تعني البذل والعطاء والتعب والنصب، كان في الهجرة خطورة كبيرة على معظم المهاجرين، وفوق ذلك فهم يهاجرون إلى المجهول، فكل الصحابة لم يذهبوا قبل ذلك إلى المدينة المنوّرة، ولا يعرفون أهلها ولا طباعهم، ولم يلتقوا باليهود من قبل - وهم موجودون بأعداد كبيرة في المدينة - غير أن المسلمين يعلمون عنهم أنهم قوم سوء وأهل مخالفة لأنبياء الله ورسله، كما أنهم أهل حرب وقتال وقوتهم الاقتصادية لا يستهان بها.

كل هذا كان يصعب من الهجرة، ولكنها كانت خطوة لا بد منها - على خطورتها - لبناء الأمة الإسلاميّة، وهكذا هاجر المسلمون من مكّة، وقد هاجر معظم المسلمين الذين استطاعوا الهجرة في شهري المحرم وصفر من السنة الرابعة عشرة من النبوة، أي بعد بيعة العقبة الثانية بشهر واحد أو أقل، ولم يبقَ في مكّة إلا ثلاثة فقط؛ رسول الله ، وأبو بكر الصّدّيق t وعائلته، وعلي بن أبي طالب t، وكان بقاء أبي بكر وعلي رضي الله عنهما بأمر من رسول الله .

وحُبِس عياش بن أبي ربيعة فترة من الزمان، ولم ينج إلا بعد أن أرسل له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة وهو الوليد بن الوليد لإنقاذه في مغامرة رائعة.

كانت هذه بعض النماذج لهجرة بعض الصحابة من مكة إلى المدينة، وواضح أن الأمر لم يكن بسيطًا، بل كانت الهجرة تعني البذل والعطاء والتعب والنصب، كان في الهجرة خطورة كبيرة على معظم المهاجرين، وفوق ذلك فهم يهاجرون إلى المجهول، فكل الصحابة لم يذهبوا قبل ذلك إلى المدينة المنورة، ولا يعرفون أهلها ولا طباعهم، ولم يلتقوا باليهود من قبل- وهم يتواجدون بأعداد كبيرة في المدينة- غير أن المسلمين يعلمون عنهم أنهم قوم سوء وأهل مخالفة لأنبياء الله ورسله، كما أنهم أهل حرب وقتال وقوتهم الاقتصادية لا يستهان بها.

كل هذا كان يصعب من الهجرة، ولكنها كانت خطوة لا بد منها ـ على خطورتها ـ لبناء الأمة الإسلامية، وهكذا هاجر المسلمون في مكة، وقد هاجر معظم المسلمين الذين استطاعوا الهجرة في شهري المحرم وصفر من السنة الرابعة عشر من النبوة أي بعد بيعة العقبة الثانية بشهر واحد أو أقل، ولم يبق في مكة إلا ثلاثة فقط؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وعائلته، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان بقاء أبي بكر وعلي رضي الله عنهما بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

القلق يغزو قريشًا:
أما قريش فإنها كانت ترقب الموقف على وجل، فإنها تُفاجَأ كل يوم بهجرة رجل أو رجلين أو عائلة، بل إن بعض الفروع من القبائل قد هاجرت بكاملها، وخلت كثير من ديار مكّة من سكانها، وقد أثر ذلك في قريش وزعمائه، فما منهم من أحد إلا وله قريب أو ابن مهاجر مما مزقهم بين الحب الفطريّ لأبنائهم وأقاربهم، وبين كراهيتهم وتغيظهم على هذا الدين الذي تسبب في هذا الفراق - من وجهة نظرهم، وإلا فإن جهلهم وعنادهم هو السبب في كل ما يحدث - كما أن انتشار الإسلام في الجزيرة سيسلب قريشًا زعامتها التي تكتسبها من رعايتها للكعبة؛ لأن الإسلام أيضًا يدعو لتعظيم البيت الحرام، كما سيقضي على تجارة بيع الأصنام والخمور وعلى الربا والبغاء.

ولم يكن يخفى على قريش أن الهجرة تمت إلى المدينة المنوّرة، بدليل ذهاب أبي جهل لإرجاع أخيه عياش بن أبي ربيعة من هناك، ولم تكن هجرة المؤمنين راحةً لأهل مكّة المشركين، أبدًا، كان المشركون يدركون أن المسلمين يهاجرون لبناء أمة مسلمة في المدينة المنوّرة، ولو تمَّ ذلك فلا شك أنهم سيعودون إلى مكّة، لا لمجرد السكن فيها، ولكن لحكمها، ووقت يحكمونها فلن يقبلوا أن يظل العرب وغيرهم يتحاكمون إلى( هُبَل) وسدنته، بل سيُحكِّمون رب العالمين كما علمهم رسول الله طوال ثلاثة عشر عامًا قضاها في مكّة لهذا الغرض.

ولذلك كان المشركون في أشد حالات اضطرابهم وقلقهم. أضف إلى ذلك علم أهل قريش ببأس الأوس والخزرج، وأنهم من أهل القتال وأن المدينة حصينة جدًّا، وأن المدينة تقع على طريق القوافل التجارية لأهل قريش والمتجهة من وإلى الشام، ومن ثَمَّ فإن المدينة تستطيع أن تخنق مكّة اقتصاديًّا، وكانت مكّة تتاجر بربع مليون دينار من الذهب سنويًّا مع الشام في رحلة الشتاء، وفوق كل ذلك فالطامَّة الكبرى لو آمنَ اليهود، وانضمت قوتهم إلى قوة المسلمين، وقد كان اليهود ذوي قوة كبيرة عسكريًّا وماديًّا، والعقل كان يرجح إسلام اليهود؛ لأنهم أهل كتاب ويؤمنون بالأنبياء، غير أن اليهود لا عقل لهم.

كل هذه الأمور جعلت أهل قريش في حيرة من أمرهم، وقد علموا أنه كلما مرَّ الوقت اقتربت ساعة الصفر التي سيغزو فيها المؤمنون مكّة، لكن زعماء قريش كانوا يدركون أيضًا أن ساعة الصفر هذه لن تكون إلا بعد أن يهاجر رسول الله إلى المدينة المنوّرة، ويوحّد صفوفه، ويجهّز جيوشه، ثم يأتي من جديد إلى مكّة. إذن فحجر الزاوية في الموضوع هو رسول الله ، والوسيلة الوحيدة لوقف خطر المؤمنين الداهم هو السيطرة على رسول الله ، ولكن كيف ورسول الله من بني هاشم القبيلة العزيزة الشريفة؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://help.forumcanada.org
 
طبيعة الهجرة والمهاجرين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» طبيعة الهجرة وطبيعة المهاجرين
» ما هي الهجرة
» دروس من الهجرة
» خريطة الهجرة
» علي بن أبي طالب بطل الهجرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
همس الحياه :: المنتدى : الإسلامى العام :: قسم : السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: